الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها

طعن حكومي ومطالبات كردية

محل لبيع العصير في مدينة الموصل بشمال العراق (رويترز)
محل لبيع العصير في مدينة الموصل بشمال العراق (رويترز)
TT

الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها

محل لبيع العصير في مدينة الموصل بشمال العراق (رويترز)
محل لبيع العصير في مدينة الموصل بشمال العراق (رويترز)

عادت الموازنة المالية للعراق لهذا العام إلى دائرة الجدل مجدداً بعد نحو شهر من إقرارها، إثر خضوعها لجدل وخلافات بين الحكومة والبرلمان من جهة، وبين القوى السياسية فيما بينها من جهة أخرى، بالإضافة إلى الخلاف شبه الدائم عليها بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل.
وتشهد البلاد حالياً جدلاً بعد قرار الحكومة العراقية الطعن في بعض بنود الموازنة، فضلاً عن مطالبات حكومة إقليم كردستان بالأموال المتراكمة لصالحها بسبب الخلاف المالي والنفطي مع بغداد، فضلاً عن خلافات أخرى داخل الكتل السياسية. ويتناول الجدل ما إذا كان إقرار الموازنة بطريقتي التوافق مرة والأغلبية مرة أخرى قد جعل كثيراً من بنودها وجداولها متناقضة بعضها مع بعض، أو أن الجدل الذي تجدد فجأة حولها له علاقة بالموسم الانتخابي الذي يبدأ عادة مبكراً في العراق.
وسيكون العراق في الشهر العاشر من هذه السنة أمام استحقاق انتخابي مبكر عن الموعد الدستوري بنحو 6 شهور، الأمر الذي ألهب حماسة القوى السياسية، سواء التقليدية منها أو ما بات يُعرف بـ«قوى تشرين» تيمناً بالانتفاضة الجماهيرية التي اندلعت خلال أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، بشأن طريقة خوض الانتخابات المقبلة. وتقر اللجنة المالية في البرلمان بوجود صعوبة في إمكانية إجراء تعديلات جوهرية على الموازنة، في حال الطعن عليها من قبل الحكومة، نتيجة لحراجة الوقت.
وقال عضو اللجنة شيروان ميرزا، في تصريح صحافي، إن «الطعن ببعض بنود الموازنة هو حق دستوري وقانوني لرئيس السلطة التنفيذية، في حال كانت هناك أعباء مالية ضمن الموازنة على الحكومة بسبب إجراءات قام بها البرلمان ضمن مراحل تشريع الموازنة». وأوضح أن «أي تعديلات ستجرى على الموازنة معناه ظهور مطالبات بتعديلات أخرى، ما يعني تأخير تفعيل المواد التي سيتم الطعن عليها من الموازنة».
ومن جهته، أعلن وزير التخطيط العراقي الدكتور خالد بتال أن «الطعن في موازنة 2021 سيطال أيضاً المادة المتعلقة بمشاريع التنمية في الأقاليم». وأضاف أن «الحكومة ستطعن أيضاً بمادة تتعلق بتدقيق ومراقبة الخطط المقدمة من المحافظين، وبمادة إلزام الوزارات بنقل بعض التشكيلات وضمها لمجلس الخدمة الاتحادي».
إلى ذلك، أعلنت حكومة إقليم كردستان أنها سترسل وفداً جديداً إلى بغداد لبحث الالتزامات المتبادلة بين الطرفين. وقال رئيس ديوان حكومة إقليم كردستان أوميد صباح، في بيان، إن «حكومة الإقليم تستعد لخوض مباحثات جديدة مع الحكومة الاتحادية لتنفيذ بنود الموازنة العامة لعام 2021»، مؤكداً أن «أربيل ملتزمة بما ترتب عليها من اتفاق حول الموازنة». وأضاف أن «هناك استعداداً من أجل أن يجري وفد الإقليم زيارة مرة أخرى إلى بغداد لمواصلة الحوارات»، مشيراً إلى أن «هذه المرة المباحثات مع بغداد ستدخل ضمن إطار حيز التنفيذ، ونحن في إقليم كردستان أبدينا استعدادنا التام لتنفيذ الاتفاق بين أربيل وبغداد المتعلق بالموازنة». ولفت إلى أن وفد الإقليم «سيكون متخصصاً مؤلفاً من وزير الثروات الطبيعية، ووزير المالية، والاقتصاد، ورئيس ديوان الرقابة المالية في الإقليم، إذ سيجرون مباحثات مع كل من وزير النفط، ووزير المالية، ورئيس ديوان الرقابة المالية الاتحادية».
وأوضح صباح أن «رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني بعث برسالة إلى رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية مصطفى الكاظمي، أبدى فيها الأول الاستعداد التام لتنفيذ أي التزامات مترتبة على كردستان».
إلى ذلك، أكد الخبير القانوني طارق حرب أن قانون الموازنة ساري المفعول بعد نشره في جريدة الوقائع الرسمية، مبيناً أن الطعن سيكون من قبل رئيس الوزراء، وببعض الفقرات. وقال حرب، في بيان، إن «ممثلاً عن رئيس الوزراء سيقيم دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية للطعن بأحكام ونصوص الموازنة التي تخالف الدستور». وأضاف أن «الطعن سيكون حول بعض الأحكام التي تخالف الدستور، ومنها الأمور المالية، وبعض الأحكام التي تخالف مبدأ الفصل بين السلطات، وبعض الأحكام التي استحدثها مجلس النواب في مشروع قانون الموازنة التي لا تتفق مع الدستور». وأوضح أن «الطعن سيكون بالمواد المذكورة في الدعوى فقط، والمواد الأخرى ستستمر في التنفيذ، فقانون الموازنة يحتوي على نحو 50 مادة، فقط المواد المطعون بها تتوقف، وليس مجمل القانون».
وفي غضون ذلك، طلب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس (الأربعاء)، إلغاء إجازة 1128 مشروعاً استثمارياً نسبة إنجازها بين صفر و35 في المائة، وانتهت المدة الزمنية المتاحة لتنفيذها، حسب وكالة الأنباء الألمانية. ودعا الكاظمي، خلال زيارته هيئة الاستثمار الوطنية، إلى الالتزام التام بتطبيق أحكام قانون الاستثمار، من خلال توجيه الإنذارات للمشاريع غير المكتـملة. وطالب الهيئة الوطنية للاستثمار بالإشراف ومتابعة تطبيق الإجراءات، وسحب الإجازات في حال عدم التزام المستثمر بمدة الإنجاز.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.