توقعات بتوسع التمويل الإسلامي بقوة في أوروبا

أطول بناية في القارة العجوز أبرز الأمثلة

منظر عام لنهر التيمز في العاصمة البريطانية لندن
منظر عام لنهر التيمز في العاصمة البريطانية لندن
TT

توقعات بتوسع التمويل الإسلامي بقوة في أوروبا

منظر عام لنهر التيمز في العاصمة البريطانية لندن
منظر عام لنهر التيمز في العاصمة البريطانية لندن

بدأ أول بنك إسلامي خالص في وسط لندن قبل أكثر من 10 سنوات، وهو ليس مصرفا يعمل بذراع إسلامية، ولكنه مصرف إسلامي متكامل برأسمال ومستثمرين بريطانيين وعرب. وكان لمصرف غيتهاوس بنك الاستثماري بُعد نظر واضح لمستقبل الصيرفة الإسلامية وإمكانية توسعها في غرب أوروبا، بينما توقع محلل بريطاني متخصص في الشؤون العقارية والإنشائية دخول المزيد من الأموال عبر بوابة التمويل الإسلامي إلى القطاع العقاري في أوروبا عامة وبريطانيا خاصة، مشيرا إلى أن التمويل الإسلامي أثبت نجاحه وقدرته على العمل، مضيفا أن المشاريع ستتواصل بعدما تكللت ببناء «برج شارد» الأعلى في أوروبا بتمويل إسلامي.
وقال آلان بمبرتون، في مقال يحمل عنوان «أوروبا: صعود التمويل الإسلامي» إن برج «شارد» الذي يعتبر الأعلى في أوروبا كان يبدو وكأنه مجرد حلم، وخصوصا في نهاية عام 2007 عندما كانت البنوك مترددة في تقديم القروض للمطورين العقاريين، وقد استثمر تحالف قطري مبلغ 150 مليون جنيه إسترليني للاستحواذ على 80 في المائة منه بحسب «سي إن إن»، كما برزت استثمارات تجارية أخرى لقطر في العقارات البريطانية في مشاريع «ثكنات تشيلسي»، في حين استحوذ تحالف ماليزي على قطعة أرض في منطقة «بترسي» في لندن ليطلق مشروعا عملاقا لبناء آلاف المنازل، فبريطانيا، إلى جانب ألمانيا وفرنسا، من بين الأماكن المفضلة بالنسبة للاستثمار العقاري بالتمويل الإسلامي، وفي لندن وحدها يوجد 22 مؤسسة تعتمد التمويل الإسلامي، بينها 5 مؤسسات إسلامية بالكامل، إلى جانب 30 شركة قانونية تهتم بالقطاع.
ولفت الكاتب إلى أن المصرفية الإسلامية تؤدي نفس أدوار المصارف التقليدية وتعود بالنتائج نفسها، ولكنها تختلف عنها بأنها تسلك إلى ذلك طرقا مختلفة مستندة إلى مبادئ الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن والسنّة والتي تحرم «الربا» و«الغرر» وجميع المعاملات الفاسدة.
واستبعد بمبرتون -نظرا للقيود القانونية الجديدة- أن تتمكن البنوك في الغرب على الإطلاق من العودة إلى الأيام السابقة للأزمة المالية العالمية عام 2008، ما يعني أن كثيرا من المطورين العقاريين سيبحثون عن الاستثمارات الواردة من دول إسلامية مثل قطر والإمارات وماليزيا، مضيفا أن «عدم فهم» مبادئ التمويل الإسلامي كان يمثل عائقا يؤدي إلى تأخير تلك الاستثمارات، ولكن ذلك انتهى الآن وباتت مشاريع ناجحة وعملاقة تعتمد على هذا النوع من التمويل.
وختم الكاتب الإنجليزي، وهو شريك ومدير بشركة «توفين فيرابي تايلر» للاستشارات العقارية والهندسية، مقاله المنشور بمجلة «اي بي ريل ستيت» بالقول: «وعلى ضوء ما سبق فلا يمكن إلا توقع ظهور المزيد من الأبنية الأوروبية الأيقونية بتمويل إسلامي».
من ناحيته، أكد مركز الأبحاث الاقتصادية والعملية (سيبر) أن قطاع العقار البريطاني بشكل عام سوف يتراجع في عام 2015 بنسبة 0.8 في المائة، بينما تزيد نسبة التراجع في لندن إلى 2.6 في المائة بسبب تدني الطلب المحلي والأجنبي على السواء. وعلل المركز توقعاته بأن الشواهد الحالية تشير إلى أن اهتمام المشترين بالسوق بدأت يتراجع بالفعل.
