بدعوة من «البنتاغون»… العيسى يحاضر حول المنظمات العنيفة ورسائلها الموجهة

الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى (الشرق الأوسط)
الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى (الشرق الأوسط)
TT

بدعوة من «البنتاغون»… العيسى يحاضر حول المنظمات العنيفة ورسائلها الموجهة

الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى (الشرق الأوسط)
الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى (الشرق الأوسط)

بدعوة من «مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية (نيسا)» التابع لوزارة الدفاع الأميركية، ألقى الأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي» رئيس «هيئة علماء المسلمين» الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى محاضرة على كبار التنفيذيين تتحدث عن قدرة المنظمات العنيفة على التكيف والرسائل الموجهة.
شمل حديث الشيخ العيسى إلقاء الضوء على تقييم عواقب التطرف العنيف حول العالم، وتحليل دور المجتمعات الوطنية بكل فعالياتها في التعامل مع اتجاهات التطرف العنيف، مستعرضاً تجربة «رابطة العالم الإسلامي» في مكافحة التطرف العنيف، وتحديداً المبادرات المقدمة منها في هذا، خصوصاً مخرجات المؤتمر الذي نظمته الرابطة واستضافه مقر الأمم المتحدة بجنيف في فبراير (شباط) 2020 بحضور عدد من الشخصيات القيادية حول العالم؛ الدينية والفكرية والبرلمانية والحكومية، وعدد من الأكاديميين المختصين، ومن بين الحضور رؤساء برلمانات وعدد من الوزراء، وصدر عنه «إعلان جنيف» مشتملاً على 28 مبادرة بآلياتها التنفيذية؛ منها مبادرات: «أسباب ومعالجة تطرف بعض الشباب المتدين»، و«كيف نواجه التطرف العنف؟»، و«التهميش والفقر كأسباب للتطرف العنيف ـ التشخيص والتحليل والمعالجة»، و«معالجة استدلالات التطرف بالنصوص الدينية والوقائع التاريخية»، و«معالجة توظيف التطرف العنيف للإعلام الجديد»، و«الإحصاءات والقياسات الصحيحة في دراسات التطرف والتطرف العنيف»، و«تقويم الجهود الأممية في محاربة التطرف العنيف والإرهاب»، و«بين القوة الناعمة والقوة الصلبة في محاربة التطرف العنيف»، و«سلام الحضارات»، و«الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب من أجل عالم أكثر تفاهماً ومجتمعات أكثر وئاماً واندماجاً»، و«الهوية الدينية والهوية الوطنية بين مفهومي التعارض والتكامل»... وغيرها من المبادرات المهمة والتي ناقشها حضور المؤتمر من كبار المختصين حول العالم.
كما تطرق الشيخ العيسى في محاضرته إلى أهمية فهم طبيعة التطرف، مبيناً أنه بشكل عام هو حالة خارجة عن حد الاعتدال، مشيراً إلى أن «المصطلحات تختلف في فهمها؛ فـ(التطرف) في السياق الإسلامي غالباً ما ينصرف إلى تبني أفكار حادة تمارس العنف أو الإرهاب، أو تحرض عليه، أو تنشئ محاضن فكرية لعناصر العنف أو الإرهاب. على حين غالباً ما يُفهم مصطلح (التطرف) خارج السياق الإسلامي؛ وتحديداً في الغرب، على أنه يمثل رأياً ينحو نحو أقصى اليمين، وقد يُمَثّل رأياً حاداً لا أكثر، لا سيما إذا كان الاسم مجرداً من أي وصف آخر يصفه بالعنف أو الإرهاب، لكن من المهم أن نستوعب هذه الفوارق منعاً لأي لبس».
ثم تطرق الشيخ العيسى إلى محور آخر يتعلق بفهم طبيعة التطرف، وقال: «حتى نفهم طبيعته؛ فلا بد من أن نفهم الأسباب التي تحمل المتطرفين على التطرف»، ثم استعرض عدداً منها وشرع في تفصيلاتها والتعليق عليها.
