فيليب لام: غوارديولا... قائد أوركسترا يحصل على أفضل ما في كل آلة موسيقية

أسطورة بايرن السابق يصف كيف يبني المدرب الإسباني خططه على المهارات والإمكانات الفردية للاعبيه

فيليب لام: غوارديولا... قائد أوركسترا يحصل على أفضل ما في كل آلة موسيقية
TT

فيليب لام: غوارديولا... قائد أوركسترا يحصل على أفضل ما في كل آلة موسيقية

فيليب لام: غوارديولا... قائد أوركسترا يحصل على أفضل ما في كل آلة موسيقية

فيليب لام، أحد النقاد الرياضيين في صحيفة «الغارديان» والذي حقق عدداً كبيراً من الألقاب عندما كان لاعباً، مع فريقه بايرن ميونيخ والمنتخب الألماني، يكتب هنا عن المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا والذي لعب تحت قيادته في بايرن ميونيخ:
أتذكر الكثير عن المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، الذي قال لي ذات مرة «إنني أختار أفضل تشكيلة لدي في المباريات المهمة». ويتعين علينا أن نمعن النظر في هذه الجملة؛ لأنها تلقي الضوء على جوهر ما تدور حوله كرة القدم، وهو الإمكانات الفردية للاعبين، فغوارديولا مدير فني قدير، ويحب أن يمتلك لاعبوه مهارات وقدرات هائلة. ويسعى بعض المديرين الفنيين لتقليل تعقيد كرة القدم، لكن غوارديولا يريد إتقان التعامل مع هذا التعقيد. ويمكن للمرء أن يشبه ما يقوم به غوارديولا بلاعب الشطرنج المحترف الذي يحرك قطع اللعبة بمنتهى البراعة، أو بقائد أوركسترا يحصل على أفضل ما في كل آلة موسيقية. لكن الاختلاف الوحيد هو أن فريق كرة القدم لا يلعب وفقاً لملاحظات موسيقية معينة، وأن مسارات لاعب كرة القدم أكثر تنوعاً من تلك التي تتبعها قطع الشطرنج. وبالتالي، من الصعب للغاية أن تتوقع ما سيقوم به لاعبو الأندية التي يتولى غوارديولا تدريبها داخل الملعب، بل ومن الصعب وصف ما يقومون به أيضاً.
إن أي مدير فني رائع يعرف بسرعة ما يمكن أن يقدمه كل لاعب من لاعبيه داخل المستطيل الأخضر، ثم يخبر كل لاعب بنقاط قوته ونقاط ضعفه، إلى جانب نقاط قوة وضعف المنافسين. ويعمل هذا المدير الفني على تطوير القدرات الفردية لكل لاعب من لاعبيه كل يوم. وفي الحقيقة، يقوم غوارديولا بكل هذا بشغف لم أشهده من قبل في أي شخص آخر، بل ويفعل ذلك أيضاً مع اللاعبين الذين لا يشاركون بشكل مستمر في المباريات، وهو الأمر الذي يعطي المدير الفني الإسباني سلطة مطلقة ويجعل لاعبيه يشعرون بثقة هائلة فيه.
من المؤكد أن أي فريق يحتاج إلى المساعدة، خاصة أثناء المباريات، لكن غوارديولا لا يتوقف عن تدريب لاعبيه بكل حماس ونشاط، وبالتالي يتمكن من قيادة فريقه للفوز في المباريات. ويتأثر اللاعبون البارزون، مثل كيفن دي بروين، كثيراً بأفكار غوارديولا وينقلونها إلى اللاعبين الآخرين. وعلاوة على ذلك، ساعد غوارديولا لاعباً مثل المدافع الإنجليزي كايل ووكر – الذي لا يعد من نوعية اللاعبين الذين يفضلهم غوارديولا من حيث التحرك والتنظيم داخل الملعب – على أن يكون أفضل وأفضل. ويثبت غوارديولا أنه مخلص للجميع، كما أنه يعطي الأمن والأمان للجميع.
ويجب أن نشير إلى أن النجم الألماني إلكاي غوندوغان من نوعية اللاعبين الذين يفضلهم غوارديولا طوال الوقت؛ نظراً لأنه يلعب دائماً من أجل مصلحة الفريق ولا يتوقف عن تقديم الدعم لزملائه داخل الملعب، كما أنه يتصرف دائماً بشكل صحيح، ويركض بشكل مثالي ويقوم بواجباته الدفاعية والهجومية على النحو الأمثل. وعلاوة على ذلك، فإنه يعرف جيداً متى يحتفظ بالكرة ومتى ينطلق بكل قوة نحو منطقة الجزاء. إنه يعرف في أغلب الأحيان أين ستنتهي الهجمة، وهذا هو السبب الذي يجعله يسجل الكثير من الأهداف. يحتاج غوارديولا إلى مثل هذه النوعية من اللاعبين. ويستفيد غوندوغان بشكل خاص من مديره الفني؛ لأنه يستوعب ويستمتع بالطريقة التي يعتمد عليها غوارديولا.
كل هذا يجعل الفريق يلعب كوحدة واحدة. في الحقيقة، يمكن لأي شخص أن يتعرف بسهولة وعلى الفور على الفرق التي يتولى غوارديولا تدريبها، حتى لو كانت الصور التلفزيونية عبارة عن مجرد لقطات بالأبيض والأسود، حيث يركض اللاعبون كثيراً وبشكل سلسل، ويمررون الكرات القصيرة كثيراً، ويتحركون بشكل رائع داخل منطقة الجزاء، وينجحون في مراوغة المنافسين والمرور منهم بسهولة، كما أن الفريق ينطلق للأمام كوحدة واحدة ويدفع اللعب بالكامل في نصف ملعب الفريق المنافس. إنه ليس شيئاً يمكن للمدير الفني تحقيقه ببساطة عن طريق إصدار تعليمات للاعبيه في غرفة خلع الملابس، بل يتعين عليه العمل بكل قوة كل يوم حتى يتمكن اللاعبون من تطبيق ذلك عمليا داخل الملعب.
وعندما تولى غوارديولا القيادة الفنية لمانشستر سيتي في عام 2016، أعاد بناء الفريق بالكامل. وبعد أن كان الفريق يحتل المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم السابق، قاده غوارديولا للفوز بلقب الدوري مرتين، قبل أن يحتل المركز الثاني في جدول الترتيب. والآن، عاد الفريق إلى القمة مرة أخرى ويغرد بعيداً عن باقي المنافسين. ويجب الإشارة إلى أن الأندية التي يتولى غوارديولا تدريبها لا تنخفض أبداً عن مستوى معين.
وبالنسبة للأندية الإنجليزية، فإن الدوري الممتاز هو المنافسة الحاسمة على أي حال، وهو البطولة التي تتدفق فيها الأموال بشكل كبير، وبالتالي تكون المنافسة شرسة للغاية. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الأندية الإنجليزية تشكل أكثر من نصف الأندية الـ11 الأعلى دخلا في العالم. كما أن كل نادٍ من أفضل ستة أو ثمانية أندية إنجليزية يضم على الأقل ثلاثة أو أربعة لاعبين من الطراز العالمي، وهو أمر فريد من نوعه لا يوجد في باقي الدوريات الأخرى.
وخلال السنوات العشرة الماضية، تمكنت خمسة أندية مختلفة من الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن مانشستر سيتي بقيادة غوارديولا كان الفريق الوحيد الذي تمكن من الاحتفاظ باللقب والفوز بالدوري مرتين متتاليتين خلال هذه الفترة، عندما فعل ذلك في عام 2019. وعلاوة على ذلك، قاد غوارديولا مانشستر سيتي للفوز بخمسة من أصل 10 كؤوس محلية.
لكن لكي تفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، فإنك تحتاج إلى قليل من الحظ، سواء في القرعة أو في مباريات خروج المغلوب. وغالباً ما تكون الأندية العشرة الكبرى في أوروبا متواجدة في دور الستة عشر للبطولة كل عام. وإذا لم يكن جميع اللاعبين الكبار لائقين وجاهزين من الناحيتين الفنية والبدنية في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، فسوف يكون الأمر صعبا. كما أن اللاعبين الموهوبين يلعبون دوراً مهماً للغاية. ففي برشلونة، كان لدى غوارديولا أربعة أو خمسة لاعبين يمكن وضعهم في التشكيلة المثالية لأفضل اللاعبين في العالم. لكن ليس لديه هذا العدد من اللاعبين العالميين في مانشستر سيتي، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة التي يضخها النادي لتدعيم صفوف الفريق بلاعبين جدد.
وكما ذكر غوارديولا ذات مرة، لا يزال اللاعبون المذهلون مثل كيليان مبابي ونيمار يفضلون اللعب في المدن الكبرى مثل لندن وباريس أو الأندية ذات التاريخ العريق. وإذا ما قارنا مانشستر سيتي بغيره من الأندية الكبرى في أوروبا، فإنه لا يكون الأوفر حظاً للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، خاصة بعد ابتعاد مهاجمه الأبرز سيرجيو أغويرو عن الكثير من المباريات وتراجع مستواه بسبب الإصابات التي لحقت به في الآونة الأخيرة. قبل أن يعود وعود معه تألقه أمام كريستال بالاس.
