يواصل الديمقراطيون مساعيهم لإضافة العاصمة الأميركية واشنطن إلى لائحة الولايات الأميركية الخمسين. وقد لمحوا لبصيص أمل عندما مرر مجلس النواب يوم الخميس مشروع قانون لإقرار واشنطن الولاية الـ51 في الولايات المتحدة بدعم ديمقراطي عارم، ورفض جمهوري قاطع؛ إذ حصل المشروع على 216 صوتاً داعماً مقابل 208 أصوات معارضة. لكن الداعمين يعلمون جيداً أن العائق الأساسي أمام طموحاتهم يكمن في مجلس الشيوخ، فقد سبق لمجلس النواب أن مرر مشروعاً مطابقاً في عام 2020 لكنه لم يبصر النور في مجلس الشيوخ الذي لم ينظر حينها في مناقشة المشروع نظراً لسيطرة الجمهوريين على الأغلبية فيه. ولعلّ هذا هو الفارق الأبرز هذا العام، إذ يسيطر الديمقراطيون على الأغلبية في المجلسين، الأمر الذي سيسمح بطرح المشروع للنقاش والتصويت لأول مرة في تاريخ المجلس. وقد تحدث زعيم الأغلبية الديمقراطية ستيني هوير عن تفاؤله هذا العام، فقال: «نحن لسنا في الموقع نفسه الذي كنا فيه العام الماضي. فكلنا علمنا أن زعيم الجمهوريين لن يوافق على طرح المشروع للتصويت حينها، أما الآن فنحن متفائلون بأن هذا سيحصل».
- عراقيل في مجلس الشيوخ
لكن طرح المشروع للتصويت لا يعني أن إقراره سهل المنال، فمشاريع من هذا النوع بحاجة إلى 60 صوتاً للتمرير في مجلس الشيوخ وليس للأغلبية البسيطة التي يتمتع بها الديمقراطيون. وسيكون من شبه المستحيل التوصل إلى هذا الرقم السحري في غياب تام لأي دعم جمهوري، وتشكيك بعض الديمقراطيين المعتدلين في مجلس الشيوخ به.وبوجه هذه العراقيل، تعهد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بطرح المشروع للنقاش على أمل إقناع المترددين، فقال: «حان الوقت لنجعل واشنطن ولاية. هذا أمر يتعلق بالتمثيل العادل، فنظامنا مصمم كي يعطي الجميع في بلادنا صوتاً للتحكم في مصيرهم. وأغلبية المواطنين يقومون بذلك عبر التصويت لممثلين عنهم من نواب وشيوخ لتمثيلهم في هيكل الديمقراطية هذا، والترويج لمصالحهم والإعراب عن مشاكلهم».
ما يتحدث عنه شومر هنا هو الواقع الذي يحتج عليه قاطنو العاصمة، الذين يدفعون ضرائب لكنهم لا يتمتعون بأي تمثيل رسمي في الكونغرس، ليصبح شعارهم الرسمي: «ضرائب من دون تمثيل». فعلى خلاف الولايات الخمسين، لا تتمتع العاصمة واشنطن بمقعدين في مجلس الشيوخ، ويقتصر تمثيلها في مجلس النواب على مقعد رمزي للديمقراطية آليانور هولمز نورتون التي يمكنها سنّ قوانين، لكنها ممنوعة من الإدلاء بصوتها لأنها لا تعد نائبة.
- أسباب المعارضة الجمهورية
يتهم الجمهوريون الديمقراطيين بالسعي لإقرار واشنطن كولاية لتعزيز وجودهم في الكونغرس، إذ إن العاصمة التي يحق لمواطنيها التصويت في الانتخابات الرئاسية فقط تصوت تاريخياً للديمقراطيين بشكل قاطع. هذا يعني أن تمثيلها في الكونغرس سيكون ديمقراطياً بامتياز، ما سيعطي الحزب الديمقراطي مقعدين إضافيين في مجلس الشيوخ ومقعداً واحداً في مجلس النواب. لهذا السبب يعارض الجمهوريون بشراسة هذا الطرح، ويتهمون الديمقراطيين بالعمل على ترجيح الكفة لصالحهم عبر السعي لـ«تطبيق سياسات متشددة».
ويذكر الجمهوريون أن الدستور الأميركي خصص أرض العاصمة ليكون موقعاً فيدرالياً للمرافق الحكومية كالبيت الأبيض الكابيتول والوزارات المتعددة والنصب التذكارية، لكن الديمقراطيين يردون بالإشارة إلى أن نص المشروع المطروح يستثني شمل هذه المباني في الولاية، ويقتصر على المناطق السكنية فقط.
- اقتحام الكابيتول
لعلّ أبرز حجة ديمقراطية هذا العام لإقرار المشروع تتعلق بالصلاحيات التي ستتمتع بها عمدة العاصمة خاصة فيما يتعلق بنشر الحرس الوطني. فقد سلطت أحداث اقتحام الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) الأضواء على هذه المسألة، إذ إن عمدة العاصمة ميريل باوزر لا تتمتع بصلاحية إصدار أوامر لنشر الحرس الوطني، لأن الولاية تقع تحت سلطة الحكومة الفيدرالية، على خلاف الولايات الأخرى التي يتمتع حكامها بصلاحية إصدار أوامر من هذا النوع.
- مقترح بديل
لهذا، يطرح بعض الجمهوريين المعتدلين فكرة أخرى لحل هذه المشكلة، وهي ضم العاصمة واشنطن إلى جارتها ولاية ماريلاند، الأمر الذي سيعطي الولاية مقعداً في مجلس النواب من دون مقعدي مجلس الشيوخ. وقد تحدث السيناتور الجمهوري المعتدل ميت رومني عن هذا الطرح وأعرب عن دعمه له، مشيراً إلى أنه سيسعى لحشد الدعم لهذا التعديل. ويرى بعض الجمهوريين أن العاصمة واشنطن لا تتمتع بحق أن تصبح ولاية نظراً لعدد سكانها الضئيل، إلا أن هذه الحجة لا تتكرر على لسان الكثير من الجمهوريين نظراً لعدم دقتها، فعدد سكان العاصمة يتخطى عدد سكان ولايتي وايومينغ وفرمونت اللتين تتمتعان بمقعدين في مجلس الشيوخ وبمقعد واحد في مجلس النواب. فنسبة تمثيل الولايات في الكونغرس هي كالتالي: كل ولاية تتمتع بمقعدين في مجلس الشيوخ بغض النظر عن عدد السكان فيها. التمثيل في مجلس النواب يتعلق بعدد السكان؛ لهذا يقتصر تمثيل ولايات فرمونت وديلاوير وآلاسكا ومونتانا وغيرها على مقعد واحد فقط في مجلس النواب.