سنوات السينما

مشهد من فيلم {سحر البرجوازية السري}
مشهد من فيلم {سحر البرجوازية السري}
TT

سنوات السينما

مشهد من فيلم {سحر البرجوازية السري}
مشهد من فيلم {سحر البرجوازية السري}

Le Charme Discret de la Bourgeoisie
(1972)****
العودة الساحرة للسوريالي بونيَل
مجموعة سعيدة من البشر في طريقها إلى موعد عشاء... ما الذي يمكن له أن يعترضها؟ لا شيء. لكن ما إن تصل إلى المكان الذي تقصده حتى تجد نفسها في دوّامة من الأوضاع العاطفية والنفسية لم تكن تتوقعها. تجاذبات النفس عندما تحاول البقاء في الواقع بينما يداهمها الحلم والخيال.
فيلم لوي بونيَـل الرائع يمكن اعتباره أحد تلك الأفلام التي تنطلق من منظور أن نرى ما الذي يمكن أن يحدث عندما تلتقي مجموعة تبدو متجانسة من الناس في موقع واحد لكن ما تمر بها في تلك المناسبة هو استمرار لما مرّ به سابقاً. الأسئلة التي تنضح بها في الزمن الحاضر هي استمرار للأسئلة التي واجهتها، ولو على نحو خفي، سابقاً.
«الجاذبية الحذرة للبرجوازية» هو أكثر من فيلم لأكثر من قصّة جمعها المخرج الإسباني الأشهر. ليس أن الفيلم مقسّم إلى حكايات تنتهي كل منها لتبدأ أخرى، بل هي حكايات ضمن حكايات متداخلة تدور تحت سقف واحد. سقف المنزل وغرفه هو إناء ظاهر وفعلي، سقف التخيّلات هو الذي لا يُحد.
كل شيء يبدأ حين الوصول إلى تلك الحفلة. يجلسون على طاولة العشاء منشرحين. تعليقات. ضحكات. قبلات لكن لا أحد سيأكل.
في الأحلام عادة يرى المرء نفسه في مثل هذا الوضع. هو أمام طعام لكنه لن يأكله. سمك في الماء لكنه لن يصطاده. سيارة لن يقودها. طريق لن يسير فيه. في فيلم لوي بونيَل هو مأدبة عشاء لن تنتهي لأنها لم تبدأ. هل هذا هو مدخل المخرج للقول إن ما نراه هو حلم لا أكثر؟ على الأرجح. إذا كان هذا صحيحاً فمن الحالم؟
هناك ثلاثة خطوط روائية في هذا الفيلم: خيط يوحي بأن ما نراه هو واقعي. هذا الخيط هو الفعل المباشر أمامنا بلا مواربة. ثم خيط منفصل من هذا الواقع يدهمنا كتصرّفات غريبة تدخل في صميم الحدث - الخيط المذكور، وثالثاً، الحلم. هذا الحلم يتردد أربع مرّات في الفيلم. هناك حالم مختلف في كل مرّة. في الوهلة الأولى يبدو أن هناك تفسيراً داخل الفيلم لكل حلم. كلنا نحلم. لم لا يحلم هؤلاء أيضاً.
لكن الأحلام التي تتراءى لهؤلاء هي غامضة في فحواها. لا يوجد لدى المُشاهد تفسيراً لها حتى وإن بدأت - ثم بدت - طبيعية. ثم هي، كما يتّضح سريعاً، تتداخل مع الواقع. لأنه إذا ما كانت هذه الأحلام سوريالية (كما أرادها المخرج السوريالي الأول) فإن الواقع، أو ما يبدو واقعاً على الأقل، لا يقل غرابة. بذلك الفاصل بين ما نراه كواقع وبين ما يتراءى كحلم واه.
العلاقة جدلية بين ما هو واقعي وبين ما هو خيالي (أو حُلمي) مع هنّات هنا وهناك تقترح أن شخصية فرناندو راي هي صاحبة الأحلام كلها. يوحي بذلك أن الأحلام، على وفرة ما اختير لها من مشاهد، مفادها علاقة نفسية غير مستقرة لها ملامح أوديبية. بذلك هي لا تتنوّع - في صميمها - لكي تقترح أن لكل حلم حالم مختلف. ثم فوقها، هناك مشاهد مثل ذاك الذي نرى فيه جموع مشاهدين تتفرّج على الشخصيات التي في الفيلم.
بونيَل كان دوماً معادياً للنظم الاجتماعية، للكنيسة، للعسكر، للبرجوازية. هذا بدأ مع «عصر الذهب» واستمر طوال حياته حتى في المرّات التي بدت فيها أفلامه قليلة الاكتراث بالتعامل مع الفن السوريالي للتعبير.
لماذا تبقى المائدة عامرة (حتى اللحظات الأخيرة) من دون أن يغرف منها أحد أي طعام؟ ببساطة لأنه إذا ما بدأ التهام الطعام تحوّل الفيلم إلى واقع. كما هو الحال، الوليمة هي مبتغى يبدو عادياً تحول دونه عوامل نفسية وعاطفية غير عادية.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».