وإذا كنا لا نزال نضع في الاعتبار وصول غوارديولا للقمة مع برشلونة الإسباني، فإننا نرى أيضاً أنه يتكيف بشكل رائع مع الظروف المختلفة للأندية التي يتولى تدريبها. لقد كان برشلونة يضم كوكبة من اللاعبين الرائعين، الذين كان يمكنهم حسم نتيجة أي مباراة، وقد فاز هذا الفريق بدوري أبطال أوروبا في عامي 2009 و2011 تحت قيادة غوارديولا، وكان قادراً على «خنق» أي منافس مهما كانت قوته. لقد كان هذا الأسلوب ممكناً لأن النادي بأكمله يطبق أفكار يوهان كرويف فيما يتعلق بـ«الكرة الشاملة».
ويرى غوارديولا نفسه امتداداً لهذه الأفكار، فهو يتمنى أن يضم فريقه 11 لاعباً مثل اللاعب الإسباني السابق أندريس إنييستا. لكن في الأندية الأخرى، يتكيف غوارديولا مع الظروف القائمة ويقدم بعض التنازلات بمثاليته المعهودة. ففي بايرن ميونيخ كان يجعل النجمين فرانك ريبيري وأرين روبن يلعبان على الأطراف، على أن يتحرك ظهيراً الجنب إلى العمق لمساعدة الفريق على السيطرة على وسط الملعب والاستحواذ على الكرة.
لكن في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يتميز بالمنافسة الشرسة بين عدد كبير من الأندية، لم يتمكن غوارديولا من تحقيق المستوى نفسه من السيطرة التي كان يتمتع بها مع برشلونة وبايرن ميونيخ. والآن، يهتم مانشستر سيتي أكثر بالنواحي الدفاعية، ويعتمد على مدافعين أقوياء يجيدون ألعاب الهواء. وفي بعض الأحيان، يترك الفريق الكرة للفريق المنافس ويعود للخلف ويدافع من داخل منطقة الجزاء من أجل أن يلتقط اللاعبون أنفاسهم لبعض الوقت قبل أن يعودوا لشن الهجوم الشرس مرة أخرى.
لقد أدرك أيضاً أهمية إحراز الأهداف البسيطة من الركلات الركنية أو من التسديدات بعيدة المدى، وأدرك أيضاً أن هذه الأهداف جذابة ورائعة وليست مملة. باختصار، لم يعد غوارديولا يعتمد فقط على النقلات السريعة فيما يعرف بـ«التيكي تاكا». وبدلاً من ذلك، يعمل غوارديولا على تطوير قدرات لاعبيه الدفاعية والهجومية على حد سواء. لقد كنت ألعب كمدافع لكنني كنت أجيد القيام بالمهام والأدوار الهجومية، وربما يكون هذا هو السبب في أنني تعايشت بشكل جيد مع غوارديولا. وتحت قيادة غوارديولا، ينظم مدافعو مانشستر سيتي الأمور الدفاعية بشكل أكثر دقة. وحتى جيروم بواتينغ قال إن غوارديولا علمه دروساً مهمة للغاية. إننا كلاعبين في بايرن ميونيخ قد تعلمنا الكثير والكثير من غوارديولا، سواء في النواحي الفردية أو الجماعية.
ويتعين على جميع اللاعبين الذين يلعبون تحت قيادة غوارديولا أن يلعبوا من أجل مصلحة الفريق وأن يساعدوا بعضهم بعضاً داخل المستطيل الأخضر. ووصل الأمر لدرجة أن غوارديولا «يخترع» مراكز داخل الملعب للاعبين الاستثنائيين، وهو ما حدث بالضبط مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي تحول إلى أسطورة تحت قيادة غوارديولا، عندما أعاد تغيير مركزه حتى يكون أقرب من المرمى. ويدرك غوارديولا جيداً أن اللاعبين الكبار هم من يحسمون المباريات الكبيرة، كما يعرف أن الإبداع داخل الملعب أهم من الخطط الفنية. إن كرة القدم التي يقدمها غوارديولا تعتمد على النواحي الفردية للاعبين. وبالتالي، يشيد غوارديولا بلاعبيه ولا يرفع نفسه ولا طرق اللعب التي يعتمد عليها – سواء 4 - 3 - 3 أو 3 - 5 - 2 - فوق لاعبيه!



من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.