ليبيا تشدد على خروج «القوات الأجنبية»

المنفي يشارك في مراسم جنازة ديبي

وزير خارجية سويسرا إيغنازيو كاسيس (يسار) مرحباً بالمبعوث الأممي لليبيا يان كوبيش في بيرن أول من أمس (إ.ب.أ)
وزير خارجية سويسرا إيغنازيو كاسيس (يسار) مرحباً بالمبعوث الأممي لليبيا يان كوبيش في بيرن أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

ليبيا تشدد على خروج «القوات الأجنبية»

وزير خارجية سويسرا إيغنازيو كاسيس (يسار) مرحباً بالمبعوث الأممي لليبيا يان كوبيش في بيرن أول من أمس (إ.ب.أ)
وزير خارجية سويسرا إيغنازيو كاسيس (يسار) مرحباً بالمبعوث الأممي لليبيا يان كوبيش في بيرن أول من أمس (إ.ب.أ)

فيما شددت وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش على ضرورة خروج «القوات الأجنبية» من ليبيا، بدأ «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، عملية استطلاع جوي على طول حدود ليبيا البرية المشتركة مع تشاد، التي وصلها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، أمس، للمشاركة في مراسم جنازة الرئيس الراحل إدريس ديبي.
ولم يصدر إعلان رسمي عن «الجيش الوطني»، لكن غرفة عمليات سلاحه الجوي دشنت في الساعات الأولى من صباح أمس، عملية مراقبة واستطلاع لمتابعة التطورات العسكرية على الخط الحدودي مع تشاد، وأعلن اللواء المبروك المقرض قائد منطقة الكفرة العسكرية، في بيان مساء أول من أمس، رفع درجة الاستعداد والجاهزية التامة لكافة الوحدات العسكرية للقوات البرية والجوية وتجهيزها بالإمكانات والمعدات اللازمة لردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار المنطقة.
وأمر المبروك، بحسب البيان، بتكليف دوريات برية وجوية على الحدود وكذلك تمركز للسرية المقاتلة في قاعدة السارة والانطلاق منها في دوريات على الحدود مع تشاد وكذلك دعم الأجهزة الأمنية داخل المنطقة لتأمينها وضبط المخالفين.
وفي غضون ذلك، قال المنفي، الذي شارك في مراسم جنازة الرئيس التشادي، أمس، إنه ناقش برفقة عضويه عبد الله اللافي وموسى الكوني ورئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، خلال زيارة إلى مدينة مصراتة، ملفات عودة المهجّرين والنازحين وملف المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، إضافة إلى إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وفي شأن آخر، استغلت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيرها الإيطالي لويجي دي مايو، مساء أول من أمس، في روما، لتشدد على ضرورة تفعيل نتائج مؤتمر برلين لمراجعة طرق تطبيق وقف إطلاق النار وخروج من أسمتها بـ«القوات العسكرية الأجنبية غير الشرعية» من ليبيا، بشكل يسمح بإجراء الانتخابات في ظروف من الأمن والاستقرار.
وتعني إشارة المنقوش، «المرتزقة» الأجانب فقط، من دون أن تحدد مصير القوات العسكرية التركية والإيطالية العاملة على الأراضي الليبية، علماً بأن هذا التصريح الأول من نوعه يتطابق مع تأكيدات لمسؤولين عسكريين إيطاليين ببقاء قواتهم في ليبيا في إطار التعاون الثنائي مع حكومة الدبيبة.
ومع ذلك، فقد أعربت المنقوش عن أملها في إعادة فتح المجال الجوي بين إيطاليا وليبيا وتسهيل منح التأشيرات لرجال الأعمال وتوقيع اتفاقية مستقبلية لتسليم الليبيين المحكوم عليهم إلى إيطاليا، مشيرة إلى أن لجنة المتابعة لوزارتي خارجية البلدين ستنعقد سنوياً بالتناوب لتنفيذ الاتفاقيات المتفق عليها أو عند الحاجة.
ومن جهة أخرى، انضمت السفارة الأميركية لدى ليبيا إلى بعثة الأمم المتحدة في الإعراب عن قلقها حيال الإغلاق الأخير لإنتاج النفط في مرسى الحريقة والاضطرابات المحتملة الأخرى، مشيرة في بيان لها إلى أن الإنتاج المستمر للنفط، بالاعتماد الكامل على الخبرة الفنية طويلة الأمد وحياد المؤسسة الوطنية للنفط، يظل حجر الأساس الحيوي للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في ليبيا.
وفى مدينة بنغازي بشرق البلاد، أعلنت شعبة الإعلام الحربي بـ«الجيش الوطني» في ساعة مبكرة من صباح أمس، عن حملة موسعة نفذتها عناصر الغرفة الأمنية المُشتركة والمُشكلة من مختلف الوحدات العسكرية، والأجهزة الأمنية، لفرض الأمن بالمدينة.
وقالت الغرفة إنه طبقاً لتعليمات رئيسها سعت القوات لتطبيق القانون ومكافحة كافة الظواهر السلبية بجميع أنواعها داخل المدينة، وحجز الآليات العسكرية ذات الزجاج المُعتم، بالإضافة إلى مداهمة أوكار الفساد، ومروجي المخدرات والتشكيلات العصابية.
كما شملت الحملة، وفقاً للغرفة، اعتقال العسكريين والمدنيين المطلوبين جنائياً، والقبض على الأشخاص من حاملي السلاح دون ترخيص.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.