دياب يتهيب تبعات رفع الدعم

TT

دياب يتهيب تبعات رفع الدعم

كشف مصدر أمني بارز أن القيادات الأمنية باشرت بوضع العناوين الرئيسة لخريطة الطريق الواجب اتباعها من القوى الأمنية في تعاطيها مع ردود الفعل الشعبية حيال القرار الذي ستتخذه حكومة تصريف الأعمال بخصوص ترشيد الدعم وتقنينه في ضوء تأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن لا قدرة لديه لسداد العجز بالدولار الناجم عن تغطية الكلفة المالية الباهظة في حال استمر الدعم على حاله كما كان في العام 2021 والتي بلغت حوالي 6 مليارات دولار.
وقال المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» بأن الإجراءات والتدابير التي ما زالت موضع نقاش داخل المؤسسات العسكرية والأمنية لا تعني أنها تعد العدة منذ الآن للدخول في مواجهة مع الحراك الشعبي الذي يتحضر احتجاجاً على ترشيد الدعم للسلة الغذائية والبنزين والمشتقات النفطية والأدوية وصولاً إلى تقنينه في المرحلة الأولى بمقدار ما أنها توازن بين حرية التعبير التي تجيز لهذا الحراك الاحتجاج على واقعه الاقتصادي والاجتماعي المأزوم في ظل انسداد الأفق حتى الساعة أمام تشكيل حكومة قادرة على مخاطبة المجتمع الدولي طلباً للمساعدة لخفض منسوب التأزم.
ولفت إلى أن القيادات الأمنية تحرص على هذا التوازن للحفاظ على سلمية الحراك الشعبي تحت سقف عدم الاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة وقطع الطريق على حصول احتكاكات ذات طابع مذهبي وطائفي يمكن أن تؤدي إلى تقطيع أوصال البلد وانقطاع المناطق عن بعضها ما يحولها إلى خطوط تماس كانت قائمة أثناء اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، وقال إن القوى الأمنية تحاول استيعاب ردود الفعل احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية، لأن المعاناة لا تقتصر على فريق دون الآخر ولا تستثني القوى الأمنية المشمولة بها والمولجة حفظ الاستقرار وحماية السلم الأهلي إفساحاً في المجال أمام حق المنتفضين في التعبير عن معاناتهم.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر وزاري بأن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لا يزال يتردد ولم يحسم أمره حتى الساعة ويبادر إلى إعداد مشروع كامل لترشيد الدعم يحيله على البرلمان لمناقشته والتصديق عليه رغم أنه يواصل لقاءاته مع الوزراء المعنيين والهيئات الاقتصادية والمجلس الاقتصادي الاجتماعي وحاكم مصرف لبنان.
وأكد المصدر الوزاري أن زيارة دياب لدولة قطر وهي أولى محطاته إلى الخارج منذ توليه رئاسة الحكومة تأتي في سياق البحث في إمكانية مساهمتها في مساندة مشروع ترشيد الدعم أو أن تتولى تنفيذ مشروع ما من شأنه أن يخفف الضائقة المعيشية والاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، وقال إن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والوزراء المعنيين وعدوا بدراسة العروض التي تقدم بها دياب على أن يتبلغ قريباً بموقفها النهائي.
ورأى المصدر نفسه بأن دياب لم يحسم أمره ولا يزال يتردد حيال إعداد صيغة نهائية تتعلق بترشيد الدعم لأن لا قدرة للحكومة على إلغاء الدعم نهائياً، وهذا ما لمسه عدد من الوزراء الذين يتواصلون معه وكانوا شاركوا في اللقاء الأخير الذي ترأسه دياب وحضرته نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر والوزراء راول نعمة وريمون غجر ورمزي مشرفية ورئيس لجنة الاقتصاد النيابية النائب فريد البستاني ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد الذي أعد دراسة في هذا الخصوص لقيت ترحيباً أولياً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ولفت أيضاً إلى أن دياب يتواصل مع وزير المال غازي وزني وسلامة الذي كان أبلغهما بأن لا قدرة لمصرف لبنان مع تدني ما لديه من احتياط بالدولار في سداد العجز المترتب على دعم السلة الغذائية والمحروقات أو في تلبية احتياجات الوزراء للعملات الصعبة لتأمين التجهيزات والمعدات لوزاراتهم وإداراتهم والتي يتم استيرادها من الخارج، مقترحاً وضع تصور سنوي لاحتياجات الوزارات للنظر فيها والعمل على خفض كلفتها.
ومع أن ترشيد الدعم وتقنينه سيؤدي حكماً إلى تراجع حجم التهريب من لبنان إلى سورية وهذا ما يخفض من كلفته المالية، فإن مكافحة التهريب تواجه مشكلة تتعلق بوجود أكثر من 100 معبر غير شرعي على امتداد الحدود اللبنانية - السورية وهي محمية من قوى الأمر الواقع والعائلات التي توفر الحماية للذين يعيدون فتح المعابر التي يقفلها الجيش اللبناني بالسواتر الترابية والدشم.
لذلك فإن دياب يتهيب ما سيكون عليه الوضع في حال تقرر ترشيد الدعم وهو يفضل ترحيله ليكون أول بند على جدول أعمال الحكومة العتيدة بذريعة أنه ذاهب وحري بخلفه أن يحمل تبعات قرار بهذا الحجم بدلاً من تحميله لحكومة تستعد للرحيل، ويشاركه في هذا الرأي عدد من الوزراء الذين يصرون على إنهاء خدماتهم لتفادي الانفجار الاجتماعي غير المسبوق الذي يقترب من ساعة الصفر ولا يمكن تطويقه إلا بالاستعانة اليوم قبل الغد بالمجتمع الدولي لإخراج لبنان من النفق المظلم الذي ينتظره بعد أن بات الجوع يدق أبواب اللبنانيين الذين بمعظمهم باتوا عاجزين عن تأمين لقمة العيش.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.