بايدن يتحدث عن خطر المنافسة الصينية وأهمية التعاون مع روسيا

في أول خطاب رئاسي أمام الكونغرس تركيز على السياسة الداخلية وتحذير من «إرهاب العنصريين البيض»

شهد خطاب بايدن مشهداً تاريخياً حيث وقفت وراءه ولأول مرة في التاريخ الأميركي امرأتان نانسي بيلوسي وكامالا هاريس (رويترز)
شهد خطاب بايدن مشهداً تاريخياً حيث وقفت وراءه ولأول مرة في التاريخ الأميركي امرأتان نانسي بيلوسي وكامالا هاريس (رويترز)
TT

بايدن يتحدث عن خطر المنافسة الصينية وأهمية التعاون مع روسيا

شهد خطاب بايدن مشهداً تاريخياً حيث وقفت وراءه ولأول مرة في التاريخ الأميركي امرأتان نانسي بيلوسي وكامالا هاريس (رويترز)
شهد خطاب بايدن مشهداً تاريخياً حيث وقفت وراءه ولأول مرة في التاريخ الأميركي امرأتان نانسي بيلوسي وكامالا هاريس (رويترز)

ترددت أصداء الخطاب الأول الذي أدلى به الرئيس الأميركي جو بايدن أمام الكونغرس في أروقة المبنى وحوله، فرحّب الديمقراطيون به من جهة وشجبه الجمهوريون من جهة أخرى. ويختلف الطرفان بشكل جذري على السياسات الأميركية الداخلية التي ركز عليها الرئيس الأميركي في خطابه. لكن ما فرقته السياسة الداخلية، جمعته الصين. وبدا هذا واضحاً من خلال الترحيب الجمهوري بتركيز الرئيس الكبير على ملف المنافسة مع بكين، إذ خصص له مساحة كبيرة من الخطاب الذي عادة ما يسلط الضوء على ملفات السياسة الداخلية.
- المنافسة الصينية
وقال بايدن إن الولايات المتحدة في منافسة مع الصين وبلدان أخرى «للفوز بالقرن الحادي والعشرين» وتعهد بالحفاظ على وجود عسكري قوي في منطقة الإندو باسيفيك، وتحفيز التطور التكنولوجي والتجارة. وذكر بايدن أنه تحدث مع الزعيم الصيني لإبلاغه بأن الولايات المتحدة ستبقي على وجودها العسكري القوي في منطقة الإندو باسيفيك «على غرار ما نفعل في أوروبا مع حلف شمال الأطلسي، والهدف هو ليس بدء أي مواجهة، بل تجنب حصولها».
وأضاف بايدن على وقع تصفيق حاد ونادر من الحزبين سوية: «الصين وبلدان أخرى تقترب منا بسرعة وعلينا أن نطور المنتجات والتقنيات للمستقبل» وتابع «ليس هناك أي مبرر لعدم تصنيع شفرات توربينات الرياح في بيتسبرغ (الأميركية) وليس في بكين».
ويجمع الديمقراطيون والجمهوريون على ضرورة التصدي للمنافسة الصينية، ويعلم بايدن جيداً أنه فيما يتعلق بهذه القضية على وجه التحديد فإنه سيحظى بتعاون كبير من الحزبين لإقرار قوانين تدفع باتجاه التصدي لنفوذ الصين. ورحّب كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية السيناتور جيم ريش بموقف بايدن تجاه بكين فقال بعد استماعه للخطاب: «من الواضح لي أن الرئيس بايدن وأنا نتفق على أمر واحد وهو أن أكبر تحد عالمي يواجهنا الآن ولأعوام مقبلة هو علاقتنا مع الصين».
- روسيا وسياسة المحاسبة والتعاون
وتطرق بايدن كذلك إلى ملف العلاقات مع روسيا، فأشار إلى أنه حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من عقبات التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، والقرصنة على المرافق الحكومية والخاصة، لكن مع الإشارة إلى أن واشنطن لا تسعى إلى التصعيد.
وقال بايدن: «لقد قلت لبوتين بأننا لا نسعى إلى التصعيد، لكن أفعال روسيا ستترتب عليها نتائج. لقد رددت بطريقة مباشرة ومتوازنة على التدخل الروسي في الانتخابات والقرصنة على حكومتنا وشركاتنا. لكننا نستطيع أيضاً التعاون في مجالات مشتركة». ولعلّ أبرز دليل على محاولة تهدئة اللهجة مع روسيا كان في غياب أي ذكر من قبل بايدن للمعارض الروسي أليكسي نافالني أو لملف أوكرانيا، كما أشار الجمهوريون إلى تجنب بايدن لذكر خط الأنابيب نورد ستريم 2 فقال الجمهوري جيم ريش: «ما غاب عن الخطاب هو أي ذكر لخط أنابيب نورد ستريم 2 لفلاديمير بوتين. يبدو أن الرئيس لا يريد وقف خط الأنابيب الروسي هذا رغم أنه أوقف خط الأنابيب الأميركي (كيستون إكس إل)، وهذا يشكل خطراً على أمننا القومي وعلى حلفائنا في أوروبا».
