لو دريان في بيروت الأسبوع المقبل وفي جيبه «ورقة العقوبات»

الرئيس ماكرون والوزير لودريان في زيارة لمرفأ بيروت في سبتمبر الماضي (رويترز)
الرئيس ماكرون والوزير لودريان في زيارة لمرفأ بيروت في سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

لو دريان في بيروت الأسبوع المقبل وفي جيبه «ورقة العقوبات»

الرئيس ماكرون والوزير لودريان في زيارة لمرفأ بيروت في سبتمبر الماضي (رويترز)
الرئيس ماكرون والوزير لودريان في زيارة لمرفأ بيروت في سبتمبر الماضي (رويترز)

مع توافر معلومات مؤكدة من مصادر دبلوماسية في باريس عن زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت، يومي الأربعاء والخميس المقبلين، يمكن اكتناه الأسباب التي دفعت جان إيف لو دريان لعدم الإفصاح عن أسماء السياسيين اللبنانيين الذين اتخذت فرنسا بحقهم إجراءات عقابية تمنعهم من الدخول إلى أراضيها. ذلك أن الاستراتيجية الفرنسية، كما ينظر إليها متابعون للضغوط التي تمارسها باريس على الطبقة السياسية في لبنان، تفضل أن تبقى العقوبات سيفاً مسلطاً على السياسيين و«ورقة» في جيب لودريان لدفعهم إلى المرونة والتخلي عن التعطيل المنهجي تحت طائلة إعلان أسمائهم ما يعني التشهير بهم. والحال، أنه لو عمد لو دريان أو وزارة الخارجية إلى الكشف عن أسماء السياسيين المعنيين، إن بسبب عرقلة الجهود الآيلة لإيجاد حلول للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان وإفشال تشكيل حكومة جديدة، أو بسبب انغماسهم في الفساد، لكان من الصعب لاحقاً بالنسبة للوزير الفرنسي أن يحصل على تعاونهم، لا بل التحاور معهم أو التراجع عن الاتهامات الموجهة إليهم إن تعطيلاً أو فساداً.
ويصل لو دريان إلى بيروت هذه المرة حاملاً في جيبه سلاح العقوبات التي عجلت باريس في اللجوء إليها «على الصعيد الوطني»، ومن غير انتظار ما قد يصدر عن الاتحاد الأوروبي. وليس سراً أن باريس لجأت إلى «الاتحاد» لحاجتها إلى «رافعة» من شأنها تغليظ الضغوط على السياسيين اللبنانيين الذين ضربوا عرض الحائط بالجهود والمقترحات وخطة الإنقاذ الفرنسية، رغم زيارتين للرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت (في 6 أغسطس/ آب والأول من سبتمبر/ أيلول) ومشروع زيارة ثالثة في نوفمبر (تشرين الثاني) تم التخلي عنه بسبب إصابته بوباء «كوفيد - 19»، وبذلك تكون باريس قد استبقت ما قد يقرره «الاتحاد» لجهة فرض عقوبات أوروبية جماعية تكون أكثر فاعلية ظهرت مسودتها في «ورقة المقترحات» التي قدمها «وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل خلال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية الأوروبيين. وتضم «الورقة» مجموعة محفزات ومجموعة أخرى من العقوبات. لكن نزوع باريس للإعلان عن انطلاق عقوباتها على سياسيين لبنانيين، كما تقول مصادر دبلوماسية، مرده إلى ثلاثة أمور: الأول، «البطء» في آلية اتخاذ القرارات الأوروبية وصعوبات توفير الإجماع الضروري لإقرارها، والثاني رغبتها في القيام بشيء عملي بعد أن نفد صبرها من مراوغة السياسيين اللبنانيين الذين هددهم لو دريان أكثر من مرة، والثالث، حاجة الوزير الفرنسي لدى وصوله إلى بيروت إلى ورقة ضاغطة جدية في جيبه وليس التهديدات التقليدية. تجدر الإشارة إلى أنه لوح بـ«التنسيق» مع الأوروبيين في الخطوات العقابية اللاحقة التي قد تعمد إليها فرنسا.
اللافت أن لو دريان اعتبر فرض منع دخول الأراضي الفرنسية «أول الغيث». والحقيقة أنه أيضاً بمثابة «الحد الأدنى» مما يمكن أن تتخذه باريس من إجراءات. وبحسب أوساط مطلعة، فإن الطرف الفرنسي يسعى إلى فرض «استراتيجية تصاعدية» وليس إحراق كل أوراقه دفعة واحدة، لأنه سيكون بحاجة للسياسيين اللبنانيين من أجل تشكيل الحكومة ومنحها الثقة. ويبدو أن باريس ما زالت تراهن على فاعلية التلويح بالعقوبات من غير الوصول إلى فرضها عملياً، لأن من بين المخاوف المتصلة بها أن تكون ذات «نتائج معكوسة» بمعنى أن تدفع جهات معطلة إلى مزيد من التصلب. يضاف إلى ذلك أن الطرف الفرنسي يعي أن الصعوبات ليست لبنانية – لبنانية، وأنها خصوصاً مرتبطة بعملية لي الذراع الأميركية - الإيرانية، وبالتالي فإن إخراج الأزمة اللبنانية من عنق الزجاجة يحتاج إلى أكثر من عقوبة تحرم بضع سياسيين من المجيء إلى باريس للاستجمام أو رؤية ذويهم. ولو أرادت باريس حقيقة أن تكون عقوباتها مؤلمة لتناولت الأصول التي يمتلكونها، ومنها التي حصلوا عليها بطرق ملتوية، كما فعلت مع مسؤولين أفارقة تحت باب الفساد. ويأمل لو دريان في تدوير بعض الزوايا التي من شأنها المساعدة على السير بتشكيل الحكومة، علماً بأن فرنسا قامت ببعض التغيير، ولم تعد متمسكة بحرفية ما طرحته بداية.
اللافت أن الملف اللبناني أصبح في عهدة وزير الخارجية أقله على المستوى البروتوكولي بعدما كان بيدي الرئيس ماكرون والخلية التي كونها في قصر الإليزيه لإدارته. وواضح أنه بعد الإخفاق الذي واجهه في دفع اللبنانيين للسير بخطته الإنقاذية وتحللهم من الوعود التي التزموا بها، نأى ماكرون بنفسه بمعنى ما عن هذا الملف. فالرئيس الفرنسي غارق في إدارة ملف مواجهة «كوفيد - 19»، وإعادة إطلاق الماكينة الاقتصادية، فضلاً عن الاهتمام بالملفات الخارجية مثل النووي الإيراني وحروب الساحل ومواجهة الإرهاب... ثم إن المعركة الرئاسية أصبحت قريبة وعليه التحضر لها جدياً، خصوصاً أنها ليست مكسوبة مسبقاً.



