يستعد الرئيس الأميركي جو بايدن للاعتراف رسمياً بالمجازر التي طالت 1.5 مليون أرمني خلال الحرب العالمية الأولى على يد الإمبراطورية العثمانية، على أنها «إبادة جماعية»، وفق ما ذكرت وسائل إعلام أميركية، في خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تأزّم العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ولم يعلّق البيت الأبيض بعد على التقارير، لكن كبار نواب الحزب الديمقراطي عبروا عن دعمهم للخطوة المرتقبة، غداً (السبت)، تزامناً مع اليوم السنوي لتذكّر ضحايا مجازر عام 1915.
ورغم عقود من الضغوط من قبل الجالية الأميركية الأرمنية، تجنّب الرؤساء المتعاقبون على البيت الأبيض الخوض في هذه القضية، خشية أن يؤثر ذلك على العلاقة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، التي ترفض هذا الاتهام بشكل قاطع.
لكن بايدن تعهد خلال حملته الانتخابية العام الماضي الاعتراف بإبادة الأرمن، وقال في 24 أبريل (نيسان) 2020: «علينا ألا ننسى إطلاقا وألا نلتزم الصمت حيال حملة الإبادة المروعة والمنهجية تلك»، وتابع: «ما لم نعترف بشكل كامل ونحيِ الذكرى ونعلّم أطفالنا عن الإبادة، فستفقد كلمة لن يتكرر معناها».
وقد لا يكون لوصف المجازر بالإبادة الجماعية تبعات قانونية، إلا أنه يمكن أن يشكّل دعماً لمطالبات التعويض.
لكنه قبل كل شيء وبكل تأكيد سيثير غضب أنقرة، التي تصر على أن عدد الأرمن الذين قُتلوا مبالغ فيه بشكل كبير وأن عدداً أكبر من المسلمين قُتِل في تلك الفترة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمستشاريه، أمس (الخميس)، إن عليهم «الدفاع عن الحقيقة في وجه أولئك الداعمين لما يُسمى بكذبة الإبادة الجماعية للأرمن»، وفق ما أفاد به مكتبه، من دون الإشارة صراحة إلى خطط بايدن المذكورة في وسائل الإعلام.
بدوره، حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مقابلة من أن خطوة بايدن ستوتر العلاقات الثنائية، وقال: «إذا أرادت الولايات المتحدة التسبب بتدهور العلاقات فالقرار قرارها».
لكن الديمقراطيين في الكونغرس أشادوا بالخطوة المرتقبة، وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: «أشعر بارتياح بالغ وامتنان وتأثّر لأنه بات بإمكاننا أخيراً إحياء الذكرى، مع معرفتنا أن حكومة الولايات المتحدة اعترفت أخيرا بحقيقة إبادة الأرمن الجماعية».
وفي الخارجية الأميركية، لم يؤكد الناطق نيد برايس وجود أي إعلان مرتقب، لكنه شدد على أنه لا يزال بإمكان البلدين العمل على المسائل التي تصب في مصلحتهما المشتركة رغم الخلافات.
وقال: «لدينا مصالح مشتركة مع أنقرة تشمل مكافحة الإرهاب وإنهاء النزاع في سوريا»، وتابع: «كأصدقاء وحلفاء، عندما تكون لدينا خلافات نطرحها لا يمكن التغطية عليها».
وعاش ملايين الأرمن في ظل الدولة العثمانية، معظمهم فيما بات الآن شرق تركيا.
وبدأت المجازر بعدما أمر القائد العثماني آنذاك محمد طلعت باشا بترحيل الأرمن جماعياً خلال الحرب العالمية الأولى، وبينما كانت الإمبراطورية العثمانية تخوض معارك ضد روسيا القيصرية.
ويشير الأرمن إلى أن 1.5 مليون شخص قتلوا من صفوفهم، بينما هناك بعض التقديرات الأخرى التي تتحدث عن أعداد أقل، وفرَّ مئات الآلاف إلى المنفى، العديد منهم إلى أوروبا والولايات المتحدة.
واعتبرت نحو ثلاثين دولة والاتحاد الأوروبي ما حدث «إبادة جماعية».
وفي 2019، صوّت مجلسا النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي على استخدام تسمية إبادة جماعية في قرار رمزي.
لكن الرئيس آنذاك دونالد ترمب، تجنّب استخدام هذا المصطلح في إطار مسعاه للمحافظة على علاقات وطيدة مع إردوغان، لكنه وصف ما حصل بأنه كان «من بين أسوأ الفظائع واسعة النطاق التي شهدها القرن الـ20».
وشدد آدم شيف، عضو الكونغرس الديمقراطي الذي أشرف على التشريع الأصلي بشأن الإبادة الجماعية، على أن أهمية خطوة بايدن المرتقبة تكمن في التأكيد على «تهديد حقيقي في العصر الحالي بحدوث إبادة جماعية»، في إشارة إلى طريقة تعامل الصين مع أقلية الأويغور المسلمة.
وقال لشبكة «فوكس» إنه «إذا كنا لن نعترف بإبادة وقعت قبل قرن، ما الذي يمكن أن يعكسه ذلك بشأن استعدادنا للوقوف ومواجهة إبادة جماعية تحصل اليوم؟».
ترقب لاعتراف بايدن بـ«الإبادة الجماعية للأرمن»... وأنقرة تحذر
ترقب لاعتراف بايدن بـ«الإبادة الجماعية للأرمن»... وأنقرة تحذر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة