3 منارات سعودية تعزز الحراك الثقافي والأدبي في البلاد

السعودية حرصت على إعارة الاهتمام البالغ لتنمية الثقافة الفكرية لشعبها (واس)
السعودية حرصت على إعارة الاهتمام البالغ لتنمية الثقافة الفكرية لشعبها (واس)
TT

3 منارات سعودية تعزز الحراك الثقافي والأدبي في البلاد

السعودية حرصت على إعارة الاهتمام البالغ لتنمية الثقافة الفكرية لشعبها (واس)
السعودية حرصت على إعارة الاهتمام البالغ لتنمية الثقافة الفكرية لشعبها (واس)

تكتنز السعودية عديداً من الأماكن التي تحفز النشر والثقافة الأدبية، وتتمثل هذه الكنوز في المكتبات الحكومية العامة التي تمثل شواهد ثقافية، تحوي آدابها وآثارها الفكرية والعمرانية أيضاً.
وحرصت السعودية على إعارة الاهتمام البالغ لتنمية الثقافة الفكرية لشعبها، في وقت يتجاوز عدد المكتبات العامة في السعودية 84 مكتبة، موزعة في مناطق مختلفة.
وساهمت الاتجاهات السعودية في تعزيز الثقافة، من خلال هذه المكتبات، بتشجيع المجتمع على القراءة والتحفيز على الكتابة، من خلال تصنيفهما كفنّ فعلي يتم المكافأة عليه من خلال جوائز قيمة، وتقديم الدورات المجانية في كثير من كتاباتها العامة، التي تكون مجانية التكلفة.
وبناءً على اهتمام آخر نصت عليه السعودية، تم تشكيل «هيئة المكتبات» في عام 2020، التي تهدف لتطوير المكتبات وتوفير أكبر قدر ممكن من البيئات المناسبة للقراءة وممارسة الفن الأدبي بجميع أنواعه.
ولم يتم الاكتفاء بتشكيل هيئة المكتبات وحسب، بل تم تأسيس «هيئة الأدب والنشر والترجمة» التي لحقتها في العام ذاته أيضاً، وتستهدف تنظيم الدورات والتدريب وخلق فرص للإبداع في مختلف المجالات الأدبية.
مع وجود الهيئات المتخصصة في المجال، والعديد من المكتبات، تظهر منارات ثقافية سعودية، تعد مرجعاً أصيلاً للباحثين والمهتمين والمثقفين، وهي ذات مجالس إدارات كبرى، يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
أولها «دارة الملك عبد العزيز»، التي تُعد الأهمّ لكونها المصدر الأساسي لفهرسة الكتب التي تخدم تاريخ المملكة، أو يكون لها علاقة بالأسرة المالكة، أو بتاريخ الجزيرة العربية. وتلعب الدارة دوراً أساسياً في فهرسة الكتب التاريخية العربية قبل نشرها في المملكة، عبر بنود وتعليمات دقيقة، وتميزت الدارة السعودية في خدمة الدولة، وتراثها، وآثارها التاريخية، وتحفظ جميع حقوقها الفكرية، وتُعدّ المرجع الأساسي والدولي للتاريخ السعودي منذ تأسيسها في عام 1972 حتى اليوم.
كما تتميز بكونها رصدت تاريخ الجزيرة العربية على وجه الخصوص، وجميع ما يتعلق به من الناحية الجغرافية والإسلامية أيضاً. وتهدف تماشياً مع «رؤية السعودية 2030»، على منح جوائز سنوية تحت اسم «جائزة الملك عبد العزيز»، وتهدف إلى خدمة الأدبيين والأدبيات في جميع مجالات واختصاصات الدارة، محاولة منها على تشجيع المهارات الأدبية، والحفاظ على الثقافة الفكرية السعودية.
ثاني تلك المنارات الثقافية، مكتبة «الملك فهد الوطنية» التي تأسست في عام 1983. وتعد هذه المكتبة معلماً تذكارياً، إذ إنها كانت على نفقة المواطنين، وتميزت بمبناها المصمم بطابع معماري حديث، الذي ساهمت في بنائه أمانة الرياض، وصُممت المكتبة لتكون عامة في البداية، ولكنها سرعان ما تحولت إلى مكتبة وطنية، تمثل المملكة العربية السعودية.
وحدث هذا التحول بعد الاستماع لاقتراح الملك سلمان بن عبد العزيز (أثناء إمارته على الرياض) الذي كان له الدور الكبير في تطويرها، وتتميز مكتبة «الملك فهد الوطنية» بأكثر من كونها مجرد بناء معماري بالغ الجمال والندرة؛ فهي تحتوي على الخدمات المرجعية والإعارة أيضاً للأفراد ولجميع الهيئات الحكومية كانت أم الخاصة.
ومن أكثر ما يميز المكتبة الوطنية مسؤوليتها في فهرسة جميع الكتب السعودية، ومن جهة أخرى، تنظيمها وإقامتها للدورات والمعارض لكل الراغبين، لزيادة وتثقيف من يريد ذلك. كما أنها تقوم أيضاً بتمثيل المملكة في جميع المؤتمرات واللقاءات الدولية.
ثالث المكتبات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، التي نشأت بعد المكتبة الوطنية بعامين، في عام 1985، تمتلك طابعاً مختلفاً تتميز عن باقي المكتبات، فالهدف من إقامتها كان خيرياً، إذ إنها توفر جميع مصادر المعرفة البشرية وتيسر استخدامها لمن يحتاج إليها من الباحثين والدارسين. كما أن لهذه المكتبة فرعاً في الصين، وتحديداً في جامعة بكين، الذي تم إنشاؤه بقرار من مجلس الوزراء، والذي تم التوقيع عليه في عام 2006. ويُعرف عنها أيضاً وجود مكتبة رقمية خاصة بها، وفهرس عربي موحد، واحتواؤها على موسوعة المملكة العربية السعودية للأطفال والناشئة. وتتميز كذلك بمجانيتها لجميع فعاليتها، مؤكدة ذلك على الحساب الرسمي الخاص بها بأن «المعرفة ثمينة، فعاليتنا دون رسوم».
وتمنح المكتبة العامة جائزة «الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة» للمترجمين والمترجمات سنوياً، تشجيعاً وتقديراً منها للمجهودات والأعمال البارزة في مجال الترجمة.



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.