مطالب بلجنة تحقيق وإقالة وزراء بعد مقتل 45 بحادث تدافع في إسرائيل

حداد واتهامات لنتنياهو ولرجال الدين... والعرب يستضيفون جيرانهم اليهود المنكوبين

تشييع أحد ضحايا الحادث أمس (رويترز)
تشييع أحد ضحايا الحادث أمس (رويترز)
TT
20

مطالب بلجنة تحقيق وإقالة وزراء بعد مقتل 45 بحادث تدافع في إسرائيل

تشييع أحد ضحايا الحادث أمس (رويترز)
تشييع أحد ضحايا الحادث أمس (رويترز)

في أعقاب مصرع 44 شخصاً وإصابة 150 آخرين جراء التدافع، خلال مناسبة دينية يهودية في إسرائيل، رفض المواطنون أن تقوم الشرطة بالتحقيق مع نفسها، وطالبوا بتشكيل لجنة تحقيق لمعاقبة المسؤولين عن الكارثة.
واستُقبِل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بهتافات «ارحل» عندما زار مكان الحادث، أمس (الجمعة)، وارتفعت مطالبات بإقالة وزير الداخلية ووزير الأمن الداخلي وقادة الشرطة ومحاسبة كبار رجال الدين اليهود المسؤولين عن تنظيم المهرجان.
وشهدت إسرائيل، طيلة يوم أمس، حالة من الهلع من جراء الحادث. وانشغلت الطواقم الطبية في معالجة الجرحى وجمع وجبات دم من المتبرعين. واستضاف المواطنون العرب في قرى الجليل، المجاورة لمكان الحادث، ألوف المصلين اليهود الذين دخلوا في حالة ضياع وصدمة نفسية. وانشغل ألوف المواطنين في مساعدة أهالي الضحايا في العثور عليهم وفي التفتيش عن ألوف التائهين من الأطفال والنساء والمسنين. وأعلنت الحكومة عن يوم حداد وطني، اليوم (الأحد).
وكان الحادث قد وقع قبيل منتصف ليلة الخميس -الجمعة، عندما كان نحو مائة ألف مؤمن يهودي يقيمون الصلوات والاحتفالات لمناسبة «عيد الشعلة» اليهودي عند ضريح الحاخام شمعون بار يوحاي، في جبل الجرمق، قرب مدينة صفد في أعالي الجليل. وعيد الشعلة المعروف أيضاً كـ«عيد البواكير»، وبالعبرية بـ«لاغ بعومر»، وتعني اليوم الثالث والثلاثين لتعداد أيام الغمر، أي حزم السنابل بعد الحصاد، يأتي كيوم احتفالي يتم فيه إيقاد المشاعل لإحياء ذكرى ثورة الشعب اليهودي في أرض إسرائيل بقيادة شمعون باركوخبا ضد الرومان. وكان ذلك في عام 132 الميلادي، أي بعد مرور 62 عاماً على خراب «الهيكل المقدس الثاني»، حسب التعبير اليهودي. ومن التقاليد البارزة التي يتسم بها عيد لاغ باعومر: إقامة عشرات حفلات الزواج، لأنه اليوم الوحيد الذي يجوز فيه شرعاً إقامة الأفراح والمسرات خلال الأسابيع السبعة التي تفصل بين عيد الفصح (بيسح) وعيد الأسابيع (شفوعوت).
ولكن مكان الضريح يعد ذا مساحة ضيقة ووجود كمية هائلة من الناس فيه يعد خطراً على الحياة. وقد حذر مراقب الدولة من وقوع كارثة فيه بسبب ذلك. إلا أن الحكومة امتنعت عن علاج المشكلة. فلا هي مستعدة لتقييد الوصول إلى هناك، حتى لا تصطدم بالأحزاب الدينية الشريكة في الائتلاف الحكومي، ولا هي تسعى بتوسيع المكان وتنظيمه حتى يتسع للجماهير الغفيرة. وتحولت زيارة الضريح إلى تجارة مربحة للسياحة الداخلية لبعض الشركات والجمعيات الدينية.
وفي هذه السنة، بلغ عدد المشاركين في المهرجان 100 ألف شخص، بينهم كثير من الأطفال والنساء والمسنين. وحضر أيضاً كل من وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، والمفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، وقائد المنطقة الشمالية للشرطة، شمعون لافي ونواب كثيرون في البرلمان من الأحزاب الحاكمة.
