تعيش آيرلندا الشمالية، التي حلت أمس الذكرى المئوية لإنشائها، حالة من عدم اليقين السياسي منذ الأربعاء بعد استقالة رئيسة الوزراء أرلين فوستر، ضحية تمرد داخلي داخل حزبها السياسي، الحزب الوحدوي الديمقراطي الذي يشعر باستياء متزايد من عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. والجمهوريون الذين لا يعترفون بالتاج البريطاني، لا يحتفلون بهذه الذكرى.
ويتصاعد الغضب في صفوف الوحدويين، فضلاً عن الإحساس بالخيانة جراء اتفاق بريكست الموقع بين لندن والاتحاد الأوروبي، وينص على ترتيبات خاصة لتفادي المس بالسلام الذي تم التوقيع عليه عام 1998 بين الوحدويين، وغالبيتهم من البروتستانت، والجمهوريين، وغالبيتهم من الكاثوليك. ومنذ أن حررت جمهورية آيرلندا نفسها من الحكم البريطاني في 3 مايو (أيار) 1921. وجدت آيرلندا الشمالية التي أنشئت في الوقت ذاته، وبقيت مرتبطة ببريطانيا العظمى، نفسها في قلب مواجهة دامية في بعض الأحيان بين البلدين. ويتقاتل الوحدويون الذين يدافعون عن البقاء جزءاً من المملكة المتحدة، والجمهوريون المؤيدون لإعادة التوحد مع آيرلندا منذ عقود بسبب وضع المقاطعة.
وكان اتفاق السلام، أو ما يعرف بـ«اتفاق الجمعة العظيمة»، الذي أبرم في العام 1998، أنهى 3 عقود دامية خلفت نحو 3500 قتيل. لكن التوتر تفاقم أخيراً بسبب التغييرات الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات في أوائل أبريل (نيسان) استمرت أسبوعاً وخلّفت 88 جريحاً في صفوف الشرطة.
ومع حلول الذكرى المئوية لإنشائه، يشهد إقليم آيرلندا عدة اضطرابات، بدءاً من جائحة «كوفيد 19»، مروراً بالتوتر الناتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصولاً إلى البحث عن زعيم جديد. وكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي تثير وعوده غضب الوحدويين المتمسكين بالتاج البريطاني على «تويتر»، إنها «ذكرى وطنية مهمة جداً... لقيام المملكة المتحدة كما نعرفها اليوم». وبالنسبة إلى بوريس جونسون، هذه «لحظة للتفكير المشترك» وهي أيضاً فرصة «للاحتفال بآيرلندا الشمالية وبناء مستقبل أفضل لكل شعبها».
وكتبت الملكة إليزابيث الثانية أن «عملية السلام تعود إلى جيل من القادة الذين كانت لديهم الرؤية والشجاعة لوضع المصالحة قبل التقسيم». وأضافت في رسالة نشرت على الإنترنت: «لكن قبل كل شيء، فإن استمرار السلام يعود إلى شعبها الذي تقع على كاهله مسؤولية المستقبل». ووفقاً لاستطلاع نشر نهاية هذا الأسبوع في الصحافة المحلية، يخشى 90 في المائة من الوحدويين وسائر المؤيدين للبقاء جزءاً من بريطانيا، أن تؤدي احتمالات توحيد آيرلندا إلى عودة العنف في آيرلندا الشمالية. وأدى فرض ضوابط على البضائع المستوردة من بريطانيا، وهو حل يهدف إلى تجنب عودة الحدود المادية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، إلى كثير من الاضطرابات. ففي الواقع، ما زالت آيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق المشتركة. ويندد بعض الوحدويين ببروز حدود في البحر الآيرلندي الواقع داخل المملكة المتحدة. وهذه المسألة هي تحديداً التي خسرت بسببها رئيسة الوزراء أرلين فوستر عدم الثقة الذي دفعها إلى الاستقالة. وستكون استقالتها من رئاسة الحزب الوحدوي الديمقراطي سارية المفعول في 28 مايو (أيار)، وخروجها من الحكومة المحلية في نهاية يونيو (حزيران). وقد بدأ السباق لخلافتها.
100 عام على إنشاء آيرلندا الشمالية... والاضطرابات تهدد سلامها الهش
100 عام على إنشاء آيرلندا الشمالية... والاضطرابات تهدد سلامها الهش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة