محمد ديبي يعد بـ {حوار شامل} و{مصالحة وطنية}

الرئيس الفرنسي لا يدعم «خطة التوريث» في تشاد... واحتجاجات ضد المجلس العسكري في نجامينا

ساحة نصب الاستقلال في العاصمة التشادية نجامينا أول من أمس (أ.ب)
ساحة نصب الاستقلال في العاصمة التشادية نجامينا أول من أمس (أ.ب)
TT

محمد ديبي يعد بـ {حوار شامل} و{مصالحة وطنية}

ساحة نصب الاستقلال في العاصمة التشادية نجامينا أول من أمس (أ.ب)
ساحة نصب الاستقلال في العاصمة التشادية نجامينا أول من أمس (أ.ب)

قال الزعيم العسكري الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، أمس (الثلاثاء)، إن بلاده بحاجة إلى دعم هائل من الشركاء من أجل استقرار الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد.
وتعهد الجنرال ديبي، رئيس المجلس العسكري، بتنظيم «حوار وطني شامل» وبالعمل على تحقيق «المصالحة الوطنية». لكن تصريحاته تزامنت مع توتر في العاصمة نجامينا، حين سقط ما لا يقل عن قتيلين خلال مظاهرات مناهضة لقرارات المجلس العسكري منذ مقتل الرئيس إدريس ديبي، قبل أسبوع.
وكان ديبي الابن يلقي أول خطاب له «موجه إلى الأمة» منذ أن ترأس المجلس العسكري الانتقالي الذي هيمن على كل الصلاحيات، وحل الحكومة والبرلمان، بسبب الفراغ الذي أحدثه مقتل إدريس ديبي. وتحدث الجنرال الشاب (37 عاماً) عن وجود «قوى ظلامية» تجب مواجهتها والقضاء عليها لأنها أكبر «خطر يهدد تشاد»، وذلك في إشارة إلى المتمردين القادمين من ليبيا في الشمال، وجماعة «بوكو حرام» على الحدود الغربية.
وبرر ديبي قراراته بتشكيل مجلس عسكري انتقالي وحل البرلمان والحكومة بالوضع الأمني الصعب والمخاطر التي تتهدد وجود الدولة، وقال: «ليس للمجلس العسكري الانتقالي أي هدف سوى ضمان استمرارية الدولة وبقاء الأمة ومنعها من الانزلاق نحو العنف والفوضى».
وتعهد بتنظيم «حوار وطني شامل» من شأنه أن يقود إلى «مصالحة وطنية» وتنظيم انتخابات رئاسية «حرة ونزيهة»، وقال إنه من أجل ذلك عين رئيساً للوزراء وكلفه بمهمة تشكيل «حكومة مصالحة وطنية جديدة»، هي التي ستحدد «توقيت وآليات إجراء الحوار».
وجاء خطاب ديبي في وقت حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، بمناسبة استقباله لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فليكس تشيسيكدي، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، على وضع النقاط على الحروف وتوضيح موقفه، خصوصاً بعد القمع الذي عرفته تشاد أمس ووقوع قتيلين وعشرات الجرحى في المظاهرات والتجمعات التي دعت إليها أحزاب المعارضة.
بيد أن الأهم في كلام ماكرون تناول توضيح موقفه من مشروع «توريث» الجنرال محمد إدريس ديبي الذي راكم السلطات بين يديه التنفيذية والتمثيلية بحيث تحول إلى الرجل القوي في البلاد. وقال ماكرون، بعد أن أدان «بأقسى العبارات، قمع المظاهرات، والأعمال العنفية» التي عرفتها تشاد، ما حرفيته: «لقد عبرت بوضوح خلال وجودي في نجامينا (لحضور جنازة الرئيس ديبي) عن دعمي لاستقرار وسلامة أراضي تشاد، وإنني أؤيد عملية انتقال سلمية، ديمقراطية وشاملة. لكنني لا أدعم خطة توريث، وفرنسا لن تقف أبداً إلى جانب مع من يسعون إلى مشروع كهذا». واستطرد الرئيس الفرنسي قائلاً: «نحن ندعو إلى احترام الالتزامات التي تعهد بها المجلس الانتقالي... وقد حان زمن إطلاق حوار سياسي مفتوح للجميع، وهذا ما ننتظره من المجلس، وهذا شرطنا لتوفير الدعم له». وخلص ماكرون إلى اعتبار أن الوضع السائد اليوم في تشاد «مصدر قلق كبير لنا».
ومن جانبه، سارع رئيس الكونغو الديمقراطي إلى التشديد على «العودة السريعة إلى النظام الديمقراطي» الذي انقلب عليه المجلس العسكري من خلال حل المؤسسات التي تجسده، معتبراً أن هذا التوجه هو الشرط الذي لا بد منه للتمتع بدعم الكونغو والاتحاد الأفريقي، الذي سبق له أن ندد بالانقلاب على المؤسسات. ولاحقاً صدر بيان مشترك عن الرئيسين أدان بقوة قمع المتظاهرين ودعا إلى وقف أشكال العنف كافة. ودعا الرئيسان إلى «مسار انتقالي شامل يضم القوى السياسية كافة بقيادة حكومة وحدة وطنية مشكلة من المدنيين وتعمل لإيصال البلاد إلى انتخابات خلال 18 شهراً» مع التذكير بدعم استقرار تشاد وسلامة أراضيها.
ويعي الجميع موقع باريس وقدرتها على التأثر على مسار الأمور في مستعمرتها السابقة. وخلال حكم ديبي الأب، عمدت فرنسا، من خلال قواتها العسكرية إلى إنقاذ نظام ديبي من الانهيار، على الأقل مرتين، بقطع طريق الوصول إلى القصر الرئاسي على المتمردين في نجامينا.
وما يريد ماكرون إفهامه الجنرالات، وعلى رأسهم الجنرال الشاب محمد إدريس ديبي، ألا يعولوا على الدعم الفرنسي في حال سعى الأخير إلى وراثة والده، وخصوصاً أنه سيؤجج النزاعات السياسية والمناطقية والإثنية في بلد يعرف الإرهاب مع جماعة «بوكو حرام» والمشكلات الأمنية في أكثر من منطقة.
وعاشت تشاد أمس يوماً من المظاهرات والتجمعات واجهتها السلطات العسكرية بالقمع والقنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص. وثمة تخوف من أن يفضي تدهور الأوضاع إلى اندلاع حرب أهلية ذات طابع سياسي - إثني بين مكونات تشاد المتعددة التي نجح الرئيس السابق في إسكاتها من خلال سياسة قمعية لا ترحم. من هنا، فإن باريس ترى أن الحل في انفتاح السلطات الجديدة على الحوار السياسي وإفساح المجال للجميع للمشاركة في صياغة السلطات الجديدة التي ستجيء مبدئياً بعد 18 شهراً عبر صناديق الاقتراع، الأمر الذي يفترض التزام المجلس العسكري بتنفيذ وعوده.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».