برلمانيات عراقيات يطالبن بميثاق ضد «تسقيط المرأة»

خشية ردود أفعال من أشخاص لهم صلة بـ«ملفات الفساد»

مجلس النواب العراقي
مجلس النواب العراقي
TT

برلمانيات عراقيات يطالبن بميثاق ضد «تسقيط المرأة»

مجلس النواب العراقي
مجلس النواب العراقي

يطالب عدد من النائبات، في البرلمان العراقي، هذه الأيام، بإصدار قوانين رادعة ومواثيق تنبذ التسقيط السياسي للمرأة، أو النيل من شرفها والتشهير بسمعتها. ودعت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون»، عالية نصيف، القضاء، إلى «اعتبار الطعن في شرف المرأة السياسية وغير السياسية جريمة يعاقب عليها القانون».
ويعتقد مراقبون وقريبون من أجواء البرلمان أن الدعوات النسوية صدرت على خلفية ما يتردد عن إمكانية نشر «أفلام فيديو» لنائبات في أوضاع خاصة أو شخصية، لوّحت بها جهات متهمة بالفساد ألقت القبض عليها مؤخراً لجنة مكافحة الفساد العليا، التي شكلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في أغسطس (آب) 2020.
وشددت النائبة الكردية آلا طالباني، رئيسة «تجمع النائبات العراقيات» على «ضرورة الالتزام بالقيم المدنية الديمقراطية، وقبلها قيم السماء، بعدم التعرض لسمعة المرأة، والطعن في شرفها، ضمن الخلافات السياسية وخوض الانتخابات المقبلة». وقالت في كلمة أمام البرلمان، أول من أمس: «نحن في تجمع البرلمانيات نلاحظ، بأسف شديد، تسيُّد المجتمع الرجولي في التعامل مع المرأة؛ فهي مستبعدة عن المواقع القيادية في الدولة، والأمر لا يقف عند استبعاد المرأة عن المناصب السيادية ومجلس الوزراء، كما هو حاصل اليوم، بل هي تستهدف كلما طرحت رأياً أو مقترحاً يختلف عن تسيد المجتمع الرجولي وبعض القيم البالية».
ودعت طالباني القيادات السياسية والبرلمان إلى «إصدار قرار يؤكد ضرورة احترام الرأي الآخر، وعدم الخوض في الشأن الشخصي، بالأخص الطعن في شرف المرأة، عندما يخاض النقاش والصراع السياسيان». وأضافت: «أناشدكم إصدار ميثاق يحرّم الطعن في شرف عرضكم أيتها الأخوات والإخوة الأفاضل؛ فمثل هذا السلوك في ثلم شرف المرأة».
وتتمحور غالبية التسريبات والأحاديث الشائعة في بغداد، حول مسألة أن «مقاولاً ومستثمراً» متهماً بالسيطرة على مفاصل وزارة الصناعة ومعتقلاً حالياً من قبل لجنة مكافحة الفساد ومرتبطاً بعلاقات وطيدة بسياسي كبير معتقل هو الآخر من قبل نفس اللجنة، متورط بتسجيل «أفلام فيديو» لنائبات في البرلمان بأوضاع شخصية، بهدف السيطرة عليهن، وابتزازهن للدفاع عنه، في حال تعرض للمساءلة. وتحدث الناشط السياسي صباح الكناني لقناة محلية، أول من أمس، عن نائبة لم يسمِّها تنشط في الدفاع عن «المقاول والمستثمر» المعتقل، لأنه يحتفظ لها بتسجيلات «فيديو» مخلّة يهدد بتسريبها للرأي العام، في حال لم تطلق حملة وساطات سياسية للدفاع عنه.
بدورها، حذرت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون»، عالية نصيف، من توسع ظاهرة التسقيط السياسي، لتشمل الطعن بأعراض النساء والتشهير بهن. وذكرت نصيف، في بيان، أنه «مع اقتراب موعد الانتخابات، بدأت ظاهرة التسقيط السياسي تتسع لتشمل الطعن بأعراض النساء على شاشات الفضائيات، وبأسلوب دنيء وقذر لا يمت بصلة للإسلام وللشرائع السماوية، ولا لمجتمعنا المحافظ، بل لم يستخدمه أحد حتى في الدول الغربية، والمفارقة المضحكة المبكية أن بعض الذين يطعنون بالأعراض هم من جهات إسلامية». وأضافت: «يبدو أن كل الظلم الذي تعرضت له المرأة في مجتمعنا لم يكن كافياً، ليقوم بعض فاقدي الشرف والضمير بالتشهير بالنساء لمجرد الاختلاف بالرأي، إلى درجة أن جهة سياسية فاقدة للحكمة خصصت مبلغ 70 ألف دولار لتسقيط النائبة عالية نصيف وعدد من النواب، ومهاجمتهم في وسائل الإعلام».
ودعت نصيف مجلس القضاء الأعلى إلى «اعتبار الطعن في شرف المرأة السياسية وغير السياسية جريمة يعاقب عليها القانون، وإصدار قرار أو ميثاق يؤكد ضرورة احترام الرأي الآخر، وعدم الخوض في الشأن الشخصي، وبالأخص الطعن في شرف المرأة عندما يخاض النقاش والصراع السياسيان».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».