السودان يشرع في حملة دبلوماسية لتأييد موقفه من «سد النهضة»

المهدي تقود وفداً إلى عدد من العواصم الأفريقية

وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي (سونا)
وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي (سونا)
TT

السودان يشرع في حملة دبلوماسية لتأييد موقفه من «سد النهضة»

وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي (سونا)
وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي (سونا)

أعلنت الحكومة السودانية ترتيب حملة دبلوماسية واسعة في أفريقيا لكسب التأييد لموقف السودان من سد النهضة، ومطالبها المشروعة في التوصل إلى حل عادل مرضٍ للأطراف الثلاثة، عبر اتفاق قانوني ملزم، وذلك بعد أيام من تصريحات لوزير الري والموارد المائية اتهم فيها الاتحاد الأفريقي بالانحياز النسبي إلى إثيوبيا.
وقالت الخارجية السودانية، في بيان لها أمس، إن الوزيرة مريم الصادق المهدي ستقود وفداً رفيعاً في جولة خارجية تبدأ بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتلتقي في كنشاسا الرئيس فيليكس تشيكيدي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، تأكد خلالها دعم السودان لرئاسة الكونغو لجهود الوساطة من أجل التوصل إلى حل عادل مرضٍ للأطراف كافة، بما في ذلك توقيع اتفاق قانوني ملزم بشأن عمليات ملء وتشغيل سد النهضة، ووفقاً لقواعد القانون الدولي.
وانتقد وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، الجمعة، الاتحاد الأفريقي، ووصفه بأنه اكتفى بـ«طور المراقب فقط، ولا توجد منهجية جادة للتفاوض للوصول إلى الاتفاق»، واتهمه بالانحياز لإثيوبيا بقوله: «الاتحاد الأفريقي منحاز إلى الجانب الإثيوبي إلى حد ما».
وتشمل جولة الوزيرة مريم المهدي الأفريقية دول «كينيا، ورواندا، وأوغندا»، لتجري مباحثات مع رؤساء هذه الدول، تشرح فيها موقف ورؤية السودان بشأن الوصول إلى حل للخلاف القائم على سد النهضة.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات عباس الناقدة لدور الاتحاد الأفريقي أثارت جدلاً في الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أول من أمس، مع اللجنة العليا لمتابعة ملف سد النهضة وفريق التفاوض.
وفيما يمكن وصفه بالتراجع عن تلك التصريحات، قالت الخارجية السودانية في البيان ذاته: «تثمن حكومة السودان الدور المهم الطليعي الذي ظل يضطلع به الاتحاد الأفريقي في إرساء دعائم الاستقرار والسلم والأمن بالقارة الأفريقية، تطبيقاً لشعار حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية». وأكد البيان أن ثقة الحكومة السودانية في الاتحاد الأفريقي، وقيادته لجهود الوساطة من أجل الوصول إلى حلول سريعة ناجعة لمسألة «سد النهضة» تخاطب انشغالات الدول الأطراف، وتلبي طموحاتها من إنشاء السد، لا سيما عمليتي ملئه وتشغيله.
وفي أثناء ذلك، صعدت إثيوبيا لهجتها الرافضة للمطالب السودانية - المصرية، معتبرة اتفاقية تقاسم مياه نهر النيل بين السودان ومصر «غير مقبولة»، وانتقدت ما أطلقت عليه «تهديدات دول المصب»، ووصفتها بـ«غير المجدية»، وذلك في إشارة لتصريحات سودانية باللجوء للقانون الدولي والإقليمي ضد إثيوبيا والشركة التي شيدت السد.
ونقلت تقارير صحافية عن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، أمس، أن دولتي المصب (يقصد السودان ومصر) لا تريدان نجاح الاتحاد الأفريقي في إنهاء مفاوضات سد النهضة، وأنهما تسعيان إلى إطالة أمد المفاوضات، لذا انسحبتا من 9 جولات تفاوض سابقة. وقال مفتي إن الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل التي يتمسك بها كل من السودان ومصر «لا يمكن قبولها، وهي غير معقولة»، مشيراً في ذلك إلى اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا التي كانت تستعمر مصر، واتفاقية تقاسم مياه النيل 1959 لتوزيع حصص المياه بين السودان ومصر، بواقع 55.5 مليار متر مكعب لصالح مصر، و18.5 مليار للسودان، من جملة إيرادات النهر البالغة 74 مليار متر مكعب.
بيد أن وزير الري والموارد المائية السوداني كان قد ذكر، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بتاريخ 12 أبريل (نيسان) الحالي، أن إثيوبيا غير ملزمة بالاتفاقيات الموقعة بين السودان ومصر، وأن اتفاقية 1959 لا تعنيها من قريب أو بعيد، وهي ملزمة للبلدين الموقعين عليها.
وأوضح أن موقف بلاده لا ينتقص من حق إثيوبيا في استخدامات مياه النهر، وأن السودان لم يقل إطلاقاً إن إثيوبيا لا تملك الحق في استخدامات المياه، وأن مقترح السودان الذي أمن عليه الخبراء الأفارقة يعطي إثيوبيا الحق الكامل في إنشاء أي مشروعات مستقبلية لاستخدام مياه النيل، شريطة أن يتم ذلك وفق القانون الدولي.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.