3 ملفات يحملها لودريان إلى بيروت... وباريس تدفع للابتعاد عن المواقف «المتصلبة»

فرنسا تعمل من أجل عقوبات مشتركة مع أميركا وبريطانيا

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان  (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
TT

3 ملفات يحملها لودريان إلى بيروت... وباريس تدفع للابتعاد عن المواقف «المتصلبة»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان  (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)

يحط وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، في مطار بيروت، مساء الأربعاء المقبل، لزيارة تدوم 24 ساعة يلتقي خلالها كبار المسؤولين وعدداً محدوداً من السياسيين، متسلحاً، هذه المرة، بورقة «القيود» التي فرضتها باريس، كخطوة أولى، على عدد من السياسيين اللبنانيين غير معروفي الهوية بمنعهم من الدخول إلى الأراضي الفرنسية بسبب ضلوعهم في «عرقلة» الخروج من الأزمة، أو بسبب انغماسهم في الفساد. لكن باريس تريد الذهاب أبعد من ذلك. فقد علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية أن باريس تعمل مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لفرض عقوبات مشتركة على الجهات الفاسدة أو المعطلة بعدما تبين للمسؤولين الفرنسيين أن العقوبات الأوروبية التي تدفع بها إلى الأمام تواجه عدة عراقيل، وربما لن تأتي أبداً. من هنا، فكرة العمل مع جهات مستعدة لممارسة الضغوط الجدية على السياسيين اللبنانيين، إما على صعيد فردي أو جماعي، ولكن خارج إطار الاتحاد الأوروبي. وتأتي على رأس لائحة العقوبات الإضافية تجميد أرصدة الأشخاص المعنيين، بحيث يكون الجمع بين منع الدخول وتجميد الأموال وإمكانية أن يفضي إلى محاكمات في إطار القانون الفرنسي المسمى «الأصول المكتسبة بشكل غير شرعي» بمثابة «سلاح رادع» ترددت باريس طويلاً في اللجوء إليه.
لكن، حتى اللحظة، ما زالت الأمور في بداياتها. ويريد لو دريان الاستماع مباشرة من محاوريه إلى آخر المستجدات وفي جعبته ثلاثة ملفات رئيسية؛ أولها إعادة التأكيد على أن «المبادرة» الفرنسية ما زالت حية رغم الإخفاق الذي حل بها بعد مرور ثمانية أشهر على إطلاقها. والقراءة الفرنسية تقوم على اعتبار أن عملية الإقناع وعرض المحفزات، إن على الصعيد الفرنسي المحض، أو على الصعيد الأوروبي، لم تفض إلى نتيجة في الوقت الذي تتعمق فيه الأزمة اللبنانية. من هنا، فإن الرهان على ورقة العقوبات التي انتقلت من حيز الافتراض إلى واقع، وإن ما زالت في جيب الوزير، من شأنها أن تدفع المعرقلين والفاسدين إلى إعادة النظر بمواقفهم. والملف الثاني الذي يحمله لو دريان عنوانه التعرف من المسؤولين على ما يخططون له عند رفع الدعم عن المواد الأساسية وما يمكن لباريس أن تساهم به، خصوصاً أن هناك تخوفات من أن تفضي خطوة كهذه إلى هزات اجتماعية واهتزازات أمنية. وأخيراً، سيسعى لو دريان للنظر عن قرب عما يمكن «تحريكه» في لعبة الشطرنج اللبنانية المعقدة بأبعادها الداخلية والخارجية وإطلاع المسؤولين اللبنانيين على آخر تصورات الطرف الفرنسي.
ليس سراً أن «الرؤية» الفرنسية للحكومة اللبنانية العتيدة التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي، إبان زيارته الثانية إلى لبنان، قد ألمت بها تحويرات متعددة. واعترف ماكرون لاحقاً في لقاء صحافي أن هذه الحكومة قد لا تكون المثالية ووفق المواصفات الأصلية. وتقول أوساط مطلعة على ما أفضت إليه المداولات الداخلية الفرنسية أن ما يهم باريس في الوقت الحاضر أمران: الأول، أن تتشكل حكومة لبنانية في أقرب وقت ممكن تلافياً للانهيار القادم، ولأن الفراغ المؤسساتي لن يتيح للبنان أن يقدم على أي خطوة إصلاحية أو إنقاذية. ولذا، تدعو باريس الأطراف اللبنانية إلى «الابتعاد عن التشبث بشروط ستجعل ولادة الحكومة صعبة وربما مستحيلة». وبالمقابل، فإن ما تركز عليه الدبلوماسية الفرنسية ــ الأمر الثاني ــ هو نظافة كف الوزراء الجدد وإمكانية العمل معهم مع مراعاة الاختصاص. أما لجهة عدم ارتباطهم بأحزاب أو تماهيهم معها، فإن باريس تعي أن الصيغة اللبنانية بالغة التعقيد، ومن الصعب فرض وزراء على أحزاب ممثلة في المجلس النيابي سيكون لها أن تمنح الحكومة الثقة، وأن تتعاون معها في إقرار القوانين الإصلاحية والخطة الإنقاذية، وبالتالي لم تعد تتوقف كثيراً عند هذه النقطة بالذات. وفي أي حال، ما زالت باريس تدعو إلى مواجهة الأمور الملحة اليوم قبل الغد باعتبار أن الانهيار المتسارع لكافة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية لم يعد من النوع الذي يمكن تأجيله. لذا، سيشدد لو دريان على ضرورة «مواجهة الحاضر» وتوفير فرصة لولادة «حكومة مهمة»، فيما المسائل الخلافية الأخرى المتجذرة يمكن معالجتها لاحقاً.
واضح أن القراءة الفرنسية تركز على التعقيدات الداخلية اللبنانية، وقد سبق للرئيس ماكرون أن اقترح حكومة مهمة لمدة ستة أشهر وأرفق اقتراحه بخطة إنقاذية طموحة. بيد أن شيئاً من هذا لم يحصل وبقيت الطبقة السياسية على تصلبها وحساباتها وارتباطاتها بحسابات إقليمية ودولية. والتخوف أن يكون الوزير لو دريان ذاهباً إلى بيروت من غير تمهيد الطريق إقليمياً، وبالتنسيق مع واشنطن وموسكو. وثمة قناعة مترسخة أن الملف اللبناني مرتبط مباشرة بما يجري في فيينا من محاولات لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني. ويبقى السؤال عن تبعات الاتفاق من عدمه على الساحة اللبنانية، وما إذا كان سيدفع باتجاه تليين المواقف، أم أن هناك فريقاً يرى أنه المستفيد الأول، وبالتالي سيعمد إلى مواقف أكثر تشدداً في القادم من الأيام؟



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).