دول الساحل تعلن دعمها لاستقرار تشاد خلال تأبين رئيسها

المعارضة تتهم الجيش الفرنسي بقصف معسكراتها وباريس تنفي

ماكرون وعلى يمينه ابن الرئيس الراحل الجنرال محمد إدريس ديبي (أ.ف.ب)
ماكرون وعلى يمينه ابن الرئيس الراحل الجنرال محمد إدريس ديبي (أ.ف.ب)
TT

دول الساحل تعلن دعمها لاستقرار تشاد خلال تأبين رئيسها

ماكرون وعلى يمينه ابن الرئيس الراحل الجنرال محمد إدريس ديبي (أ.ف.ب)
ماكرون وعلى يمينه ابن الرئيس الراحل الجنرال محمد إدريس ديبي (أ.ف.ب)

أعلنت دول الساحل دعمها للمسار الذي يقوده المجلس العسكري الانتقالي في تشاد برئاسة نجل الرئيس الراحل الجنرال محمد إدريس ديبي. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده لن تسمح بتهديد وحدة واستقرار تشاد، بعد رحيل الرئيس إدريس ديبي؛ الحليف الاستراتيجي لفرنسا في حربها على الإرهاب في الساحل. وماكرون كان يتحدث خلال تأبين الرئيس التشادي، بحضور قادة أكثر من عشر دول، وأعضاء المجلس العسكري الانتقالي بقيادة الجنرال محمد إدريس ديبي، بالإضافة إلى السيدة الأولى هندا إدريس ديبي وأفراد عائلة الرئيس الراحل. وقال ماكرون إن «فرنسا لن تسمح لأحد بأن يهدد، سواء اليوم أم غداً، استقرار ووحدة تشاد»، وأضاف أن «فرنسا ستكون إلى جانب تشاد حتى تحقق الاستقرار، وتمنح مكاناً لجميع أبنائها وكل مكوناتها».
وأكد أن الرئيس الراحل إدريس ديبي «كتب صفحة مهمة من تاريخ العلاقات بين فرنسا وتشاد»، قبل أن يطلب من الشعب التشادي أن يتوحد «لبناء المستقبل الذي يستحقه شبابكم، ولكم أن تعولوا في معركتكم المقبلة على الدعم اللامحدود من فرنسا». وبخصوص المرحلة الانتقالية، قال الرئيس الفرنسي إن من الأدوار المنوطة بالمجلس العسكري تحقيق «الاستقرار والحوار والتناوب الديمقراطي، ونحن سنكون إلى جانبه».
قادة مجموعة دول الساحل (موريتانيا، مالي، النيجر، وبوركينا فاسو) الذين حضروا حفل التأبين، اجتمعوا قبل الحفل مع «ديبي الابن» وأبلغوه أن «موقفهم موحد» مما يجري في تشاد، مؤكدين «وقوفهم إلى جانب تشاد، ودعمهم المشترك لعملية الانتقال المدني العسكري، من أجل استقرار المنطقة».
وتنشر تشاد مئات الجنود في مالي ضمن قوات حفظ السلام الأممية، كما نشرت مؤخراً 1200 جندي في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو لمحاربة تنظيم «داعش»، وتخشى دول الساحل وفرنسا أن تسحب تشاد جنودها من المنطقة.
أقيم حفل التأبين في «ساحة الأمة» بالعاصمة إنجامينا، حيث نصبت خيام توسطتها خيمة تحتها منضدة رفع عليها نعش الرئيس الراحل ملفوفاً في العلم الوطني التشادي بألوانه الصفراء والخضراء والحمراء، ولكن الحزن خيم على أغلب أوقات التأبين، خاصة حين تحدثت زوجة الرئيس الراحل، وغلبها البكاء في العديد من فقرات خطابها.
وفي كلمته باسم العائلة الرئاسية، قال زكريا إدريس ديبي، نجل الرئيس الراحل وسفير تشاد في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والأردن، إن «العالم سيتذكر طويلاً هذا الرئيس، الذي كان يمثل فخر وروح الأمة التشادية، وكان مِجناً يقي البلد من الإرهاب والإرهابيين».
وأضاف زكريا ديبي متحدثاً عن والده أنه «طيلة خدمته العسكرية لبلده خسر سبعة إخوة، والعديد من الأبناء وأبناء الإخوة والأصدقاء، وعدداً لا حصر له من رفاق السلاح الذين كنا - نحن أبناءه - نسميهم أعماماً».
نجل الرئيس الراحل الذي سبق أن عمل في ديوان رئاسة الجمهورية مع والده، قبل أن يتوجه نحو العمل الدبلوماسي، ختم خطابه متحدثاً باسم عائلة ديبي: «أريد تأكيد دعمنا التام والقوي واللامحدود، المدنيين منا والعسكريين، لرئيس المجلس العسكري الانتقالي صاحب الفخامة رئيس الجمهورية ورئيس الدولة الحالي الجنرال محمد إدريس ديبي».
وإن كانت الجوانب العاطفية حاضرة بقوة في حفل التأبين، إلا أنه في بعض المحطات كان أقرب إلى حفل تنصيب للرئيس الجديد الجنرال محمد إدريس ديبي، الشاب البالغ من العمر 37 عاماً، الذي ظل صامتاً طيلة الحفل، يتبادل أحاديث خاطفة مع الرئيس الفرنسي الجالس عن يمينه. وأقيمت الصلاة على جثمان الرئيس في جامع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود في إنجامينا، وحضرها آلاف التشاديين من مختلف الأعراق والقبائل، قبل أن ينقل إلى المطار حيث كانت تنتظره طائرة لتقله إلى مسقط رأسه في «أم جرس» على بعد 1000 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة، بالقرب من الحدود مع السودان، حيث توجد مقبرة عائلته.
وفي غضون ذلك أعلنت «جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد» أن قواتها ستجتاح العاصمة إنجامينا عقب انتهاء مراسم دفن الرئيس إدريس ديبي، وقالت إنها تعمل على تشكيل «هيئة انتقالية» تكون بديلة للمجلس العسكري الانتقالي الموجود في العاصمة. وطلبت من «جميع التشاديين المحبين للعدالة الانضمام إليها في هذه المعركة ضد التوريث والملكية»، وفق نص البيان.
وكانت الجبهة المسلحة القادمة من الأراضي الليبية، قد اتهمت أمس الجيش الفرنسي بقصف مواقعها في شمال تشاد، وقالت في بيان إن القصف كان يسعى لتصفية زعيمها مهدي عالي، وهو ما نفاه الجيش الفرنسي وقال إنه «لم ينفذ أي ضربات جوية هذا الأسبوع في تشاد».



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».