اتهم شخص قدم شهادته في يناير (كانون الثاني) الماضي أمام قاضي التحقيق الفرنسي الجيش الجزائري في قضية مقتل رهبان دير تيبحيرين، جنوب غربي الجزائر في 1996. بحسب ما علمت وكالة الصحافة الفرنسية من مصدر مقرب من الملف.
وخلال التحقيق، طرحت عدة فرضيات حول خطف وقتل الرهبان كريستيان دو شارجي، ولوك دوشيي، وبول فافر، وميشال فلوري، وكريستوف لوبروتون، وبرونو لومارشان، وسيليتان رانجار، من ديرهم حيث اختاروا البقاء رغم الخطر الذي كان يتهددهم أثناء الحرب الأهلية التي عصفت بالجزائر.
والفرضية الرسمية للسلطات الجزائرية هي أن الجريمة اقترفتها الجماعة الإسلامية المسلحة، التي كان يقودها جمال زيتوني، والتي كانت تنشط في المناطق المحيطة بدير سيدة الأطلس بتيبحيرين، حيث خطف الرهبان ليلة 26 من مارس (آذار) 1996. وقد تبنت هذه الجماعة عملية الخطف، وأعلنت في 23 من مايو (أيار) أنها قطعت رؤوس الرهائن، وتم العثور على رؤوس الضحايا في طريق غابوي، بينما لم يتم أبدا العثور على الجثث. لكن تم التشكيك في هذه الفرضية خلال فتح التحقيق الفرنسي سنة 2004. وذلك عندما تحدث الملحق العسكري السابق في السفارة الفرنسية بالجزائر عن «خطأ» للجيش الجزائري خلال قصف بالمروحيات، ضد مخيم للمتشددين، ثم تم تكييف الخطأ على أنها جريمة للجماعة الإسلامية.
كما تحدث عسكريون سابقون، من جهتهم، عن تورط المخابرات الجزائرية مباشرة في الخطف، بهدف التخلص من شهود مزعجين، والضغط على فرنسا، أو نزع المصداقية من الجماعة الإسلامية المسلحة أمام الهيئات الدولية.
وجاءت شهادة جديدة في هذا الاتجاه، لكن يصعب تأكيدها مثل باقي الشهادات الأخرى، وهذه الشهادة تلقاها القاضي الفرنسي المكلف بملف الرهبان مارك تريفيديتش في 21 من يناير من شخص يبلغ من العمر حاليا 34 عاما، ومهدد بالطرد من إقامته في مقاطعة سافوا، جنوب شرقي فرنسا.
وأوضح هذا الشخص الذي يدعى مراد ب. للقاضي أنه انضم إلى المخابرات الجزائرية بين سنتي 2006 و2007. وتم تكليفه بالتسلل إلى صفوف المسلحين تحت اسم أبو نضال، بحسب ما نقل مصدر مقرب من الملف. وقال هذا الشخص إنه كان يتبع المركز الإقليمي للبحث والتحقيق لمنطقة وهران (غرب)، وإنه لاحظ أن المخابرات الجزائرية زرعت عناصرها في المجموعات المتشددة، موضحا أن «إرهابيين كانوا يتصلون وسمعت محادثاتهم». وأضاف مراد ب. في شهادته أمام القاضي «لقد رأيت أمهات إرهابيين يحضرن إلى مركز المخابرات ويتم تقديم أموال لهن».
وبحسب تصريحه، فإنه عبر بين نهاية 2009 وبداية 2010 عن رغبته في التوقف عن العمل لصالح المخابرات، إلا أن ضابطا أخبره بأن «الخروج من عندهم ليس كالدخول». لكن ضابطا آخر كان أكثر وضوحا في تهديده إذ قال له «إذا خنتنا فسنفعل (بك) ما فعله العقيد (...) للرهبان».
وغادر مراد الجزائر متوجها إلى فرنسا في 2011. وهو اليوم يقيم بطريقة غير قانونية في فرنسا، ومهدد بالطرد إلى بلده الأصلي، ويقول إنه سيكون في خطر.
وبحسب محامي أهالي الرهبان باتريك بودوان فإن «هذه الشهادة تعزز فرضية تورط المخابرات الجزائرية»، لكنه دعا إلى الحذر بما أن الشهادة ليست مباشرة، أي أن الشاهد لم يحضر ولم يطلع على الوقائع بشكل مباشر.
ولمحاولة ترتيب هذه الفرضيات زار القاضيان تريفيديتش وناتالي بو الجزائر خريف 2014 لحضور عملية فحص جماجم الرهبان، من أجل معرفة ما إذا كانت رؤوسهم قطعت بعد موتهم، ما يعزز فرضية تلاعب الجيش الجزائري لإخفاء سبب الوفاة وإلصاق التهمة بالمسلحين. لكن الجزائر رفضت السماح للمحققين الفرنسيين بنقل العينات التي أخذت من الجماجم، وهو ما نددت به عائلات الرهبان، ووصفته بأنه «مصادرة الأدلة»، ما يزيد الشكوك حول الفرضية الرسمية التي تؤكد أن «الجماعة الإسلامية» المسلحة هي التي اقترفت الجريمة.
شاهد يتهم الجيش الجزائري في قضية مقتل الرهبان الفرنسيين
محامي أهالي الضحايا أوضح أن هذه الشهادة تعزز فرضية تورط المخابرات
شاهد يتهم الجيش الجزائري في قضية مقتل الرهبان الفرنسيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة