ناشط تركماني: «داعش» يحتجز 450 من أهلنا ويتاجر بنسائنا ويفخخ أطفالنا

قال إن الحكومة التركية التي تدعي حمايتنا لم تقدم لنا شيئًا

نازحات عراقيات مع أطفالهن في مخيم خارج بغداد أمس (أ.ب)
نازحات عراقيات مع أطفالهن في مخيم خارج بغداد أمس (أ.ب)
TT

ناشط تركماني: «داعش» يحتجز 450 من أهلنا ويتاجر بنسائنا ويفخخ أطفالنا

نازحات عراقيات مع أطفالهن في مخيم خارج بغداد أمس (أ.ب)
نازحات عراقيات مع أطفالهن في مخيم خارج بغداد أمس (أ.ب)

ذكرت مؤسسة الإنقاذ التركمانية أن عدد المدنيين التركمان، الذين يحتجزهم تنظيم داعش في العراق بلغ نحو 450. بينهم العشرات من النساء والأطفال، وأكدت أن التنظيم أطلق في الآونة الأخيرة سراح 15 مسنا منهم لكن مصيرهم ما زال مجهولا.
وقال رئيس مؤسسة الإنقاذ التركمانية، علي أكرم، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نحو 450 شخصا تركمانيا محتجزا لدى (داعش) منذ سيطرته على الموصل في يونيو (حزيران) الماضي، من بينهم 50 امرأة و70 طفلا، وبحسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن عدد التركمان المحتجزين لدى التنظيم أكبر من هذا العدد، وقد يصل إلى نحو الألف، وتوصلنا فقط إلى هذا العدد من خلال العوائل النازحة إلى إقليم كردستان وجنوب العراق، وبعض المنظمات العاملة في هذا المجال، وعن طريق مجموعة من الفتيات الإيزيديات اللاتي تم تحريرهن مؤخرا»، مضيفا: إن «المعلومات التي حصلنا عليها حول هؤلاء المحتجزين موثقة حسب الأسماء»، مشيرا إلى أن «عملية تحريرهم تحتاج إلى جهود دولية وإقليمية وحكومية».
وعن المناطق التي اختطفهم فيها، قال أكرم: «غالبيتهم من مناطق محافظة نينوى، خاصة قضاء تلعفر وقراها، مثل شريخان والقبة وقرقويلي، وهي قرى تقع في أطراف تلعفر، حيث تأخر سكانها من الخروج واللجوء إلى سنجار، وبقوا في مناطقهم لمدة أكثر من عشرين يوما، وحوصروا من قبل تنظيم داعش، أما الذين هربوا إلى سنجار فبقوا هناك إلى الساعات الأخيرة قبل سيطرة داعش على القضاء لأنهم لم يكونوا يملكون الإمكانية للخروج من تلك المدينة، وحوصروا أيضا من قبل التنظيم الذي احتجزهم بعد سيطرته على سنجار».
وأشار أكرم إلى أن «التنظيم نفذ عمليات قتل بحق الكثير من الرجال التركمان أثناء عمليات النزوح وحصاره لتلك المناطق، وأخذوا نساءهم وفتياتهم وأطفالهم، فمثلا المجزرة التي نفذها التنظيم في قرية شريخان حين قتل 100 رجل في ليلة واحدة»، مبينا بالقول: إن «داعش قتل التركمان الشيعة والسنة ولم يستثنِ أي أحد، فهو تنظيم إرهابي يستهدف الجميع، لا يهمه الدين أو المذهب والقومية».
وعن مصير الفتيات والنساء التركمانيات المحتجزات لدى داعش، قال رئيس مؤسسة الإنقاذ: «المعلومات الواردة إلينا تفيد بأن هناك عملية بيع مستمرة للتركمانيات، وأخذ البعض منهن إلى سوريا، أما بالنسبة للأطفال، فقد فتح التنظيم الكثير من المعسكرات لتدريبهم على استخدام الأسلحة والمشاركة في المعارك، وتفخيخ عدد آخر منهم ومن ثم إرسالهم إلى أماكن معينة لتفجيرهم»، موضحا أن «أعمار الأطفال الذين اختطفهم داعش لدى سيطرته على مناطق محافظة نينوى، كانت تتراوح ما بين اليوم الواحد إلى 13 عاما»، وكشف أكرم أن «ثلاث نساء تركمانيات تم تحريرهن قبل أيام، لكن لا نعلم كيف استطعن أن يخرجن من سجون التنظيم، وهل تمت عملية الإفراج عنهن عبر تنسيق من قبل جهة معينة».
وناشد أكرم الولايات المتحدة الأميركية والحكومة العراقية والمجتمع الدولي وحكومة الإقليم إلى التدخل السريع لإنقاذ كافة المحتجزين لدى داعش، شاكرا في الوقت ذاته أربيل لتعاونها مع المؤسسة في هذا المجال.
وحول موقف الحكومة التركية لمساعدتهم بتحرير المحتجزين من التركمان لدى داعش، قال أكرم لقد «سلمنا التقرير الذي أعددناه إلى 20 جهة دولية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكانت السفارة التركية في العراق واحدة من هذه الجهات، حيث وعدونا بأنهم سيساعدوننا في هذه القضية لكننا لم نتلق أي مساعدة من أي جهة من تلك الجهات لحد الآن، وبما أن الجانب التركي يدعي دائما بأنه يحمي التركمان لذا يقع على عاتقه واجب في هذا المجال، وبالتالي فالقضية إنسانية ويستدعي تدخل المجتمع الدول».
من جهتها قالت الناشطة التركمانية، هيمان رمزي، لـ«الشرق الأوسط» بأن «المعلومات حول التركمان المحتجزين لدى داعش حصلنا عليها من النازحين الموجودين في إقليم كردستان وجنوب العراق، وعمليات التقصي عن نساء تركمانيات موجودات لدى داعش كانت عملية صعبة، لعدم تكلم العوائل التركمانية عن الموضوع بسبب العادات والتقاليد، وبعد عمل دقيق تمكنا من إعداد تقرير يتكون من 54 صفحة، وأرسلنا نسخا منه إلى الجهات المختصة بتقصي الحقائق، وكان برلمان الإقليم الجهة الوحيدة التي بادرت إلى استلام هذا الملف».
وتابعت رمزي بالقول: «لم يحرر لحد الآن أي محتجز تركماني من سجون التنظيم، أطلق داعش مؤخرا سراح 15 مسنا تركمانيا، لكن مصير هؤلاء المفرج عنهم ما زال مجهولا ولا نعلم إلى أين توجهوا، وبحسب المعلومات التي وصلتنا، داعش يحتجز التركمان في الموصل وقضاء تلعفر».
بدوره قال سوران عمر، رئيس لجنة حقوق الإنسان في برلمان إقليم كردستان، في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس: إن «تقرير مؤسسة الإنقاذ التركمانية، سجلت جرائم جديدة نفذها مسلحو داعش ضد المكون التركماني في العراق، خاصة عمليات القتل الجماعية في قرية بشير التابعة لمحافظة كركوك، في 12 و13 يونيو الماضي، حيث قتل التنظيم 7 نساء تركمانيات في القرية ومن ثم علق جثثهن عراة لمدة 20 يوما على أسلاك نقل الطاقة الكهربائية في القرية، التنظيم نفذ الكثير من الجرائم بحق أبناء المكون من مسنين وأطفال».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.