رئيس الجمهورية ينتقد «القسوة» الأمنية مع المعتصمين من أنصار القاضية عون

دعا اللبنانيين إلى «التحلي بالصبر» وقال إنه يتفهم معاناتهم

الرئيس ميشال عون خلال ترؤسه الاجتماع الأمني بحضور الرئيس حسان دياب ووزيرة الدفاع زينة عكر (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال ترؤسه الاجتماع الأمني بحضور الرئيس حسان دياب ووزيرة الدفاع زينة عكر (دالاتي ونهرا)
TT

رئيس الجمهورية ينتقد «القسوة» الأمنية مع المعتصمين من أنصار القاضية عون

الرئيس ميشال عون خلال ترؤسه الاجتماع الأمني بحضور الرئيس حسان دياب ووزيرة الدفاع زينة عكر (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال ترؤسه الاجتماع الأمني بحضور الرئيس حسان دياب ووزيرة الدفاع زينة عكر (دالاتي ونهرا)

لم يتطرق الاجتماع الأمني الذي عُقد أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى الاشتباك القضائي واقتحام النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، لشركة «مكتّف» للصيرفة، بل تناول الاجتماع ردود الفعل الأمنية.
وبحث الاجتماع الأوضاع العامة، لا سيما ما حصل في محيط منطقة عوكر حيث اقتحمت القاضية غادة عون ثلاث مرات مقر شركة للصيرفة خلال أقل من أسبوع، وسُجل احتكاك بين أنصارها والقوى الأمنية التي تحركت لفض الاعتصام في باحة الشركة التي يفترض أنها كانت مقفلة بالشمع الأحمر بأمر قضائي.
وقالت مصادر مواكبة للاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عون قارب الموضوع من زاوية الإشكال على الأرض، وليس في مسبباته، ولم يتطرق إلى ملف القاضية عون بتاتاً، إذ حصر حديثه بالتعامل الأمني مع المعتصمين وأجرى مقارنة بين تعامل القوى الأمنية مع المعتصمين في عوكر «بعنف وقسوة»، وتعاملها في وقت سابق مع «معتصمين آخرين كانوا قد أغلقوا الطرقات في وقت سابق، واعتدوا على أملاك عامة وخاصة، بل أحرقوا مبنى بلدية طرابلس، ومنعوا الناس من السير على الطرقات». وقال عون حسب المصادر، إن هذا لا يجوز أن يتكرر، قبل أن يردّ وزير الداخلية في حكومة تصرف الأعمال محمد فهمي قائلاً إن التحرك الأمني تم بسبب الاعتداء على الأملاك الخاصة، وشدد على أن القوى الأمنية تمنع الاعتداء وتأخذ إجراءات لحماية الأملاك. ولفتت المصادر إلى أن عون أعاد تأكيد انتقاده للقسوة التي استُخدمت بحق المتظاهرين.
واستهلّ عون الاجتماع بعرض سريع للأوضاع العامة في البلاد والأحداث الأخيرة التي وقعت في منطقة عوكر، وذكرت الرئاسة اللبنانية أن عون عبّر عن أهمية احترام حرية التعبير مع المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة وعدم الاعتداء عليها، معتبراً أن المهم هو العودة إلى النظام وتفهم وجع المواطنين وآلامهم، لا سيما أنهم خسروا أموالهم وودائعهم، وعلى قوى الأمن ضبط الأمن سلمياً وفقاً للأنظمة المرعية الإجراء.
ثم تحدث رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي أشار إلى ضرورة تجنب التشنجات المتأتية من الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، داعياً إلى ضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن. كما أصر على ضرورة بذل كل الجهود لإقرار قانون «الكابيتال كونترول» الذي يشكل الحل المناسب للمسائل المالية التي يعاني منها المواطنون، والمضيّ في إنجاز التدقيق المالي الجنائي الذي قررت الحكومة تحقيقه منذ شهر مارس (آذار) 2020.
بعد ذلك، تطرق وزير الداخلية إلى الملابسات التي حصلت في منطقة عوكر والتطورات التي رافقتها، معتبراً أن قوى الأمن الداخلي تصرفت ضمن نطاق ضبط الأمن وعدم الاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة.
وشدد عون أمام المجتمعين على عدم تكرار ما حصل، ودعا المواطنين إلى التحلي بالصبر، قائلاً إنه يتفهم أوجاعهم ومعاناتهم، وهو لأجل ذلك يركز على أهمية حصول التدقيق الجنائي ليتمكن المواطنون من استرداد حقوقهم بعد كشف أسباب التدهور المالي الذي تعيشه البلاد. كما طلب عون من القوى العسكرية والأمنية العمل وفقاً للمهام الملقاة على عاتقها، وذلك ضمن الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.