وركز على أن «التطرف أخذ فترة طويلة وهو يُروج لآيديولوجيته حول العالم، دون أن تكون هناك مواجهة علمية وفكرية قوية»، مؤكداً أن «التطرف لم يقم على كيان سياسي مجرد ولا على قوة عسكرية؛ وإنما على آيديولوجية استطاعت الترويج لنفسها وتمرير أفكارها في ظل غياب المواجهة العلمية والفكرية اللازمة، ومن هنا تمكن من خطف بعض الشباب، مستفيداً كذلك من مناطق الصراع السياسي؛ حيث تكاثر في مستنقعاتها مستغلاً العاطفة الدينية المجردة عن الوعي».
وقال: «التطرف استطاع التعمق في منطقة الفراغ السابقة، ومن ثم تكوين جيل من المتطرفين أصبحوا على أنواع»؛ ثم شرع في الحديث عنهم بالتفصيل، وكيف يمكن التعامل معهم، موضحاً أن «التطرف الإرهابي لم يعد بحاجة إلى شيء أكثر من توظيفه لتقنية العالم الافتراضي الذي استطاع من خلاله اختراق الحدود وإيصال كل رسائله لأي مكان بكل سهولة، كما أن هذا العالم الافتراضي قلل من اعتماد التطرف الإرهابي على المال، علاوة على أن الإرهاب، بخاصة إرهاب (داعش) اتخذ استراتيجية جديدة؛ فعملية إرهابية واحدة يمكن لها أن تُسمّع العالم قد لا تكلف سوى سيارة مسروقة أو سلاح أبيض أو سلاح ناري يملكه الإرهابي، أو تصنيع قنبلة بشكل ذاتي، ولهذا من المهم التعويل بالدرجة الأولى في استئصال تلك الأفكار على الأفكار المضادة لها»، ثم أوضح «كيف يمكن لنا العمل على تلك المواجهة المضادة».
ومضى الدكتور العيسى في شرح «التوظيف السلبي لرسائل التشدد الديني»، مؤكداً أن «النسبة العالية في استقطاب التطرف للشباب ترتكز على توظيف العاطفة الدينية المجردة عن الوعي، واستغلال عدد من القضايا، بخاصة بعض القضايا السياسية، لتصعيدها، مع التركيز على فكرة المؤامرة»، وتابع بيانَ ذلك بالتفصيل.
وأوضح أن غالب مقاتلي «القاعدة» و«داعش» كانوا «مشحونين بالعواطف الدينية، أكثر من شحنهم بالمعلومات الدينية المتطرفة، لأن أكثرهم لا يُعتبرون من ذوي الاهتمام بالعلم الديني، ولا يستطيعون النقاش في ذلك، وربما يكون لدى بعضهم معلومات دينية متطرفة عامة وغير تخصصية، ومن خلالها انطلق نحو الحماسة الدينية التي يدعمها إعلام (القاعدة) و(داعش) المليء بالمحتوى المهيج للعواطف والمستغل لكل وسائل التواصل، والتي تُجدد مواقعها بشكل مستمر. ويمكن لي القول إن نحو 85 في المائة من الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية (أو بمعنى أدق من مقاتلي تلك التنظيمات) سواء كانوا لدى (القاعدة) و(داعش)، هم من أولئك الشباب الصغار المتأثرين بالمحتوى المُهيج للعواطف الدينية، أما الـ15 في المائة الباقية، فهم من الأشخاص المُصنفين على أنهم من المنظرين الفكريين لتلك التنظيمات، وكثير من هؤلاء بدأ الأمر لديهم بتشدد ديني بسيط، ثم تطور مع الغلو في (التدين). وعندما أقول (التدين)؛ فإني أفرق بين (الدين) و(التدين)، والحقيقة تقول إن الدين يمثل الإسلام، أما (التدين) فهو يمثل مستوى فهمك لنصوص الإسلام، وهذا التفريق هو في كل دين. ومع هذا؛ فإن المواجهة العلمية والفكرية مهمة في حسم المعركة مع التطرف حتى لو كان متأثراً فقط بالعواطف دون الدخول في العمق الفكري، وذلك لكون العواطف مرتبطة بذرائع محسوبة في الظاهر على النصوص الدينية، فالجميع تحت تأثير فكري آيديولوجي وإن اختلفت مستويات ذلك التأثير».
