ملاريا مقاومة للدواء على الحدود بين ميانمار والهند

علماء يعتقدون أن ملايين الأرواح ستكون عرضة للخطر

ملاريا مقاومة للدواء على الحدود بين ميانمار والهند
TT

ملاريا مقاومة للدواء على الحدود بين ميانمار والهند

ملاريا مقاومة للدواء على الحدود بين ميانمار والهند

قال علماء اليوم الجمعة إنهم رصدوا ملاريا مقاومة لعقار أرتيميسنين في ميانمار، وإنها تنتشر قرب الحدود مع الهند في تكرار للتاريخ حين أصبحت أدوية عديمة الجدوى.
وأفاد العلماء أنه إذا وصلت طفيليات الملاريا المقاومة للدواء إلى الهند فإن هذا سيشكل خطرا كبيرا على فرص احتواء المرض، الذي ينقله البعوض، والقضاء عليه في جميع أنحاء العالم.
وذكروا في تقرير أنه إذا انتقلت الملاريا المقاومة للدواء من آسيا إلى أفريقيا أو إذا ظهرت في أفريقيا بشكل مستقل - مثلما كان الحال مع أدوية سابقة مضادة للملاريا كانت فعالة وباتت الآن بلا جدوى - فإن «ملايين الأرواح ستكون عرضة للخطر».
وقال تشارلز وودرو من وحدة أبحاث ماهيدول - أوكسفورد على العقاقير الاستوائية الذي قاد الدراسة في جامعة أوكسفورد: «تعتبر ميانمار الجبهة الأمامية في المعركة ضد مقاومة عقار أرتيميسنين فيما تشكل مدخلا للمقاومة ينتشر لباقي أنحاء العالم».
وفي الدراسة التي نشرت في دورية ذا لانسيت إينفكشوس ديزيزيس جمع فريق وودرو 940 عينة من الطفيليات في 55 مركزا لعلاج الملاريا في شتى أنحاء ميانمار وأقاليمها الحدودية. واكتشفوا أن نحو 40 في المائة من العينات حدث بها تحور فيما يسمى جين كيلتش أو كيه.13 وهو مؤشر جيني معروف لمقاومة عقار أرتيميسنين.
كما أكدوا وجود الطفيليات المقاومة للعقار في منطقة هومالين بمنطقة ساغاينغ على بعد 25 كيلومترا فقط من حدود الهند.
وفي لمحة سريعة على التسلسل الزمني لأهم الأحداث التاريخية المرتبطة بمرض، يذكر أنه في عام 270 قبل الميلاد ورد أول وصف لأعراض الملاريا في كتاب طبي صيني قديم يحمل اسم «هوانغ دي نايغينغ». ومن أهم الأدوية التي وصفت لعلاج المرض نبات «كينغهاو» الذي يستخلص منه الآن عقار أرتيميسنين المستخدم لعلاج المرض في الوقت الحالي.
وفي سنة خمسة ميلاديا، حدثت «حمى روما» التي وصفها كثير من المؤرخين بأنها تفشٍ لوباء الملاريا وأودت بحياة الكثيرين من سكان روما.
في عام 1880، اكتشف الجراح العسكري الفرنسي شارلز لويس لافيران الطفيل الذي يسبب مرض الملاريا، وحصل في وقت لاحق على جائزة نوبل في الطب.
وفي عام 1897، اكتشف الضابط البريطاني رونالد روس أثناء خدمته في الهند أن مرض الملاريا ينتقل عن طريق البعوض، وحصل على جائزة نوبل في الطب عام 1902.
في عام 1934، طور الباحث هانز أندرساج عقار الكلوروكين، وهو أول دواء لعلاج الملاريا.
في عام 1955، حاولت منظمة الصحة العالمية القضاء على الملاريا في مختلف أنحاء العالم عن طريق استخدام المبيد الحشري (دي دي تي)، ثم أوقف البرنامج في وقت لاحق لأنه لم يحقق نتائج حاسمة ونظرا لارتفاع تكلفته وتزايد المعارضة الشعبية له.
في عام 1967، كشفت الحكومة الصينية النقاب عن البرنامج 523 الذي توصل في نهاية المطاف إلى دواء أرتيميسنين المستخلص من أعشاب تقليدية صينية.
وفي عامي 2006 و2007، أعلنت منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية اليوم العالمي للملاريا وأطلقتا برنامج «لا شيء غير الناموسيات»، وهو برنامج لتوفير الناموسيات للوقاية من البعوض.
وما تزال الملاريا حتى الآن تمثل مشكلة خطيرة في دول العالم النامي. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الملاريا يصيب نحو 200 مليون شخص كل عام وأن عدد الوفيات الناجمة عن المرض تصل إلى ما يقدر بـ584 ألف حالة وفاة سنويا.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».