وتحدث بايدن بشكل مقتضب عن أنشطة إيران وكوريا الشمالية النووية، فشدد على أهمية التعاون مع الحلفاء حول خطر البلدين، وقال: «فيما يتعلق ببرنامج إيران وكوريا المالية النووي الذي يشكل خطراً جدياً على أمن الولايات المتحدة والعالم، فسوف نعمل عن قرب مع حلفائنا للتصدي لهذه التهديدات عبر الدبلوماسية والردع الحاسم».
- أفغانستان وانتقال التهديد الإرهابي إلى الداخل
وبطبيعة الحال تحدث بايدن بشكل مفصل عن قراره سحب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول شهر سبتمبر (أيلول) المقبل فقال: «لقد ذهبنا إلى أفغانستان لملاحقة الإرهابيين الذين اعتدوا علينا في 11 سبتمبر. وقضينا على بن لادن وعلى نفوذ القاعدة الإرهابية في أفغانستان. بعد 20 عاماً من التضحيات الأميركية، حان وقت عودة قواتنا إلى بلدهم». وأشار بايدن إلى تنامي نفوذ الإرهابيين خارج أفغانستان، فقال: «(القاعدة) و(داعش) موجودان في اليمن وسوريا والصومال وأمكنة أخرى في أفريقيا. كما أننا لن نتجاهل استنتاجات مجتمعنا الاستخباراتي الذي قال إن أكبر خطر للإرهاب المحلي هنا ينبع من إرهاب العنصريين البيض».
- ملفات السياسة الداخلية
ومن هذه النقطة تطرق بايدن إلى أهمية فرض إصلاحات على الشرطة، ودعا الكونغرس إلى تمرير قوانين في هذا الإطار، مشيراً إلى حادثة جورج فلويد الأميركي من أصول أفريقية الذي قضى على يد شرطي أبيض. وحث بايدن الكونغرس إلى إقرار تعديلات على قانون حمل السلاح في ظل حوادث إطلاق النار المتكررة في الولايات المتحدة، كما دعا المشرعين إلى التوصل إلى تسويات لحل قضية الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها الولايات المتحدة.
وتحدث بايدن بإسهاب عن نجاح إدارته في التصدي لفيروس «كورونا» وحملة اللقاحات كما طرح مشروعاً جديداً بعنوان: «قانون العائلات الأميركية» لمساعدة العائلات في رعاية الأولاد والتعليم، في خطة تبلغ قيمتها نحو تريليوني دولار أميركي. مع الإشارة إلى خطته الأخرى لإصلاح البنى التحتية التي بلغت قيمتها أيضاً أكثر من تريليوني دولار. وفيما دعا بايدن الجمهوريين للتعاون معه لتمرير أجندته، انتقد الحزب الجمهوري بشدة المبالغ الطائلة التي يطرحها بايدن. وأشار الجمهوريون إلى أنه نكث بوعده في الحديث معهم للتوصل إلى تسويات.
- الرد الجمهوري: «أميركا ليست عنصرية»
وتمثل الرد الجمهوري الرسمي في خطاب للسيناتور تيم سكوت بعد أن اختتم بايدن كلمته. سكوت وهو السيناتور الجمهوري الوحيد من أصول أفريقية رد بحزم على الرئيس الأميركي في موضوع العنصرية. فقال: «اسمعوني جيداً: أميركا ليست بلداً عنصرياً». وانتقد سكوت بايدن والديمقراطيين معتبراً أنهم لا يودون التعاون مع الجمهوريين لتمرير أي مشروع، مشيراً إلى الطرح الذي قدمه لفرض إصلاحات على الشرطة ورفضه الديمقراطيون. وقال السيناتور الجمهوري: «خطة بايدن لإصلاح البنى التحتية هي مجرد لائحة تتضمن أمنيات الليبراليين لإهدار أموال الحكومة. الرئيس الأميركي لم ينفذ وعوده بجمع البلاد سوية». كما تحدث سكوت، وهو من الوجوه الجمهورية البارزة التي قد تترشح للسباق الرئاسي المقبل، عن جهود مكافحة فيروس «كورونا»، وذكّر بجهود إدارة ترمب في مكافحة الفيروس وإنتاج اللقاحات.
- بيلوسي وهاريس
وفيما سلّطت الأضواء على بايدن وردود الأفعال على خطابه، شهد خطابه الأول مشهداً تاريخياً، حيث وقفت وراءه ولأول مرة في التاريخ الأميركي امرأتان: نانسي بيلوسي في مقعد رئيسة مجلس النواب، وكامالا هاريس في مقعد نائبة الرئيس. وقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورة كل من بيلوسي وباريس جنباً إلى جنب لتخليد هذه اللحظة التاريخية التي رحب بها الديمقراطيون والجمهوريون رغم اختلاف وجهات النظر.
كما أشار بايدن إلى هذا المشهد في بداية خطابه قائلا وهو ينظر إليهما: «سيدتي رئيسة مجلس النواب…سيدتي نائبة الرئيس. لم يتفوه رئيس من قبل بهذه الكلمات من هذه المنصة، ولقد آن الأوان».



كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

TT

كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)
جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)

أكد رئيس الوزراء الكندي المستقيل، جاستن ترودو، ووزيرة خارجيته ميلاني جولي، الثلاثاء، أن أوتاوا «لن تنحني» أمام تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي دعا إلى ضم بلادهما إلى الولايات المتحدة.

وقال ترودو في منشور على منصة «إكس»، إنه «لا يوجد أي احتمال على الإطلاق في أن تصبح كندا جزءاً من الولايات المتحدة». وأضاف: «يستفيد العمال والمجتمعات في بلدينا من كونهما شريكين تجاريين وأمنيين كبيرين».

واحتجت وزيرة الخارجية الكندية جولي على تعليقات ترمب حول إمكانية استخدام القوة الاقتصادية ضد البلاد.

وقالت في منشور على شبكة التواصل الاجتماعي «إكس»: «إن تعليقات الرئيس المنتخب ترمب تظهر افتقاراً تاماً إلى فهم ما يجعل كندا دولة قوية... لن نتراجع أبداً في مواجهة التهديدات».

وتعهد ترمب أمس باستخدام «القوة الاقتصادية» ضد كندا، الحليفة المجاورة التي دعا لضمها إلى أراضي الولايات المتحدة.

وعندما سُئل عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية، أجاب ترمب: «لا، القوة الاقتصادية».

وأضاف أن اندماج «كندا والولايات المتحدة سيكون خطوة إيجابية. تخيلوا ما سيبدو عليه الوضع عند التخلص من هذا الخط المرسوم بشكل مصطنع. وسيكون ذلك أيضاً أفضل كثيراً على صعيد الأمن القومي».

يأتي ذلك غداة تجديد الرئيس المنتخب دعوته لضم كندا، وذلك عقب إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته.

وقال ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الاثنين: «إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعريفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تماماً من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار».

تحدي الحزب الليبرالي الكندي

ويجد حزب الليبراليين الكندي بزعامة رئيس الوزراء المستقيل جاستن ترودو نفسه في بحث عن زعيم جديد، بينما يتعامل مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع الكندية، ومع اقتراب موعد الانتخابات الكندية بعد أشهر قليلة.

وأعلن ترودو استقالته بعد مواجهة خسارة متزايدة للدعم داخل حزبه وفي البلاد. وأصبح سليل بيير ترودو البالغ من العمر 53 عاماً، أحد أشهر رؤساء الوزراء في كندا، غير محبوب بشدة لدى الناخبين، جراء مجموعة من القضايا، بما في ذلك ارتفاع تكلفة الغذاء والإسكان، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في عدد المهاجرين إلى كندا.