وأشار إلى آيديولوجية الإسلام السياسي، وقال إن «هذه الآيديولوجية المخادعة السلبية، تُعدّ أخطر أشكال التطرف، وهي التي صدرت الشباب العنيف للمنظمات الإرهابية وتحديداً (القاعدة) و(داعش)». وقال: «هذا ليس قولي أنا وحدي؛ بل هو قول قادة تلك الآيديولوجية؛ فهم يعترفون علناً بأن أيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي على سبيل المثال نشأوا في محضن جماعة (الإخوان)، ولكن تلك الجماعة بمناوراتها المعروفة تدعي أنهم خرجوا عن أفكارها، ولكن يُكَذب هذه المناورة أن عدداً من عمليات الاغتيال كانوا ضالعين فيها، كما يُكذب ذلك كتب منظريهم الكبار مثل سيد قطب وغيره والتي لا يمكن أن ينكروها أو يتبرأوا منها، وهذه تحديداً تكشف عن حقيقة تلك المناورة، علاوة على أعمال خطرة وقعوا فيها».
وبين أن «هذه الجماعة تختزل المفهوم العام والشامل للإسلام في أهداف سياسية فقط، بينما الإسلام جاء برسالة منصبة على أمرين؛ العقائد والتشريعات، ولم يتطرق الإسلام مطلقاً إلى شكل الحُكم، وجعل هذا للناس فيما يرونه أنسب لهم وفق معايير المصلحة العامة وقيم العدالة المرتكزة على الهوية الدستورية».
وقال إن «هذه الآيديولوجية المتطرفة قامت بشحن المجتمعات المسلمة وحاولت إعاقة جهود الوئام المجتمعي في دول التنوع الديني والإثني والثقافي، وكذلك إعاقة جهود الصداقة بين الأمم والشعوب، وكذلك عرقلة جهود الحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وباطلاعنا على خُطب قادة هذه الآيديولوجية والاطلاع على كتب قادتها الروحيين والسياسيين، نجد أفكاراً مخيفة للغاية، وهي ليست كتباً وخُطباً سرية، بل إنها منشورة ومتاحة للجميع وبأكثر من لغة. لكن الدهشة في شيء واحد، كيف يتحدثون عن القيم المتحضرة، بينما أسسهم الدستورية وواقعهم العملي على خلاف ذلك تماماً، في مشهد لا يمكن أن يوصف إلا إنه يُمثل انفصاماً في الشخصية، أو على أقل الأحوال المناورة المكشوفة من أول جولة مع هذه الجماعة».
وزاد أنه «منذ سنوات عدة جرى الحوار مع أحد قادة هذه الآيديولوجية عن هذه المفارقة والتناقض، فقال: إنه لا يوافق على الأفكار الموجودة في تلك الكتب، فقيل له: هل يُمكنك الرد عليها في كتاب أو محاضرة لتوضح الحقيقة؟ فقال: الأمور لا تعالج بهذه الطريقة. وفي النهاية اتضح أنه يمارس الخداع»، مشيراً إلى أن «هذه الجماعة هي التي رسَختْ مفاهيم الكراهية، وشيطنة كل ما هو خارج إطارها المتطرف، سواء في الداخل الإسلامي أو خارجه، بخاصة الغربي، رسخوا في وجدان الشباب المسلم كراهية الجميع، هم ضد حوار وتحالف الحضارات، لا يعرفون منطقة المشتركات؛ وإنما منطقة الاختلافات والصدام والصراع، هم الذين هيجوا المشاعر الإسلامية عند أي قضية يُمكن لهم استغلالها، لا يعرفون الحوار ولا الحكمة في التصرف ولا العدالة في الحكم على الأشياء، على حين يلجأون إلى أسلوب ماكر يعتمد على إيجاد فاعلين ليست لهم مرجعية ظاهرة من أجل أن تنحصر الملاحقة في حال الدخول في دائرة الاتهام في أولئك الفاعلين المنفردين، ولا يُحسب على الجماعة كتنظيم».
وتابع العيسى أن «وضع تلك الجماعة حالياً يُعدّ هشاً بفعل انكشافهم من خلال ممارساتهم التي تناقض مناورات قادتهم، ومن خلال الشباب المسلم الذين هيجوهم وزجوا بهم في أماكن الصراع السياسي فتشكلت من ذلك التنظيمات الإرهابية كما حصل مع (القاعدة) و(داعش)، وكذلك من التأكد من أن الأهداف الاستراتيجية للجماعة لا تختلف عن الأهداف الاستراتيجية لـ(القاعدة) و(داعش)، وأن الاختلاف هو في التكتيك فقط، وأحاديث بعض قادة هذه الجماعة خلف الكواليس مع أتباعهم من الشباب الفاعلين والمؤثرين يختلف عن أحاديثهم في العلن مع عموم الناس، بخاصة في اللقاءات والمؤتمرات الرسمية».
