«كوفيد ـ 19» يبعد اليمنيين عن المستشفيات

الحوثيون لا يعلنون الإصابات في مناطق سيطرتهم

يمني عند قبر زوجته الحامل بعد رفض المستشفيات استقبالها خوفاً من «كورونا» (أ.ف.ب)
يمني عند قبر زوجته الحامل بعد رفض المستشفيات استقبالها خوفاً من «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

«كوفيد ـ 19» يبعد اليمنيين عن المستشفيات

يمني عند قبر زوجته الحامل بعد رفض المستشفيات استقبالها خوفاً من «كورونا» (أ.ف.ب)
يمني عند قبر زوجته الحامل بعد رفض المستشفيات استقبالها خوفاً من «كورونا» (أ.ف.ب)

يستذكر مشير فرحان بحسرة كيف بحث مطولاً مع زوجته الحامل عن مستشفى لاستقبالها بعدما عانت من صعوبة في التنفس، إذ رفضت ثلاثة منها علاجها خشية أن تكون مصابة بفيروس «كورونا»، قبل أن تفارق الحياة مع جنينها في المستشفى الرابع. ورحلت بلقيس (31 عاما) وهي حامل في شهرها التاسع وتركت زوجها وطفلاً لم يبلغ من العمر عامين بعد.
وتلخّص قصتها حالة الخوف التي تسود بين الأطباء في مستشفيات صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين من فيروس «كورونا»، حيث يتم رفض استقبال الحالات التي يشتبه بإصابتها بالوباء. وتفتقد هذه المستشفيات للوسائل الطبية اللازمة لعلاج المصابين بالفيروس، وغالبا ما تعاني من انقطاع في الكهرباء ونقص في أنابيب الأكسجين، وسط حالة من عدم اليقين حيال كيفية التعامل مع الحالات المشتبه.
ولا يعلن المتمردون الحوثيون الذين يسيطرون على مناطق في شمال اليمن، عن الإصابات في المناطق الخاضعة لسلطتهم. لكن الحديث عن وفيات في صنعاء بسبب الإصابة بالفيروس يزداد يوميا، بعدما ارتفعت المعدلات في مناطق أخرى من البلد الغارق في الحرب.
وقال مشير (35 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن زوجته فارقت الحياة بعدما «تأخروا في إسعافها ورفض طبيبة الولادة وطبيب التخدير إجراء عملية إنقاذ للأم أو الجنين» في المستشفى الرابعة خشية أن تكون مصابة بالفيروس. وكان الزوج حمل زوجته إلى ثلاثة مستشفيات قبل ذلك، لكنه عجز عن إدخالها إلى أي منها للسبب ذاته. ويقول إنه «بمجرد دخولها لغرفة المعاينة في مستشفى في صنعاء وذهابي لشراء الأدوية، عدت لأجدها جثة هامدة». وأضاف «بعد وفاتها، قال الأطباء إنها لم تكن مصابة بـ(كورونا)، وبحسب التشخيص فإن الجنين كان يضغط على رئتها ما أدى إلى صعوبة شديدة في التنفس».
وأدى الصراع الطويل في اليمن بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المعترف بها دولياً، إلى مقتل عشرات الآلاف ودفع الملايين إلى حافة المجاعة.
وتعتبر الأمم المتحدة أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث نزح أكثر من أربعة ملايين شخص فيما يعتمد ثلثا السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات.
ورغم تهديدات «كورونا»، تبدو الحياة طبيعية في شوارع صنعاء، بينما تزدحم الأسواق التجارية والمساجد مع حلول شهر رمضان دون أي إجراءات وقائية. ونادرا ما يشاهد شخص يضع الكمامة للوقاية من فيروس «كورونا» في المدينة. ويقول مصدر إغاثي مطلع على الوضع الطبي في اليمن لوكالة الصحافة الفرنسية إنه في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين «لا توجد بيانات رسمية ولا يوجد تواصل رسمي ولا يتم حتى الإعلان عن نتائج الفحوصات».
وبحسب المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، فإنّه «يبدو أن هناك ارتفاعا في الحالات في صنعاء في الأسابيع الأربعة الماضية». وأضاف «قدرة إجراء الفحوصات في صنعاء منخفضة للغاية ولا يتم الإعلان عن النتائج. المستشفيات الحكومية شارفت على الامتلاء. والأمر غير واضح في المستشفيات الخاصة».
كما أنّ الناس «يترددون في الذهاب إلى المستشفى عند شعورهم بأعراض تشبه أعراض (كوفيد - 19) فهم خائفون بسبب الشائعات ولا يثقون بالنظام الطبي ولهذا يسعى الكثيرون لعلاج أنفسهم في البيت».
رسميّا، سجّل البلد أكثر من 6137 إصابة و1187 وفاة جراء (كوفيد - 19) لكن يقدّر خبراء أن العدد الفعلي للإصابات أعلى بكثير من الأرقام المعلنة بسبب نقص الفحوص. وتسلم اليمن في 31 من مارس (آذار) الماضي أول شحنة من اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا» وهي عبارة عن 360 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا. وتمّ شحن هذه اللقاحات عبر آلية «كوفاكس» التي تدعمها منظمة الصحة العالمية وتهدف إلى إيصال اللقاحات إلى الدول الفقيرة. وأعلنت الحكومة المعترف بها دوليا أنها سترسل 10 آلاف جرعة من اللقاح إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين.
وفي عدن، أكدت المتحدثة باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء «كورونا»، إشراق السباعي، أن «خطة وزارة الصحة تقضي بتوزيع جرعات اللقاح على جميع المحافظات، بما في ذلك تلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين». وبحسب السباعي، فإنه تم تسليم 10 آلاف جرعة إلى منظمة الصحة العالمية لتقوم بنقلها إلى صنعاء. لكنّها شككت في مصيرها وقالت: «ربما لن تخصص للكوادر الطبية بل لتلقيح القادة الحوثيين». وليس من الواضح متى ستبدأ حملة التطعيم في مناطق سيطرة المتمردين.
وبالنسبة لمشير، فإن وفاة زوجته كان بالإمكان تجنبها لو حصلت على الرعاية الطبية اللازمة. وقال خلال زيارة إلى قبرها: «كانت زوجتي بحاجة إلى إسعاف سريع فقط يمكنّها من التنفس وإنقاذها مع الجنين».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».