نائب مغربي يطالب بتقصي الحقائق حول «جرائم البوليساريو»

القضاء الإسباني يستدعي زعيمها غالي غداً للإدلاء بشهادته

إبراهيم غالي زعيم جبهة «البوليساريو» (د.ب.أ)
إبراهيم غالي زعيم جبهة «البوليساريو» (د.ب.أ)
TT

نائب مغربي يطالب بتقصي الحقائق حول «جرائم البوليساريو»

إبراهيم غالي زعيم جبهة «البوليساريو» (د.ب.أ)
إبراهيم غالي زعيم جبهة «البوليساريو» (د.ب.أ)

طالب نائب من فريق التجمع الدستوري (أغلبية)، بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، أمس، خلال جلسة عمومية مخصصة للأسئلة الشفوية، بتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول جرائم وانتهاكات جبهة البوليساريو الانفصالية لحقوق الإنسان.
وكشف عبد الودود خربوش، وهو نائب يتحدر من كلميم (جنوب)، أن والده وأخته يعدان من ضحايا هذه الانتهاكات، وقال إنه عاش هذه المأساة منذ نعومة أظافره، لأن الجبهة قامت باختطافات وتعذيب في حق المغاربة، وأنه يريد استعادة رفات والده وأخته «لدفنهما بما يليق بموتى المسلمين»، موضحاً أنه طلب تشكيل اللجنة باسم فريقه النيابي، وجرى وضعه رسمياً لدى رئيس مجلس النواب.
وجاءت مداخلة النائب خربوش في سياق انتقادات حادة وجهها عدد من نواب البرلمان، أمس، لإسبانيا، التي تكتمت على استقبال إبراهيم غالي، أمين عام جبهة البوليساريو الانفصالية، الذي دخل التراب الإسباني بهوية مزورة، رغم أنه متابع أمام القضاء الإسباني بشكاوى تتعلق بالاغتصاب والاعتداء.
وقال خربوش إن مخيمات البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر) عرفت انتهاكات جسيمة وجرائم ضد الإنسانية، تشبه جرائم الخمير الحمر في كمبوديا. وأيد قرار وزارة الخارجية المغربية استدعاء السفير الإسباني، ريكاردو دييز رودريكيز، لاستفساره عن ملابسات استقبال شخص انفصالي بهوية مزورة، وطالب بعدم إفلاته من العقاب.
من جهته، اعتبر النائب يوسف غربي، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي (مرجعية إسلامية)، أن استقبال إسبانيا للأمين العام للجبهة الانفصالية «أمر لا يستقيم»، نظراً للعلاقات الجيدة التي تربط المغرب معها. وتساءل: «كيف أمكن لشخص متابع في جرائم اعتداء واغتصاب أن يلج التراب الإسباني بجواز سفر جزائري مزور؟».
في السياق ذاته، استغرب النائب عمر العباسي، المنتمي لحزب الاستقلال (معارضة)، من استضافة إسبانيا لمن وصفه بـ«مجرم حرب»، نظراً لما تسبب فيه من «مآسٍ»، معتبراً أن القضاء الإسباني ومصداقية إسبانيا «أصبحا على المحك».
أما فريق حزب الحركة الشعبية (أغلبية) فتساءل إن كانت إسبانيا ستتجاوب مع مطالب المغرب بتقديم توضيحات حول ملابسات استقبال أمين عام «البوليساريو»، الذي يواجه شكاوى بالتعذيب والاغتصاب، وحذر من «تقويض إسبانيا لعلاقاتها مع حليفها المغرب».
كانت الخارجية المغربية قد استدعت السفير الإسباني لاستفساره حول دخول أمين عام الجبهة للتراب الإسباني بجواز سفر جزائري وهوية مزورتين، قصد الاستشفاء من فيروس كورونا. وعبر ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، عن استياء الرباط من سلوك إسبانيا، وقال في حوار مع وكالة «إيفي» الإسبانية، السبت، إن المغرب «لا يزال ينتظر رداً مرضياً ومقنعاً» بشأن قرارها السماح لزعيم جبهة البوليساريو المتابع أمام المحاكم الإسبانية بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والإرهاب بدخول أراضيها.
في غضون ذلك، ذكر مصدر إعلامي إسباني أنه جرى استدعاء أمين عام جبهة البوليساريو، الذي يخضع حالياً للعلاج في مستشفى ببلدة لوغرونيو، غداً الأربعاء، للإدلاء بشهادته في المحكمة الوطنية، تحديداً في محكمة التعليمات المركزية رقم 5.
وقالت صحيفة «لا راثون» الإسبانية، إنه على الأرجح لن يتمكن غالي من الحضور إلى المحكمة، نظراً لحالته الصحية (تم قبوله في وحدة العناية المركزة)، بيد أن غالي لن يتمكن من مغادرة التراب الإسباني قبل المثول أمام القضاء.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أنه جرى استدعاء سيد أحمد بتال وبشير مصطفى السيد، وهما قياديان في جبهة البوليساريو، إلى جانب قياديين آخرين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.