ويعد المركز أن أهم عاملين مؤثرين يعدهما نقطة تحول في القطاع العقاري في لندن، هما التعديل الضريبي الأخير الذي زاد من أعباء المشترين في القطاع الفاخر والسوبر، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط بصورة درامية في الشهور الأخيرة. واعتبر المركز أن التوقيت المتزامن لهذين العاملين سوف يؤثر سلبيا على الطلب في سوق العقار البريطانية، خصوصا في القطاعات الفاخرة المتأثرة سلبا بالضرائب، التي يقبل عليها الأثرياء الأجانب.
ولاحظ المركز أن العقارات تبقى في السوق الآن غير مبيعة لفترات أطول، كما زادت حساسية المشترين من الأسعار الباهظة التي تقوم بها عقارات لندن حاليا. ويشعر المستثمر الأجنبي حاليا بفتور تجاه أسواق العقار في لندن، حيث تراجع عامل الأمان الاستثماري مع قدوم انتخابات عامة في شهر مايو (أيار) المقبل وعدم وضوح الرؤية في العلاقة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل. علاوة على ذلك يشعر المستثمر الأجنبي بأنه أيضا مهدد بفرض ضرائب إضافية على العقار الفاخر من حكومة عمالية محتملة.
من العوامل السلبية الأخرى الفاعلة في السوق تشديد شروط الإقراض العقاري في كل قطاعات السوق لمنع حدوث فقاعة ائتمانية، كما سبق أن حدث في عام 2008. ويعني هذا تقييد الطلب العقاري في المدى المنظور. كذلك تزايدت قيمة الجنيه الإسترليني مقابل اليورو بنسب ملحوظة هذا العام.
ولكن رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في المركز، سكوت كورف، يحذر من تضخيم الوضع السلبي ويقول إن «التقرير الذي أصدره المركز لا يشير إلى انهيار السوق وإنما فقط إلى تصحيح سعري، بعد فترة انتعاش سبقت فيها السوق نفسها في عام 2014».
من العوامل السلبية الأخرى ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» أندرو لانغتون رئيس شركة «إيلزفورد إنترناشيونال العقارية»، حيث لاحظ أن تراجع قيمة اليورو سوف يحد من الطلب الأوروبي على عقارات لندن، كما توجهت إدارة الضرائب البريطانية إلى فرض ضرائب على الأموال التي يحضرها المستثمرون من الخارج.
ويضيف أن المستثمر الأجنبي يرى كثيرا من السلبيات في سوق العقار البريطانية الآن، إلى درجة تجعله لا يحبذ المحافظة على مستوى الأسعار العالي، خصوصا مع تراجع أسعار النفط. وعن توقعاته لما سوف يحدث خلال العام الحالي قال لانغتون إنه «يتوقع صعود الطلب على استئجار العقارات بدلا من شرائها، وخروج الجيل الجديد من لندن إلى ضواحيها. وبعد الانتخابات في مايو (أيار) المقبل يتوقع لانغتون هجرة الأموال إلى خارج بريطانيا في حالة تطبيق الضريبة المقترحة على العقارات الفاخرة».
من ناحيتها، وافقت شركة «سافيلز» على توقعات التوجهات السلبية لقطاع العقار الفاخر في لندن، وقدرت له أن يتراجع بنسبة واحد في المائة خلال عام 2015 مع خمول شامل في القطاع العقاري البريطاني خلال العام الجديد. ولكن هذا الخمول يتبعه نشاط قوي في عام 2016 بنسبة نمو تتراوح بين 6 و8 في المائة.. وبوجه عام تتوقع الشركة نموا في قطاع العقار الفاخر في لندن بنسبة 25 في المائة على 5 سنوات حتى عام 2019. وبنسبة 20 في المائة خارج لندن.
أما شركة «هامتونز إنترناشيونال»، فترى أن سوق العقار في لندن سوف تتراجع عن معدلات النمو التي شهدتها في عام 2014 إلى نسب هامشية من النمو قد لا تزيد على 3 في المائة في عام 2015. وترى الشركة أن تشديد قيود الإقراض والإجراءات الأخرى التي اتخذها بنك إنجلترا لتهدئة السوق سوف تأتي بمفعولها في العام الجديد.
وترى الشركة أن تكهنات زيادات قريبة في سعر الفائدة على الجنيه الإسترليني أسهمت في خفض توقعات النمو السعري في عقارات لندن. كما أن تقدم حزب العمال في استطلاعات الرأي يشير إلى زيادة احتمال فرض ضريبة عقار فاخر سنوية على العقارات التي تزيد قيمتها على مليوني إسترليني.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».