وقال ترودو إنه يخطط للبقاء رئيساً للوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب، ولكن من غير المرجح تسمية زعيم كندي جديد قبل تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني)، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

تأتي هذه الاضطرابات السياسية في لحظة صعبة بالنسبة لكندا؛ حيث يواصل الرئيس الأميركي المنتخب ترمب تسمية كندا بالولاية رقم 51، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع السلع الكندية، كما أن ترمب منشغل بالعجز التجاري الأميركي مع كندا.

وفي حين قال ترمب إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أي شيء من كندا. فإن نحو 60 في المائة من واردات النفط الخام الأميركية تأتي من كندا التي هي أيضاً وجهة التصدير الأولى لـ36 ولاية أميركية.

يحتاج الليبراليون في كندا إلى انتخاب زعيم جديد قبل استئناف عمل البرلمان في 24 مارس (آذار)؛ لأن أحزاب المعارضة الثلاثة تقول إنها ستسقط الحكومة الليبرالية في تصويت بحجب الثقة في أول فرصة، ما قد يؤدي إلى انتخابات. وقد لا يظل الزعيم الجديد للحزب الليبرالي رئيساً للوزراء لفترة طويلة: فمن المرجح جداً أن تصب انتخابات الربيع في صالح حزب المحافظين المعارض.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلتقطان صورة عند وصول ترودو إلى البيت الأبيض في واشنطن يوم 11 أكتوبر 2017 (أ.ب)

ومن المحتمل أن يتولى زعامة الليبراليين مارك كارني، الرئيس السابق لبنك كندا الذي تم تعيينه بوصفه أول أجنبي يشغل منصب محافظ بنك إنجلترا منذ تأسيسه في عام 1694، حسب وكالة «أسوشييتد برس». وقد نال تعيين كندي إشادة من الحزبين في بريطانيا بعد أن تعافت كندا بشكل أسرع من كثير من البلدان الأخرى من الأزمة المالية لعام 2008، واكتسب سمعة طيبة على طول الطريق بوصفه منظماً صارماً.

وكارني خبير اقتصادي يتمتع بخبرة في «وول ستريت» ويُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في مساعدة كندا على تفادي أسوأ أزمة عام 2008، ومساعدة المملكة المتحدة في إدارة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولطالما كان كارني مهتماً بدخول السياسة وتولي منصب رئيس الوزراء، ولكنه يفتقر إلى الخبرة السياسية.

وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند هي أيضاً من المرشحين الأوفر حظاً. وأخبر ترودو فريلاند الشهر الماضي أنه لم يعد يريدها في هذا المنصب، ولكن يمكن أن تظل نائبة لرئيس الوزراء، والشخصية المحورية للعلاقات بين الولايات المتحدة وكندا.

وقال مسؤول مقرب من فريلاند إنها لا تستطيع الاستمرار في العمل وزيرة؛ لأنها تعلم أنها لم تعد تتمتع بثقة ترودو. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوَّل له التحدث علناً بشأن هذه المسألة. وأضاف أنه من السابق لأوانه الإدلاء بتصريحات؛ لكنه قال إن فريلاند ستتحدث إلى زملائها هذا الأسبوع، وتناقش الخطوات التالية. وبعد استقالتها، وصف ترمب فريلاند بأنها «سامة تماماً»، و«غير مناسبة على الإطلاق لإبرام الصفقات».

ولدى فريلاند صفات كثيرة قد تبدو مزعجة لترمب: صحافية كندية سابقة ليبرالية، وهي عالمية تجلس في مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي.

وفريلاند التي تنحدر من أصول أوكرانية، كانت أيضاً مؤيدة قوية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.

مرشح محتمل آخر لتولي زعامة الليبراليين ورئاسة وزراء كندا، هو وزير المالية الجديد، دومينيك لوبلان. وقد انضم لوبلان (وزير الأمن العام السابق وصديق مقرب لترودو) مؤخراً إلى رئيس الوزراء، في عشاء مع ترمب في مارالاغو.

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن فرص الليبراليين في الفوز بالانتخابات المقبلة في كندا تبدو ضئيلة. ففي أحدث استطلاع، يتخلف الليبراليون عن المحافظين المعارضين بنسبة 45 في المائة إلى 23 في المائة.