ثم بين أن «هناك اليوم وعياً كبيراً في العالم الإسلامي وفي عدد من دول الأقليات الإسلامية بخطورة آيديولوجية الإسلام السياسي التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث تكشفت آثارها السلبية المسيئة لسمعة الإسلام والمسلمين، كما ظهرت للجميع ممارسات الكراهية والانعزالية التي تعمل عليها ضد مجتمعاتها الوطنية سواء في الداخل الإسلامي وخارجه».
وتحدث الشيخ العيسى عن «حالة الانقسام الحادّ بين الطوائف الدينية، وهو ما ولد في بعض حالاته طائفية تطورت إلى تطرف عنيف، كما أن عدم التوعية الكافية للشباب المسلم في العالم الإسلامي وفي دول الأقليات بالقيم الدينية الصحيحة وعدم تعزيز قيم المواطنة الشاملة التي تؤمن بحتمية الاختلاف والتنوع والتعدد... كل ذلك ساعد على هشاشة حصانتهم العلمية والفكرية ومن ثم سهولة التأثير عليهم من قبل جماعات التطرف العنيف والإرهابي».
بعد ذلك، تحدث بإسهاب عن «تقييم عواقب التطرف العنيف والإرهابي حول العالم»، وقال إن «الحرب عليه لا بد من أن تعتمد أكثر على هزيمته فكرياً، ومهما تمت مواجهته عسكرياً وتحققت انتصارات ضده، فإن الآيديولوجية باقية، ومن المواجهات العسكرية الناجحة جداً ما قام به التحالف الدولي ضد (داعش) بمشاركة 83 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ولا شك في أن المواجهة العسكرية مهمة جداً؛ لكن الأهم منها المواجهة الفكرية؛ وهي تمر بمرحلتين: الأولى: وقائية تحصينية، وتبدأ من الأسرة والمدرسة ومنصات التأثير الديني والاجتماعي، إضافة إلى أهمية معالجة الظروف التي قد تساعد على سهولة استقطاب الشباب نحو العنف والإرهاب. والثانية: علاجية، وتتركز في الغالب على تفكيك آيديولوجيته بكل محاورها عبر الطرح العلمي والفكري والاجتماعي القوي، وهذا لا بد له من مشروع مؤسسي يشتمل على مبادرات وبرامج وتقويم مستمر مع قياس النتائج».
وأكد في صُلب حديثه على أن «المملكة العربية السعودية تُعدّ اليوم منصة عالمية مُلهمِة في ترسيخ قيم الاعتدال الديني»، وقال إنه «خلال السنوات الخمس الماضية، والتي بدأت تحديداً بعد إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015م مشتملاً على ثلاثة محاور: العسكري والفكري والإعلامي ومواجهة تمويل الإرهاب من هذا التاريخ أصبحت هناك نقطة تحول دولية كبيرة في مواجهة الإرهاب؛ وتحديداً في الداخل الإسلامي».
وتبع ذلك إنشاء عدد من المنصات العالمية لمواجهة أفكار الآيديولوجية المتطرفة، فمع «مركز اعتدال العالمي» هناك «مركز الحرب الفكرية» الذي يعمل على تفكيك تفاصيل الآيديولوجية المتطرفة.
كما أوضح الشيخ الدكتور العيسى أن «اتفاق المفتين وكبار علماء العالم في مؤتمر (وثيقة مكة المكرمة) بقيادة (رابطة العالم الإسلامي) في مايو (أيار) 2019، يُعدّ خطوة قوية في مواجهة تلك الأفكار، حيث توافق أكثر من 1200 مفتٍ وعالم من 139 دولة، في لقاء تاريخي غير مسبوق وبحضور كافة أتباع المذاهب والطوائف الإسلامية دون استثناء (27 مذهباً وطائفة)، على إصدار تلك الوثيقة التي تمثل خريطة طريق للفكر الإسلامي المستنير... هذا العمل المجمعي التاريخي المهم يُعدّ من الضربات القوية التي مُني بها التطرف».
بعد ذلك أجاب الشيخ العيسى في الشطر الثاني من وقت المحاضرة عن أسئلة الحضور، التي تطرقت لعدد من الموضوعات المهمة ذات الصلة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».