حكومة الدبيبة تجتمع في بنغازي... وتوقعات بلقاء مع حفتر

السفير الأميركي على خط الأزمة بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية في ليبيا

TT

حكومة الدبيبة تجتمع في بنغازي... وتوقعات بلقاء مع حفتر

للمرة الأولى منذ تنصيبها، ستعقد حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، اليوم، أول اجتماع لها في مدينة بنغازي شرق البلاد، وسط توقعات بلقاء يجمع الدبيبة والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».
وتزامنت هذه التطورات مع دخول السفير الأميركي ريتشارد نورلاند لدى ليبيا على خط الأزمة الراهنة بين حكومة الدبيبة ومجلس النواب الليبي الذي رفض تمرير ميزانيتها المقترحة وطلب تعديلها.
وناقش نورلاند في اتصال هاتفي من لندن أمس مع رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح «التقدم المحرز بشأن الانتخابات وميزانية حكومة الوحدة»، لافتا إلى أن صالح قدم له ما وصفه بإحاطة حول «مستجدات المفاوضات لاستكمال الميزانية التي من شأنها معالجة الاحتياجات الوطنية الملحة والفورية».
وطبقا لبيان وزعته السفارة الأميركية، رحب نورلاند بما سماه عزم صالح الراسخ لإجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، كما رحب بتقييمه للتقدم المحرز نحو إيجاد قاعدة دستورية وقانونية لتسهيل هذه الانتخابات. ودعا عادل عامر وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء، وزراء حكومة الوحدة ونواب رئيسها الدبيبة إلى حضور اجتماع للحكومة من المقرر أن يعقد بمقر ديوان مجلس الوزراء في بنغازي على تمام الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم.
وسيقوم الدبيبة بزيارة بنغازي هي الأولى له منذ توليه مهام منصبه، علما بأن تعليقاته خلال جولته التفقدية الأخيرة لجنوب طرابلس، بشأن عودة بنغازي إلى ما وصفه بـ«حضن الوطن»، أثار انتقادات عديدة في المدينة. ولم يعلن الدبيبة أو حفتر عن أي خطط للاجتماع الأول بينهما، لكن مصادر مقربة من الدبيبة قالت إنه «منفتح لعقد أي لقاء من شأنه تعزيز المصالحة الوطنية وإرساء السلام في البلاد».
وتسلمت مؤخراً حكومة الدبيبة التي يتعين عليها توحيد ليبيا، السلطة من حكومة فائز السراج في طرابلس وحكومة عبد الله الثني في شرق البلاد، حيث يفترض أن تشرف على المرحلة الانتقالية إلى حلول موعد انتخابات المقبلة قبل نهاية العام الجاري، عندما تنقضي مدتها بموجب خارطة الطريق المعتمدة.
بدوره، طالب أبو بكر الغاوي وزير الإسكان والتعمير بحكومة الدبيبة، بالإسراع في عملية حصر المباني المدمرة والمتضررة في بنغازي نتيجة الحرب للبدء في إزالة الركام وفتح المسارات. ودعا خلال جولة تفقدية للمناطق المتضررة والمدمرة في المدينة، لإعادة الخدمات التي تمس المواطن مباشرة وإعادة الحياة لهذه المناطق.
من جهته، بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري، هاتفيًا مساء أول من أمس مع نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلًا عن تبادل الرؤى تجاه مستجدات الأوضاع في ليبيا وجهود تنفيذ كامل مخرجات الحوار السياسي الليبي وقرار مجلس الأمن ذي الصلة. وصرح المتحدث الرسمي باسم الوزارة أن المنقوش ستزور مصر في أقرب فرصة، في إطار استمرار التشاور والتنسيق حيال تدعيم ركائز الاستقرار في ليبيا.
من جهة أخرى، نعت القيادة العامة للجيش الوطني اللواء جمعة العباني، رئيس أركان الدفاع الجوي السابق الذي توفي مساء أول من أمس، ووصفته بأنه أحد خبرات ضباط القوات المسلحة، وكان من أوائل من التحق بثورة الكرامة، ورفض هيمنة وسيطرة الإرهاب. بدوره، شدد يان كوبيش رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال محادثات في باريس على أهمية الإسراع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة بشكل كامل، وإحراز مزيد من التقدم في تنفيذ خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي لإجراء الانتخابات، باعتباره أمرا بالغ الأهمية للحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في ليبيا.
ودعا كوبيش ومستشار الرئيس الفرنسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باتريك دوريل، الأطراف الفاعلة الوطنية والدولية إلى احترام سيادة ليبيا، بما في ذلك من خلال الامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
إلى ذلك، نقلت عملية بركان الغضب التي تشنها قوات موالية لحكومة الوحدة، عما يسمى بجمعية شهداء بركان الغضب أنها بصدد تقديم شكوى ضد من ارتكب جرائم تسببت في استشهاد أبنائهم والاعتداءات على مدنية الدولة وشرعيتها وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.
وجاء هذا البيان، قبل انعقاد اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي تضم هذه القوات مع الجيش الوطني، في مدينة سرت، لبحث مصير المرتزقة الأجانب المتواجدين على الأراضي الليبية، بالإضافة إلى فتح الطريق الساحلي المغلق بين شرق البلاد وغربها. وقال أوليفر أوفتشا السفير الألماني لدى ليبيا إنه بحث مساء أول من أمس مع خالد مازن وزير الداخلية بحكومة الوحدة، الجانب الأمني للانتخابات، وأهمية سياسة الهجرة القائمة على حقوق الإنسان وإمكانات التعاون الثنائي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم