أربع عقبات تعيق صدور العقوبات الأوروبية بحق سياسيين لبنانيين

لا نتائج ملموسة لآخر اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد

TT
20

أربع عقبات تعيق صدور العقوبات الأوروبية بحق سياسيين لبنانيين

كثيرون يستعجلون في لبنان وخارجه صدور العقوبات الأوروبية الموعودة التي تدفع إليها فرنسا منذ أسابيع بعد أن تبين لها أنها تحتاج إلى «رافعة» إضافية تتمتع بوزن كاف لتكون قادرة على التأثير على الطبقة السياسية اللبنانية التي أجهضت مبادرة الإنقاذ الفرنسية وأولى فقراتها تشكيل «حكومة مهمة» تتولى الإصلاحات وانتشال الوضع اللبناني من القعر وتحفيز الخارج لمد يد المساعدة للبنان. وقبل شهر تماما، طلب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان من نظرائه الأوروبيين الـ26 أن يكونوا «مستعدين» لمساعدة لبنان الذي «ينهار» و«يسير على غير هدى». ودعا لو دريان «وزير» الخراجية الأوروبي جوزيب بوريل إلى تقديم «مقترحات» من شأنها دفع السياسيين المعطلين لتشكيل الحكومة لتغيير أدائهم بمعنى طرح صيغ لفرض عدد من العقوبات وتقديم لائحة بأسماء «المعطلين». واستبق لو دريان اجتماع الاثنين الماضي ليحث نظراءه على «التسريع في الجهود الأوروبية الآيلة لممارسة ضغوط على السياسيين اللبنانيين» للخروج من الطريق السياسي المسدود.
حقيقة الأمر أن الآمال كانت معلقة على الاجتماع الأوروبي الأخير لمناقشة «ورقة» بوريل واتخاذ القرارات المناسبة بخصوص لائحة العقوبات وأخرى بالأشخاص الذين ستفرض عليهم مع آلية واضحة. والحال أن شيئا من هذا لم يحصل بل إن الأمور تبدو متجهة لمزيد من «الانتظار» الذي سيطول. فقد أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية، بأن الوزراء «ناقشوا» الملف اللبناني الذي كان واردا تحت باب «المسائل الراهنة» التي تتشكل من «لائحة طويلة» ونظروا في «المحفزات» و«التدابير» التي من شأنها الدفع لتشكيل حكومة لكن «لم يتم التوصل إلى أي شيء ملموس» على هذا الصعيد الأمر الذي يعني الحاجة لمزيد من الاجتماعات والمناقشات. وكان لافتا أن بوريل لم يشر إلى المسألة اللبنانية في عرضه لنتائج الاجتماع ولم يتناولها إلا بعد سؤال صحافي عنها. وفي رده، لفت إلى أن «عدة دول مهتمة بشكل خاص» بهذه المسألة في إشارة إلى فرنسا ما يستبطن أن دولاً أخرى لا تبدي الاهتمام نفسه. وفي هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «مستمرة في العمل مع شركائها الأوروبيين لتحديد كامل التدابير» التي يمكن أن تخدم هدف تشكيل الحكومة. وفي تحذير واضح، أضافت هذه المصادر أن على «المعطلين أن يعلموا أننا لن نقف مكتوفي الأيدي».
يقول سفير فرنسي سابق إن أربعة عوائق رئيسية حالت «وما تزال» دون الوصول إلى العقوبات الأوروبية أولها «افتقاد الأساس القانوني» الذي يمكن الاتكاء عليه، إذ لا شيء في القوانين الأوروبية اسمه «منع تشكيل حكومة» ولذا يتعين قبل كل شيء إيجاد هذا الأساس. والعقبة الثانية عنوانها الحاجة إلى إجماع سياسي بين دول الاتحاد الـ27 على فرض العقوبات وتحديد أنواعها ودرجاتها وهوية الأشخاص الذين ستفرض عليهم وانتماءاتهم السياسية والتأكد من أنها ستكون فاعلة «ولن تأتي بنتائج معكوسة» بمعنى أنها قد تدفع المعنيين لمزيد من التصلب وليس التعاون. والعقبة الثالثة صعوبة الفصل بين البعد الداخلي والبعدين الإقليمي والدولي في الملف اللبناني والتشابك بينها جميعا، فيما ثلاث دول أوروبية إضافة إلى المفوضية ضالعة في مفاوضات حساسة بشأن الملف النووي الإيراني والتنبه لعدم «تخريبه» عن طريق فرض عقوبات على «حزب الله» مثلاً. وأخيرا، يشير السفير السابق إلى أن الأوروبيين منشغلون بملفات «حساسة» كالوضع في أوكرانيا وتوتر العلاقات مع روسيا والعلاقة مع تركيا والملف النووي إضافة إلى مواجهة وباء كوفيد - 19 وتتماته، وبالتالي «لا وقت لديهم يضيعونه لمعرفة ما إذا كان جبران باسيل سيحصل على الثلث الضامن أو كيف سيتم توزيع الحقائب الوزارية». ويختم السفير السابق كلامه بالإعراب عن «تعجبه» من «ترف» السياسيين اللبنانيين الذين «يبحثون في جنس الملائكة بينما بلدهم يغرق». ولذا فإن العقوبات قد تأتي يوما ولكن لا أحد يعرف متى سيحصل ذلك.



اليمن خامس أخطر منطقة لعمل المنظمات الإنسانية حول العالم

عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات في اليمن انخفض بنسبة 44 % (الأمم المتحدة)
عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات في اليمن انخفض بنسبة 44 % (الأمم المتحدة)
TT
20

اليمن خامس أخطر منطقة لعمل المنظمات الإنسانية حول العالم

عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات في اليمن انخفض بنسبة 44 % (الأمم المتحدة)
عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات في اليمن انخفض بنسبة 44 % (الأمم المتحدة)

احتل اليمن المرتبة الخامسة عالمياً من حيث المخاطر التي تواجه عمل المنظمات الإنسانية، وفقاً للتقرير السنوي لبرنامج الأغذية العالمي الذي أكد أن القيود التي فرضها الحوثيون ونقص التمويل يشكلان تحديات على قدرته في استمرار تقديم المساعدات.

وبحسب التقرير القُطري السنوي لعام 2024 للبرنامج الأممي، فقد ظل اليمن طوال العام «بيئة عالية المخاطر»، حيث تمت مواجهة مجموعة من المخاطر شملت محاولات التدخل، وضعف الرقابة على المساعدات، وقيود التمويل، وديناميكيات الصراع المتزايدة التعقيد.

وأكد البرنامج أن اليمن لا يزال ضمن فئة المخاطر الأعلى في ملف المخاطر القُطرية للأغذية العالمي، حيث احتل المرتبة الخامسة بين أعلى مستويات المخاطر من بين جميع عمليات البرنامج البالغ عددها 85 عملية في جميع أنحاء العالم.

وبشأن ظروف عمل البرنامج الأممي، بيّن التقرير أن الديناميكيات السياسية في مناطق سيطرة الحوثيين تسببت في فرض قيود وتأخيرات أثرت سلباً على العمليات والأنشطة الإنسانية ومراقبة الوصول.

قيود الحوثيين ونقص التمويل أبرز الصعوبات التي تواجه توزيع المساعدات (الأمم المتحدة)
قيود الحوثيين ونقص التمويل أبرز الصعوبات التي تواجه توزيع المساعدات (الأمم المتحدة)

كما أن النقص في التمويل الذي برز نتيجة لتغير أولويات المانحين والمنافسة بين عمليات الطوارئ في دول مختلفة، شكّل تحدياً لقدرته في الحفاظ على استمرارية العمليات الإنسانية على نطاق واسع.

ومع أن الأمم المتحدة نددت علناً وفي أكثر من مناسبة بحملة الاعتقالات التي نفذها الحوثيون وطالت أكثر من 70 من العاملين لدى المنظمات الأممية والدولية الإنسانية، إلا أن تقرير الأغذية العالمي تناولها بلغة ناعمة جداً.

