مشروع قانون فرنسي لتعزيز محاربة الإرهاب يتيح الرقابة الجماعية على وسائل التواصل

ماكرون يحضر اليوم مراسم دفن الشرطية الضحية... وتكريم وطني لها الجمعة

TT

مشروع قانون فرنسي لتعزيز محاربة الإرهاب يتيح الرقابة الجماعية على وسائل التواصل

ثمة عادة أصبحت متأصلة في فرنسا بغض النظر عن نوع الحكومات التي تمارس السلطة؛ أكانت من اليمين أو من اليسار، وقوامها الرد على أي حادث، خصوصاً الأمني منها، باقتراح مشروع قانون جديد. ولم تحد الحكومة الحالية عن هذا الخط؛ فمنذ الاعتداءات التي ضربت فرنسا في عام 1986، صدر ما لا يقل عن عشرين قانوناً لغرض محاربة الإرهاب. وآخر ما أقره البرلمان بمجلسيه (النواب والشيوخ)، قانون «الأمن الشامل» في 15 أبريل (نيسان) الحالي، بينما لا يزال قانون محاربة الأصولية الإسلاموية المسمى «تعزيز مبادئ الجمهورية» قيد المناقشات، ويُنتظر أن يصدر في الأسابيع القليلة المقبلة. والجديد أن مجلس الوزراء الفرنسي استعرض في اجتماعه الأسبوعي أمس برئاسة إيمانويل ماكرون مشروع قانون جديد قدمه وزيرا الداخلية والعدل، وغرضه توفير الوسائل القانونية الإضافية من أجل سد الفراغ التشريعي في عملية محاربة الإرهاب الذي ضرب مجدداً يوم الجمعة الماضي، في مدينة رامبوييه، وأسفر عن مقتل شرطية على مدخل مقر الشرطة في المدينة المذكورة، كما قتل الجاني، وهو تونسي الجنسية، اسمه جمال قرشان، ويبلغ من العمر 26 عاماً.
وبموازاة ذلك، أعلن وزير العدل أريك دوبون موريتي أنه سيتم تقديم مشروع قانون جديد سوف يسمى «قانون سارة حليمي»، وهي امرأة يهودية متقدمة بالسن قُتلت قبل أربع سنوات على يدى لاجئ منعت عنه محكمة التمييز المحاكمة بحجة أنه كان فاقداً للبصيرة عندما ارتكب جنايته، بسبب تعاطيه المخدرات، الأمر الذي أثار موجة من التأثر خصيصاً في الأوساط اليهودية. ويُراد من القانون الجديد أن يسد الفراغ القانوني في التعامل مع هذه المسألة.
ويقول وزير الداخلية جيرالد درامانان إن الحكومة كانت تحضر لمشروع القانون الجديد منذ ما قبل عملية رامبوييه الإرهابية الإسلاموية. وربما كان هذا القول صحيحاً. إلا أن الصحيح أيضاً أن طرحه بهذه السرعة يراد منه أن يكون رداً على الإرهاب ومحاولة لطمأنة الرأي العام الفرنسي، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها أفراد الشرطة، بل إنها العملية السابعة التي تضربهم في السنوات الأخيرة.
كذلك تريد الحكومة الالتفاف على الانتقادات الموجهة إليها من قبل اليمين واليمن المتطرف اللذين يتهمانها إما بالعجز أو بالسذاجة. ومع اقتراب استحقاقين انتخابيين؛ الأول الانتخابات الإقليمية في شهر يونيو (حزيران) والثاني الرئاسيات ربيع العام المقبل، فإن المسألة الأمنية ستكون على رأس الملفات التي ستُطرح. وترى المعارضة أنها نقطة الضعف الرئيسية خلال رئاسة ماكرون الذي سيخوض غمار المنافسة للفوز بولاية جديدة من خمس سنوات. وتجدر الإشارة إلى أن العمليات الإرهابية التي جرت في فرنسا منذ بداية عام 2015، أوقعت 262 ضحية ومئات الجرحى. واليوم، سيشارك ماكرون في مراسم دفن الشرطية ستيفاني مونفيرميه فيما سيقام لها حفل تكريم رسمي على المستوى الوطني بحضور رئيس الحكومة جان كاستيكس.
يتشكل مشروع القانون الجديد من 19 مادة، بعضها يتضمنه قانون الاستخبارات الصادر في عام 2015، وبعضها الآخر في قانون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب الصادر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، بيد أن أهم ما يأتي به مشروع القانون الجديد أمران: الأول، توفير إمكانية من أجل تمديد تدابير المراقبة الفردية (الإقامة الجبرية) «إلى حد سنتين» لما بعد الخروج من السجن «بدل سنة واحدة حالياً» للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن ثلاث سنوات على أقل تقدير مع النفاذ بتهم الإرهاب. ويسمح النص باتخاذ تدابير إدارية وقضائية تصل إلى خمس سنوات بحق هؤلاء «الخارجين من السجن» إذا كانوا يمثلون «خطراً كبيراً» بتكرار فعلتهم. ومن هذه التدابير فرض الإقامة الجبرية المطولة، وإلزام صاحب العلاقة بأن يبقى على اتصال دائم بأجهزة الشرطة والقضاء.
وأكد وزير العدل أن نحو مائة شخص سيخرجون من السجن في الأشهر المقبلة بعد أن نفذوا فترة أحكامهم الأمر الذي يطرح تحدياً كبيراً على السلطات، لجهة متابعتهم لفترات طويلة.
أما الأمر الثاني، فإنه يهدف إلى محاولة استباق وقوع عمليات إرهابية فردية أو منظمة من خلال مراقبة جماعية لما هو جارٍ على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، باللجوء إلى برامج رقابة متطورة قادرة على اكتشاف كل ما له علاقة بالتطرف والراديكالية والتخطيط لعمل إرهابي. وعلى سبيل المثال، فإن شخصاً يشاهد مقاطع فيديو لتنظيم إرهابي، كقطع الرأس أو لتيار راديكالي أو يميل إلى تطرف ديني، أو يعمل على التخطيط لعمل عنيف سيتم كشفه بشكل آلي من خلال برامج المراقبة المشار إليها. وسيتم تمديد مدة استخدام هذه التقنية لمدة شهرين، بعدما كانت مسموحاً بها لشهر واحد فقط.
كما سيسمح القانون الجديد بالاحتفاظ بمعلومات وبيانات الأشخاص لمدة خمس سنوات. ورداً على المناهضين لهذه التقنية بحجة أنها تُعدّ تدخلاً في الحياة الشخصية للمواطنين، أجاب الوزير دارمانان بأن «كل الشركات تستخدم هذه التقنية، ولماذا إذن لا تستطيع الدولة القيام بذلك هي أيضاً؟». وينتظر أن تثير هذه المادة كثيراً من الجدل، باعتبار أنها تمثل تدخلاً في حياة الناس الشخصية وتشبه، إلى حد بعيد، فرض رقابة جماعية على الاتصالات، وكل ما له علاقة بأشكال التواصل الإلكتروني، أكانت شبكة الأنترنت أو ما تفرع عنها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».