الرئيس العراقي يرحب بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية

الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)
الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)
TT

الرئيس العراقي يرحب بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية

الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)
الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)

أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، الخميس، حرصه على تعزيز دور العراق في محيطه الإقليمي، ورحب بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، معرباً عن استعداد بلاده للمساعدة في إنجاحها، وجدد التأكيد على دعم بلاده الإدارة السورية الجديدة، مشدداً على «رفض التدخلات الخارجية في سوريا».

وعلى هامش استضافة العاصمة العراقية بغداد فعاليات الدورة الـ34 للقمة العربية، استقبل الرئيس العراقي عدداً من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد»، وقد أكد أن «احتضان بغداد مؤتمر القمة يأتي انطلاقاً من دورها المحوري وسعيها الدائم لترسيخ العمل المشترك؛ لمواجهة التحديات أمام المنطقة، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الأشقاء، وبما يحفظ مصالح شعوبنا، ويلبي تطلعاتها في التنمية والازدهار والسلام».

وأوضح أن «مؤتمر القمة سيناقش القضايا المصيرية المتعلقة بشعوب المنطقة، والخروج بقرارات تسهم في تحقيق السلام والاستقرار».

المفاوضات الأميركية - الإيرانية

ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط» بشأن موقف العراق من المفاوضات الأميركية - الإيرانية، قال الرئيس العراقي إن بلاده «دعت وشجعت منذ فترة طويلة الحوار بين إيران والولايات المتحدة»، مؤكداً ترحيبها بـ«أي خطوات في هذا الاتجاه، واستعدادها للإسهام في إنجاحها»، معرباً عن أمله في نجاح المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن.

وأضاف أن «أي نتائج إيجابية في هذا الاتجاه تصب في مصلحة المنطقة»، مشيراً إلى ما وصفها بـ«العلاقات التاريخية بين إيران والعراق»، ومؤكداً أن بغداد لديها «علاقات جيدة بالولايات المتحدة».

كما أشار الرئيس العراقي إلى «الحدود الطويلة التي تربط العراق وإيران»، لافتاً إلى أن «نحو 3 ملايين عراقي كانوا يعيشون في إيران خلال عهد النظام السابق». وقال: «إيران جارة مهمة»، مرحّباً في هذا السياق بتطور العلاقات بين المملكة العربية السعودية وطهران.

