«أنصار الله» تتحدى مجلس الأمن وتعلن بدء تشكيل مؤسسات الدولة

استنفار قبلي وتشكيل جيش شعبي في الجنوب * رفع الحصار عن وزيرين من حكومة هادي

عناصر من «الجيش الشعبي» اليمني الذي تقوم قبائل الجنوب بحشدها استعدادا لمواجهات مع الحوثيين في شبوة أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الجيش الشعبي» اليمني الذي تقوم قبائل الجنوب بحشدها استعدادا لمواجهات مع الحوثيين في شبوة أمس (أ.ف.ب)
TT

«أنصار الله» تتحدى مجلس الأمن وتعلن بدء تشكيل مؤسسات الدولة

عناصر من «الجيش الشعبي» اليمني الذي تقوم قبائل الجنوب بحشدها استعدادا لمواجهات مع الحوثيين في شبوة أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الجيش الشعبي» اليمني الذي تقوم قبائل الجنوب بحشدها استعدادا لمواجهات مع الحوثيين في شبوة أمس (أ.ف.ب)

استنفرت القبائل الجنوبية في اليمن مقاتليها، للاستعداد لمواجهة الحوثيين الذين باتوا على حدودهم بعد سيطرتهم على محافظة البيضاء، أخيرا، وأعلنت قبائل مشهورة تشكيل جيش شعبي لمنع دخول الحوثيين مناطقهم، في حين صعد الحوثيون من خطواتهم الانقلابية بالإعلان عن بدء تشكيل مؤسسات الدولة، وهو ما يشير إلى تحديهم لقرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة.
وذكرت مصادر قبلية وإعلامية جنوبية أن كلا من قبائل العوالق في شبوة، وقبائل يافع في لحج، عقدت اجتماعات قبلية حاشدة أمس، وأعلنت تشكيل جيش شعبي لمواجهة تمدد الحوثيين باتجاه المحافظات الجنوبية، محذرة من إهدار دم كل من يتعاون أو يسهل للحوثيين دخول مناطقهم، وأعلنت إغلاق حدودها مع محافظة البيضاء المحاذية لـ4 محافظات جنوبية، هي شبوة النفطية، ولحج، وأبين، والضالع.
وعقدت قبائل يافع في لحج اجتماعا قبليا أكدوا فيه على مسؤوليتهم في منع الحوثيين من التمدد إلى مناطقهم، وأعلنوا إهدار دم أي شخص يتعاون أو سهل للحوثيين الدخول إلى مناطقهم، وطالب الاجتماع الذي حضره شخصيات من الحراك الجنوبي، وشخصيات اجتماعية وقبلية وقيادات محلية، جميع أبناء المنطقة بالوقوف صفا واحدا ضد كل من يسعى لغزو منطقتهم، أو دخولها، وشددوا على أن مسؤولية الجميع في الدفاع عن كل مناطق يافع في حال حاول الحوثيين دخولها.
من جهتها، أغلقت قبائل العوالق في شبوة، حدودها مع محافظة البيضاء، التي تدور فيها معارك استنزاف بين الحوثيين ورجال قبائل، ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر قبلية إن اجتماعا قبليا شارك فيه زعماء قبيلة العوالق، كبرى قبائل شبوة، أكدوا على التصدي لأي نشاط لأي جماعات مسلحة مرتبطة بـ«القاعدة» أو الحوثيين، وذكرت المصادر أن الاجتماع قرر تشكيل قوة مسلحة قبلية من 3 آلاف مقاتل و200 طاقم لحماية مصالح المحافظة النفطية ورفض أي أعمال تخريب لأي مصالح خاصة أو عامة بها، وأكد الاجتماع القبلي رفضه الإعلان الدستوري الذي أصدره الحوثيون قبل أسبوعين في العاصمة صنعاء، حل بموجبه الحوثيون البرلمان اليمني، ودعوا لتشكيل مجلس مؤقت بديل، ومجلس رئاسي من 5 أشخاص وحكومة، مجددين تمسكهم بشرعية الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، مستنكرين استمرار حصار واحتجاز هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح، مطالبين بسرعة فك الحصار المفروض عليهما، وحمّلوا الحوثيين المسؤولية عن أي مساس بأمنهما وحياتهما، وتعد محافظة شبوة من محافظات اليمن النفطية، ويوجد فيها أكبر مشروع صناعي في البلاد، وهو مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، الذي تقوده «توتال» من بين 7 شركات عملاقة في إدارة محطة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في اليمن بتكلفة 4.5 مليار دولار على بحر العرب.
ويحاول الحوثيين منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، التمدد باتجاه منابع النفط والغاز في كل من شبوة، وحضرموت، ومأرب، التي تعتمد عليها البلاد في موازنتها العامة بأكثر من 70 في المائة، لكن قبائل هذه المحافظات أوقفت تمدد الحوثيين إليها، بعد أن حشدت الآلاف من مقاتليها في كل من مأرب وشبوة وحضرموت، وبحسب مراقبين، فإن الحوثيين يعتقدون أن استيلاءهم على محافظتي شبوة وحضرموت، النفطيتين، سيسهل لهم بسط سيطرتهم وإخضاع بقية المحافظات الجنوبية.
في سياق آخر، قالت وزير الإعلام المستقيلة نادية السقاف إن الحوثيين رفعوا حصارهم، أمس، عن وزيرين بعد 3 أسابيع من الإقامة الجبرية عليهم، وأكدت السقاف في تغريدات على حسابها الرسمي في «تويتر» أنه تم رفض الحصار عن كل من وزير الإدارة المحلية الإدارة المحلية المستقيل عبد الرقيب فتح، ووزير الخارجية عبد الله الصايدي، فيما لا يزال الرئيس هادي ورئيس حكومته خالد بحاح، وعدد من الوزراء تحت الحصار من قبل الحوثيين منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
ونظمت العشرات من الناشطات الحقوقيات، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر حوار الأطراف السياسية، مطالبات جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق وطني لحل الأزمة التي تعيشها البلاد، ودعت الناشطات القوى السياسية إلى النأي عن المكاسب والمصالح الضيقة، والتحرك الجاد لتأسيس دولة مجتمع مدني قوي وفاعل وبناء دولة المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقة التي تشمل على الأقل نصف السكان في صناعة القرار.
إلى ذلك، صعد الحوثيون من خطواتهم الانقلابية متجاهلين الحراك الشعبي المناهض لهم، ومتجاوزين قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة التي تنص على سحب ميليشياتهم من المؤسسات الحكومية، ورفع الحصار المسلح عن قادة الدولة.
وأعلن الحوثيون، أمس، تصعيد خطواتهم باتجاه مزيد من الإجراءات الخاصة بما سموه الإعلان الدستوري، وذكرت وكالة الأنباء (سبأ)، أن ما يسمى «اللجنة الثورية العليا»، أعلنت البدء في «تشكيل مؤسسات الدولة وفقا لأحكام الإعلان الدستوري»، وقالت إن اللجنة قررت البدء بوضع شروط ومعايير آلية اختيار أعضاء المجلس الوطني، وأكدت اللجنة أنها شرعت في الإجراءات «بغض النظر عما يجري من حوارات بين القوى السياسية، التي لم تصل إلى نتيجة»، ووصفت «اللجنة الثورية» أن الحوارات التي تجريها الأطراف السياسية بإشراف الأمم المتحدة هي حوارات «عقيمة ولم تفض إلى أي نتيجة أو حلول»، وذكرت اللجنة أنها اتخذت عددا من القرارات الخاصة بمؤسسات الدولة والوضع الاقتصادي، دون أن تكشف مضمونها.
وينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2109، الصادر قبل أيام انسحاب الحوثيين من مؤسسات الدولة وتطبيع الأوضاع، ومنحهم مهلة 15 يوما للامتثال له، وإطلاق سراح المسؤولين المختطفين، أولهم الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة المستقيل خالد بحاح، وأدان القرار استيلاء الحوثيين على السلطة في اليمن، واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.
إلى ذلك، التقى مسؤول أممي أمس في صنعاء، مع رئيس أركان الجيش اليمني اللواء الركن حسين ناجي خيران، لمناقشة الاختلالات الأمنية التي تعيشها البلاد، حسبما نشره الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع، وقد أكد الدكتور يونس أبو أيوب، المستشار السياسي لمستشار الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن، أهمية دور المؤسسة العسكرية والأمنية في إنجاز أي اتفاق سياسي، وما يترتب عليها من مهام عظيمة في حفظ الأمن والاستقرار، والتعاطي بشكل إيجابي وجاد مع أي اتفاقيات يتوصل إليها أطراف العمل السياسي، موضحا أن «الأمم المتحدة سيبذلون قصارى الجهود بالتواصل مع الأطراف السياسية لتقريب وجهات النظر، والخروج بحلول توافقية يرتضي بها الجميع، وتلبي طموحات وتطلعات أبناء الشعب».
وقد أكد اللواء خيران، في الاجتماع، على ضرورة وضع جدول زمني لتنفيذ المعالجات الأمنية، حسبما نصت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وكذا ما قد يخرج به أي اتفاق سياسي جديد يحمل الصيغة التوافقية بين أطراف الحوار القائم حاليا، مؤكدا قدرة الجيش والأمن على حسم المعركة مع الإرهاب وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار، ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي فرض الحوثيون سيطرتهم على مقر قيادة الجيش، وشكلوا لجنة أمنية عليا، وعينوا وزير الدفاع المستقيل اللواء محمود الصبيحي في رئاستها، وعضوية قيادات منهم مثل عبد الله الحاكم القائد الميداني للجماعة.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.