«رمان الكبتاغون» يكشف غياب «السكانر»... وأعطالها «المتعمدة»

شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)
شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)
TT

«رمان الكبتاغون» يكشف غياب «السكانر»... وأعطالها «المتعمدة»

شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)
شحنة الكبتاغون المضبوطة في السعودية داخل ثمار الرمان (واس)

فتح إحباط المملكة العربية السعودية مؤخراً عملية تهريب أكثر من مليوني قرص مخدر مخبأة في شحنات الفواكه الآتية من لبنان ملف الرقابة والتفتيش على المعابر الشرعية في لبنان وبخاصة في مرفأ بيروت الذي يعتبر ركيزة أساسية للتجارة اللبنانية، على مصرعيه.
وتبين، بحسب أكثر من مصدر، أن عمليات التفتيش والرقابة على البضائع سواء التي يتم تصديرها أو استقبالها تتم حصراً بشكل يدوي منذ أكثر من عامين؛ بحيث إنه وبعكس ما قد يتهيأ للبعض، لم يؤد الانفجار الكبير الذي شهده المرفأ في أغسطس (آب) الماضي إلى دمار أجهزة الكشف بالأشعة السينية، «السكانر»، ما حصر عمليات الكشف بالعناصر البشرية، باعتبار أن هذه الأجهزة كانت متوقفة أصلاً قبل الانفجار، وهو ما يؤكده كل من رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم والوزير السابق فادي عبود.
وبحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن جهاز الكشف بالأشعة السينية (السكانر)، الوحيد في المرفأ، معطل. وتنقل الوكالة عن مصدر في الجمارك أن «السكانر متوقف عن العمل منذ أبريل (نيسان) 2019 بسبب عطل تقني»، مشيراً إلى أنه «قديم جداً وتكلفة تصليحه وتغيير قطعه تتخطى قيمة سعره». ولم تُقدم إدارة المرفأ على تغييره نتيجة خلاف داخل الحكومة حول تلزيمه. وتوقف «السكانر» يعني أن عمليات التفتيش تحصل يدوياً فقط، ما يسهّل المخالفات. كما أن عمليات دفع الرسوم وإخراج البضائع لا تزال تتم على الورق ويدوياً أيضاً.
وخلال الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية أمس (الاثنين) في بعبدا، استهجن عدم إتمام عملية شراء أجهزة «سكانر» لوضعها على المعابر التي قال إنها مقررة منذ يوليو (تموز) 2020 وصدر مرسوم بشأنها، ودعا للإسراع بذلك لمساعدة المراقبين في الجمارك على القيام بالمهام المطلوبة منهم.
ويؤكد المدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي أن لا دخل لإدارة المرفأ بموضوع الكشف على البضائع، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على كونه أمراً محصوراً بالجمارك اللبنانية المسؤولة أيضاً عن أجهزة «السكانر».
ويشير رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم إلى أن في المرفأ جهاز «سكانر» واحد معطل منذ ما قبل انفجار المرفأ، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجوب توفير 10 أجهزة يتم توزيعها في أكثر من نقطة وبخاصة عند نقاط التحميل والتفريغ كما لدى الجمارك، مضيفاً: «أقله نحتاج بأسرع وقت لـ4 أجهزة لتسيير أمورنا، لكن الكل يعلم أن هناك منظومة كاملة تهتم بالتهريب ولا مصلحة لها بالرقابة والتفتيش».
ويقول مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن أجهزة «السكانر» تحتاج لصيانة كل 6 أشهر وهو ما يتطلب موازنة غير موجودة، علماً بأن قرار شراء أجهزة جديدة متخذ منذ عام 2018 ولم يتم تنفيذه لعدم توفير الاعتمادات المالية المطلوبة.
من جهته، يؤكد الوزير السابق فادي عبود المتابع عن كثب لملف مرفأ بيروت، أن «أجهزة السكانر موجودة في المرفأ كما في باقي المعابر الشرعية، لكن معظمها لا يعمل، وليس لأعطال تقنية حصراً إنما لأن هناك مصالح لبعض المرتشين الصغار كما لمرتشين كبار وعصابات التهريب بعدم تشغيلها».
وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «وجوب توكيل شركة رقابة عالمية بعد إنجاز مناقصة شفافة بتأمين هذه الأجهزة والإشراف عليها تقنياً كما تأمين الرقابة اللازمة لأن إبقاء الملف بيد الدولة سيؤدي للنتيجة نفسها، حتى ولو اشترينا أجهزة حديثة». ويضيف: «كما سيكون من المجدي الاستعانة بكلاب أثبتت فعاليتها في هذا المجال».
ويوضح رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي أن «آلة السكانر الكونتينر على المرفأ هي أصلاً هدية من الصين قبل عدة سنوات وتعطلت قبل فترة طويلة من انفجار المرفأ ولم يتم تصليحها أو شراء غيرها، وبالتالي لا يوجد سكانر في المرفأ والتفتيش يتم يدوياً»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن تهريب هذه الكميات من المخدرات دون وجود فساد وتواطؤ داخل الأجهزة الأمنية المعنية وتحديداً الجمارك، باعتبار أن عبور كميات من المخدرات حدود لبنان البرية ومن ثم البحرية هو فضيحة لا يستطيع أي جهاز أن يتنصل منها». ويضيف: «لماذا أصلاً لا يتم استخدام الكلاب البوليسية وهي أهم من السكانر في كشف المخدرات؟ المؤكد أن لا جدية بمكافحة التهريب على أنواعه في لبنان لأنه وسيلة أساسية لتمويل تنظيمات مسلحة في الحكم».
ويقدر حجم التهرّب الجمركي سنوياً في لبنان، وغالبيته من المرفأ، بين مليار وملياري دولار في بلد راوح العجز في الموازنة فيه خلال الأعوام الماضية بين خمسة وأكثر من ستة مليارات دولار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».