وبدأت إيران والولايات المتحدة، اللتان قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية معاً منذ عام 1980، محادثات غير مباشرة يوم 12 أبريل (نيسان) الماضي بشأن البرنامج النووي الإيراني، بوساطة من سلطنة عُمان. وأعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن أمله في التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني يجنّب طهران ضربة عسكرية محتملة.

الوضع في سوريا

وعلى صعيد الوضع في سوريا، جدد الرئيس العراقي التأكيد على دعم بلاده لسوريا، وقال إن «بغداد سعت من قبل مع نظام الرئيس السابق بشار الأسد لحلحلة المشكلات، لكنه لم يستجب»، مضيفاً أن «بغداد تدعم سوريا وترغب في (سوريا دون تدخلات خارجية)، مع مراعاة تمثيل جميع الكيانات والأطياف السورية».

وأشار إلى «وجود مجموعات إرهابية على الحدود العراقية - السورية تشكل خطراً على الدولتين»، داعياً إلى «التعاون الدولي لحل المشكلة»، ومعرباً عن أمله في أن «يحقق الشعب السوري طموحاته في دولة آمنة مستقرة»، ومؤكداً «أهمية احترام إرادة الشعب السوري بجميع مكوناته»، ومشيراً إلى «أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين على أساس الاحترام المتبادل وبما يخدم المصالح المشتركة».

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد أبدت دول عربية عدة دعمها للإدارة السورية الجديدة. وثار جدل مع بدء التحضيرات لـ«قمة بغداد»، لا سيما مع وجود معارضة عراقية لحضور الرئيس السوري، أحمد الشرع، لينتهي الجدل بإعلان الرئاسة السورية أن الشرع لن يحضر «قمة بغداد» وأن وزير الخارجية أسعد الشيباني «سيترأس وفد سوريا».

القضية الفلسطينية

وتعدّ القضية الفلسطينية قضية محورية على جدول أعمال «قمة بغداد». وفي هذا السياق، جدد الرئيس العراقي التأكيد على دعم بلاده «الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة». وقال: «القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، وهناك كثير من القرارات بشأنها»، مشدداً على أن «المهم الآن هو كيفية تنفيذ هذه القرارات واحترامها»، معرباً عن تفاؤله بخروج قرارات فاعلة عن «قمة بغداد».

وأشار إلى أن «العراق بذل جهوداً دبلوماسية، في إطار المساعي لوقف حرب غزة، وقدم مساعدات ودعماً للشعب الفلسطيني».

نزاعات عربية

وبشأن النزاعات في بعض الدول العربية، أشار الرئيس العراقي إلى «ضرورة إنهاء النزاع في السودان واليمن»، مؤكداً أن بغداد تدعم استقرار البلدين والسلام في المنطقة. وقال: «لم يكن أحد يتوقع استمرار الحرب في السودان كل هذه المدة»، مشيراً إلى أن «السودان لم يصل لهذه النتيجة بسبب تدخلات خارجية، فالاقتتال داخلي بين سودانيين»، معرباً عن أمله في الوصول إلى حل سريع للأزمة وإنهاء القتال وإجراء انتخابات حرة في السودان.

ولفت في هذا الصدد إلى «ضرورة حل الخلافات العربية - العربية، والسعي لوقف الحروب ومواجهة الأزمات». وقال: «نحن ضد التدخلات الخارجية بكل أشكالها».

وشهدت الآونة الأخيرة توتراً في العلاقات بين الإمارات والسودان، وأعلن السودان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، بينما تبذل الجامعة العربية وعدد من الدول العربية جهوداً لرأب الصدع لم تصادف النجاح المطلوب، وفق تصريحات سابقة أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي.

وأعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الأربعاء، أن «بلاده ستطرح، خلال رئاستها القمة، عدداً من المبادرات بالتعاون مع جامعة الدول العربية، والدول الأعضاء، للتعامل مع الأزمات التي تشهدها بعض الدول العربية».

وعلى الصعيد الداخلي، سلط الرئيس العراقي الضوء على «الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي الذي ينعم به العراق حالياً، وتطور علاقاته بمحيطَيه الدولي والإقليمي»، داعياً إلى «تعريف العالم بالخطوات التي تم إنجازها على صعيد تثبيت النظام الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان». وقال: «لسنا عراق المشاكل، بل عراق التطور».