وقال البرنامج: إن التوترات الجيوسياسية أدت إلى ارتفاع المخاطر التي تهدّد سلامة الموظفين وسلامة العمليات؛ «ما أدى إلى احتجاز موظف من برنامج الأغذية العالمي وآخرين يعملون في المجال الإنساني».

تقدم كبير

على الرغم من هذه العقبات، يذكر التقرير أن المكتب القُطري لبرنامج الأغذية العالمي أحرز تقدماً كبيراً في عملية إعادة الاستهداف والتسجيل في مناطق سيطرة الحوثيين ومناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً على السواء. وذكر أنه هدف من هذه الجهود ضمان وصول المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، وزيادة شفافية البرامج والمشاريع التابعة له وتعزيز الاستقلالية التشغيلية.

وقال التقرير إن البرنامج استمر في تعزيز قدراته على إدارة المخاطر المؤسسية من خلال الاستثمار في أنظمة وصفها بالفعالة لتعقب وتتبع السلع وتعزيز آليات وأنظمة رقابة متعددة المستويات.

وأشار البرنامج إلى أنه فعَّل مجموعة من استراتيجيات إدارة المخاطر، منها مبدأ «لا توزيع دون رقابة»: لدعم نزاهة البرامج والمشاريع والتخفيف من مخاطر تسرب المساعدات الغذائية وحرفها عن مسارها.

حصص غذائية مخفضة لمعظم المستفيدين في جميع أنحاء اليمن (إعلام محلي)
حصص غذائية مخفضة لمعظم المستفيدين في جميع أنحاء اليمن (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، تم إدماج إدارة المخاطر في عملية صناعة القرار التشغيلي من خلال المشاركة الفاعلة لوحدة إدارة المخاطر التابعة للمكتب القطري في لجان الحوكمة، فضلاً عما تلعبه من دور استشاري فاعل.

وأكد البرنامج الأممي أنه تم إيلاء اهتمام وتركيز خاصّين بمراقبة المخاطر وتحديد مدى قبول المكتب التعامل معها، ووضع أدلة ومبادئ توجيهية تشغيلية تشمل مجالات المخاطر الرئيسية، بما في ذلك مجال مراقبة وصول المساعدات، وإدارة بيانات المستفيدين، والتعامل مع الادعاءات والممارسات المحظورة.

وحتى نهاية العام الفائت، أوضح البرنامج أنه تم تنفيذ جميع توصيات المراجعة الداخلية، باستثناء إجراءات الاستهداف والتسجيل التي لا تزال قيد التنفيذ، وقال إن التقييم المؤسسي الطارئ لاستجابة برنامج الأغذية العالمي في اليمن (2019 - 2024) الذي تم إطلاقه عمل على تعزيز أطر المساءلة، وأنه من المتوقع أن تكون مخرجات هذا التقييم خلال العام الحالي.

تقليص المساعدات

وفق التقرير، تجلّت القيود المالية والتشغيلية في الانخفاض الكبير في حجم المساعدات التي يقدمها برنامج الأغذية، فمع تعليق أجزاء كبيرة من العمليات الإنسانية خلال معظم العام، انخفض عدد الأشخاص الذين تلقوا المساعدات بنسبة 44 في المائة مقارنة بعام 2023. كما انخفضت كمية المساعدات الغذائية الموزعة بنسبة 81 في المائة.

وبالإضافة إلى ذلك، انخفضت التحويلات النقدية المقدمة بالدولار بأكثر من النصف. وفي حين أثر ذلك في المقام الأول على الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين، فقد تأثرت كذلك مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً بانقطاع المساعدات بسبب نقص التمويل، حيث قدّم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية بحصص مخفَّضة لمعظم الأشخاص المستفيدين من المساعدات في جميع أنحاء البلاد.

ونتيجة لنقص التمويل، اضطر برنامج الأغذية العالمي في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي إلى تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية بشكل كامل، ما ترك 2.4 مليون طفل وامرأة وفتاة حامل ومرضع عرضة للخطر دون أي دعم أو مساعدات.