فرنسا تقرر منع دخول سياسيين لبنانيين «معرقلين» و{متورطين في الفساد»

TT

فرنسا تقرر منع دخول سياسيين لبنانيين «معرقلين» و{متورطين في الفساد»

هدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان مجدداً السياسيين اللبنانيين الذين تعتبرهم بلاده مسؤولين عن الطريق المسدود الذي تراوح فيه الأزمة اللبنانية، بأن «عليهم أن يفهموا أننا لن نقف مكتوفي الأيدي»، وقال لو دريان الذي كان أمس في زيارة رسمية إلى مالطا، في إطار مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المالطي، إن فرنسا وشركاءها في الاتحاد الأوروبي أطلقوا «مشاورات بشأن الوسائل المتوافرة في حوزتهم لزيادة الضغوط على أطراف النظام السياسي اللبناني الذين يعيقون الخروج من الأزمة».
وهذا الكلام ليس جديداً، إذ سبق للوزير الفرنسي أن أطلق مثله عدة مرات في السابق، إلى درجة أن اللبنانيين أخذوا ينظرون إليه بكثير من التشكيك، علماً بأنه طلب من نظرائه تفحص فرص فرض عقوبات على سياسيين لبنانيين، كما طلب من «وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل أن يقدم «مقترحات» أو خطة عمل بهذا الخصوص. ورغم أن أفكاراً بهذا المعنى تمت مناقشتها في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الاتحاد، فإن شيئاً ملموساً لم يصدر، بل الأمور ما زالت قيد الدرس.
ومما تسرب من الورقة الأوروبية مقترحات تضم محفزات وعقوبات. وفي باب المحفزات، دعم لبنان في محادثاته مع صندوق النقد الدولي، وتمكينه من الحصول على قروض ميسرة في إطار «أجندة البحر المتوسط»، وإطلاق مفاوضات لاتفاق شراكة مع الاتحاد للسنوات الست القادمة، وتوفير مساعدة فنية في موضوع الانتخابات المقبلة... أما في باب الضغوط، فأول الغيث إنشاء نظام عقوبات خاص بلبنان، ووضع لائحة بالأشخاص الذين قد تشملهم والدوائر القريبة منهم، وحظر دخولهم إلى أراضي الاتحاد، وتجميد أصولهم وحظر التعامل الاقتصادي معهم، وحظر إتاحة أموال أو موارد اقتصادية للأشخاص الذين ستشملهم العقوبات.
بيد أن الجديد الذي جاء على لسان لودريان، أمس، يتناول إجراءات فرنسية، إذ قال إن باريس «بدأت، على صعيد وطني، العمل بتدابير من شأنها منع الوصول إلى الأراضي الفرنسية لشخصيات مرتبطة بحالة الانسداد السياسي (أي منع تشكيل حكومة جديدة) أو غارقة في الفساد». وأضاف لو دريان: «إننا نحتفظ بإمكانية اتخاذ تدابير إضافية بحق جميع الذين يعيقون الخروج من الأزمة، وسوف نقوم بذلك بالتنسيق مع شركائنا الأوروبيين».
ولفت لودريان إلى «تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية»، مشدداً على وجود «مسؤولين سياسيين يواظبون على الحؤول دون تشكيل حكومة تتمتع بالكفاءة وقادرة على القيام بالإصلاحات»، التي تعتبرها مجموعة الدعم للبنان والمؤسسات المالية الدولية والأسرة الدولية بشكل عام الممر الإلزامي للوقوف إلى جانب لبنان ولإخراجه من أزمته.
وحتى يوم أمس، لم تكشف السلطات الفرنسية عن هوية الأشخاص الذين بدأت بفرض قيود على دخولهم إلى الأراضي الفرنسية، فيما تدور تساؤلات حول مدى تقدم البحث في العقوبات الأوروبية نظراً للعقبات التي تعترضها، وأولها عدم وجود أساس قانوني واضح لفرضها وللحاجة لإجماع سياسي أوروبي وتداخل الأزمة المحلية والإقليمية والدولية والتخوف من أن تفضي العقوبات إلى تأجيج الأزمة وليس تيسير الخروج منها. وفي أي حال، أعربت عدة أطراف أوروبية عن «عدم حماسها» لفرض عقوبات، علماً بأن العواصم الغربية لا تعتبر نفسها جميعاً معنية بالقدر نفسه بما هو حاصل في لبنان. وفي أي حال، فإن قراراً كهذا بحاجة إلى موافقة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الذين لن يجتمعوا، مبدئياً، إلا بحلول يونيو (حزيران) المقبل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».