وحسب التحقيقات الأولية، فإن أحد المصلين كان يرقص بفرح هائج فانزلق وأسقط عدداً من المحتفلين الذين كانوا يقفون أمامه على السلالم. فبدأ الناس يتراكضون للهرب، وراحوا يدوسون الواحد على الآخر بهلع شديد. ولم يكن هناك سوى مخرج واحد، لأن الشرطة أغلقت أحد المداخل بالقرب من المدرج، الأمر الذي أدى إلى حشر المئات في ممر ضيق واحد، كل منهم يسابق الآخر على الخروج. وفي انتهاء الحدث، تبين هول المصيبة، إذ توفي 45 شخصاً وأصيب 150 آخرون، جميعهم من اليهود المتدينين والمتزمتين (الحريديين). وتم إجلاء المصابين في المكان إلى المستشفيات بست طائرات مروحية تابعة للجيش والشرطة وعشرات سيارات الإسعاف، فيما عملت وحدة الإنقاذ التابعة للجيش الإسرائيلي على تخليص مشاركين عالقين في منطقة الحادث.
وفي أعقاب الحادث، أعلنت الشرطة عن فتح تحقيق. لكن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، منعها من التحقيق مع نفسها وقام محققو «ماحاش»، وهي دائرة في وزارة القضاء تحقق في مخالفات الشرطة، بمعاينة المنطقة وباشرت التحقيق. لكن كثيراً من السياسيين والصحافيين وذوي الضحايا رفعوا مطلب تشكيل لجنة تحقيق رسمية نزيهة تكون قادرة على محاسبة المسؤولين وكشف الشبهات الجنائية لمسؤولي الشرطة ومن فوقهم في الحكومة وفي المؤسسة الدينية. ورفض ضباط كبار في الشرطة الاتهامات بتحميلهم مسؤولية الحادث المأساوي، لكن قائد المنطقة الشمالية للشرطة، شمعون لافي، صرح قائلاً: «أتحمل المسؤولية الشاملة، ومستعد لأي تحقيق تقصي حقائق. ونحن في مرحلة جمع الأدلة والقرائن من أجل الوصول إلى الحقيقة». وعندما وصل نتنياهو، أمس، إلى مكان الحادث استقبله مواطنون بالصراخ: «أنت المسؤول عن الكارثة». وألقى مواطنون زجاجات باتجاه موكبه.
وقال نتنياهو: «مأساة جبل ميرون تعد إحدى أكثر المآسي ألماً في تاريخ دولة إسرائيل. نحزن على الضحايا وقلوبنا مع العائلات والمصابين الذين نتمنى شفاءهم الكامل. وقعت هنا مشاهد تمزق القلب: أناس قتلوا في التدافع، بمن فيهم الأطفال. لم يتم بعد تشخيص عدد كبير من الضحايا وألتمس الامتناع عن ترويج الإشاعات في مواقع التواصل الاجتماعي لأن هذا يمزق قلوب العائلات. اسمحوا للسلطات بأداء واجباتها». ودافع نتنياهو عن الشرطة قائلاً: «الشرطة قامت هنا بعملية إجلاء سريعة ونحن ممنونون لقوات الإجلاء والأمن التي حالت دون وقوع مأساة أكبر بكثير. سنقوم بفحص جذري وجدي ومعمق كي نضمن أن مثل هذه المأساة لن تتكرر».
يذكر أن سكان القرى والبلدات العربية القريبة في شمال إسرائيل أقاموا عشرات المحطات لتقديم الطعام والشراب المجاني لآلاف المصلين اليهود الذين كانوا يحاولون الخروج من منطقة ميرون الجبلية في أعقاب المأساة التي وقعت ليلاً. وقال راضي نجم، رئيس المجلس المحلي لقرية بيت جن القريبة من جبل ميرون (الجرمق)، إن بلدته فتحت منشآتها وإن عائلات كثيرة فتحت منازلها للأشخاص الذين تم إجلاؤهم والمنقذين من موقع الكارثة. وفي تل أبيب، اصطف مئات الإسرائيليين للتبرع بالدم في وحدات متنقلة تابعة لمنظمة نجمة داوود الحمراء في ميدان رابين، بعد أن أصدرت المنظمة نداء للمواطنين طلباً للمساعدة في أعقاب حادثة التدافع المميتة.



العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
TT
20

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه إلى شراكة أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وذلك بعد أيام من دخول تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية أجنبية» حيز التنفيذ وفرض عقوبات أميركية جديدة على 7 من كبار قادتها، في مقدمهم المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام.

وذكر الإعلام الرسمي أن اللقاء، الذي حضره عضو المجلس القيادي الرئاسي عثمان مجلي، بحث العلاقات اليمنية - الأميركية وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد الحاجة الملحة إلى نهج عالمي جماعي لدعم الحكومة في بلاده لمواجهة التحديات الاقتصادية، والخدمية، والإنسانية، وتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتأمين مياهها الإقليمية، بصفتها شريكاً وثيقاً لحماية الأمن والسلم الدوليين.

العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)
العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

وتطرق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدات الوضع اليمني، ووجهات النظر إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي المقدمة «خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

وأشاد رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال اللقاء، بـ«العلاقات الثنائية المتميزة بالولايات المتحدة، وتدخلات واشنطن الإنسانية والإنمائية، ودورها المشهود في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين».

شراكة أوسع

وطبقاً للمصادر الرسمية اليمنية، فقد أعرب العليمي عن تطلعه إلى شراكة ثنائية أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات، وردع التهديدات المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

ومع التنويه بقرار الإدارة الأميركية إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، جدد العليمي الالتزام اليمني بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتنفيذ القرار، والحد من تداعياته الإنسانية المحتملة على الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعاد منذ الأيام الأولى من رئاسته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل أيام بالتوازي مع فرض عقوبات على 7 من قادة الجماعة.

ومن غير المعروف حتى الآن حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له الحوثيون جراء هذا التصنيف، خصوصاً في ظل الدعوات الأممية إلى عدم تعريض المدنيين والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لأي أضرار، فضلاً عن عدم التأثير على العمل الإنساني الذي تقوده الوكالات الأممية.

ودائماً ما يقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الوسيلة المثلى لمواجهة الحوثيين وتأمين المياه اليمنية، هي دعم القوات الحكومية الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة الحديدة وموانئها.

مخاوف أممية

في ظل عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لم يُخفِ الأخير، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب، خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة المدعومة من إيران بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وحذر المبعوث من الإجراءات التصعيدية، وقال: «شهدنا تصاعداً في الخطاب من أطراف الصراع، وهيّأوا أنفسهم علناً للمواجهة العسكرية. ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك. الكلمات مهمة. النية مهمة. الإشارات مهمة. يمكن أن تكون للرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي عواقب حقيقية؛ مما يعمق انعدام الثقة ويغذي التوترات في وقت يكون فيه خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية».

وعبر غروندبرغ عن قلقه إزاء القصف، والهجمات بالطائرات من دون طيار، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة، التي حدثت مؤخراً في مأرب، وكذلك في مناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز. في إشارة إلى تصعيد الحوثيين.

وقال المبعوث: «أكرر دعوتي الطرفين إلى الامتناع عن المواقف العسكرية والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإغراق اليمن مرة أخرى في صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى».