انكماش غير متوقع في سوق العمل البريطانية

تراجع البطالة... وعدد العاملين والمهاجرين

الأرقام تشير إلى ندوب ظهرت على الاقتصاد البريطاني بعد 3 جولات من إجراءات الإغلاق (رويترز)
الأرقام تشير إلى ندوب ظهرت على الاقتصاد البريطاني بعد 3 جولات من إجراءات الإغلاق (رويترز)
TT

انكماش غير متوقع في سوق العمل البريطانية

الأرقام تشير إلى ندوب ظهرت على الاقتصاد البريطاني بعد 3 جولات من إجراءات الإغلاق (رويترز)
الأرقام تشير إلى ندوب ظهرت على الاقتصاد البريطاني بعد 3 جولات من إجراءات الإغلاق (رويترز)

أظهرت بيانات سوق العمل في بريطانيا خلال مارس (آذار) الماضي تراجعا غير متوقع مع انخفاض أعداد العاملين في الشركات لأول مرة منذ أربعة أشهر وانسحاب المزيد من الأشخاص من قوة العمل.
وأظهرت أرقام رسمية الثلاثاء أن معدل البطالة في بريطانيا انخفض بشكل غير متوقع للشهر الثاني على التوالي إلى 4.9 في المائة في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) إلى فبراير (شباط)، والتي كان معظمها في ظل إجراءات عزل عام صارمة لمواجهة تفشي (كوفيد - 19).
وتوقع معظم خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم أن معدل البطالة، الذي واجهته الحكومة ببرنامج ضخم لدعم الوظائف، سيرتفع إلى 5.1 في المائة، من خمسة في المائة في الأشهر الثلاثة حتى يناير (كانون الثاني).
وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن هناك ارتفاعا ملحوظا في عدد الوظائف الشاغرة في مارس، وخصوصا في قطاعات مثل قطاع الضيافة الذي سمحت السلطات بعودته للعمل من خلال أماكن مفتوحة الأسبوع الماضي.
ومدد وزير المالية ريشي سوناك في مارس خطة تدفع الحكومة بموجبها أجور حوالي واحد من كل خمسة موظفين حتى نهاية سبتمبر (أيلول)، رغم أن أرباب الأعمال سيكون عليهم المساهمة في بعض تكاليف هذه الخطة اعتبارا من يوليو (تموز) المقبل. ولولا هذا البرنامج لكان معدل البطالة أعلى بكثير. وقبل عام، قالت جهات تقدم توقعات للميزانية في بريطانيا إنه ربما يصل إلى عشرة في المائة.
وسيراقب بنك إنجلترا المركزي عدد الوظائف المفقودة عند انتهاء أجل هذه الخطة بينما يدرس إلى متى ستظل الحاجة لاستمرار برنامجه الضخم للتحفيز الاقتصادي.
لكن أيضا بحسب بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصادرة الثلاثاء، تراجع عدد العاملين في بريطانيا خلال الشهر الماضي بمقدار 56 ألف عامل، مع تحول حوالي 80 ألف شخص إلى خاملين اقتصاديا؛ وهو ما يشير إلى توقفهم عن البحث عن عمل.
وذكرت وكالة بلومبرغ أن الأرقام تشير إلى الندوب التي ظهرت على الاقتصاد البريطاني بعد ثلاث جولات متتالية من إجراءات الإغلاق للسيطرة على جائحة فيروس «كورونا» المستجد، والتي أدت إلى إغلاق أبواب معظم المتاجر والمطاعم وأماكن الترفيه. كما عانت جميع هذه القطاعات من انخفاضات كبيرة في الوظائف ذات الرواتب الثابتة رغم جهود وزير الخزانة لحماية الوظائف من خلال برامج دعم أجور العمال.
في الوقت نفسه ارتفع عدد طلبات الحصول على إعانة بطالة في بريطانيا خلال الشهر الماضي بمقدار 10 آلاف طلب، بعد ارتفاعه بمقدار 67.3 ألف طلب في الشهر السابق وفقا للبيانات المعدلة.
وارتفع معدل نمو الأجر الأساسي في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في 28 فبراير الماضي إلى 4.4 في المائة، مقابل 4.3 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة. وجاءت هذه الزيادة نتيجة التراجع في أعداد الوظائف ذات الأجور المنخفضة في البلاد بسبب جائحة فيروس «كورونا».
والشهر الماضي، ذكر موقع التواصل الاجتماعي المهني «لينكد إن»، إن قاعدة بياناته تشير إلى أن عدد أعضائه الذين غادروا بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي زاد عن عدد الوافدين إليها من الاتحاد خلال العام الماضي بعد تفشي جائحة فيروس «كورونا» المستجد، والمخاوف التي أثارها خروج بريطانيا من الاتحاد في سوق العمل.
في الوقت نفسه فإن وتيرة خروج العمال من بريطانيا تسارعت خلال الشهور الأولى من العام الحالي، رغم أن عدد القادمين إلى بريطانيا من خارج الاتحاد ظل أكبر من عدد الذين غادروها إلى خارج الاتحاد. وتشير هذه البيانات إلى تغيير في هيكل قوة العمل ببريطانيا مما يمكن أن يكون له تأثيرات على احتمالات التعافي الاقتصادي بحسب وكالة بلومبرغ.
وقالت ماريانو ماميرتينو، كبيرة المحللين الاقتصاديين في «لينكد إن»، إن «الاتجاه يتسارع... ونحن نرى اتجاهين رئيسيين هما: ارتفاع الهجرة العكسية من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وزيادة الهجرة إلى بريطانيا من خارج دول الاتحاد الأوروبي».
وتلقي هذه الأرقام الضوء على حجم قوة العمل في بريطانيا باعتبارها دولة تخرج من أسوأ موجة ركود تشهدها منذ حوالي ثلاثة قرون. وذكرت بلومبرغ أن بيانات «لينكد إن» تضيف أدلة غير موثقة إلى الجدل الدائر حول عدد العمال الذين غادروا بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث يقدر بعض الخبراء هذا الرقم بحوالي مليون عامل، في حين تقول التقديرات الحكومية إن أقل من 180 ألف عامل أجنبي تركوا بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد.
وبحسب أرقام «لينكد إن»، اتجه العدد الأكبر من العمال الذين غادروا بريطانيا إلى ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، في حين كان العدد الأكبر من العمال القادمين إلى بريطانيا من الهند وجنوب أفريقيا ونيجيريا، كما كان من لديهم خبرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، هم الشريحة الأكبر من العمالة الوافدة إلى بريطانيا من خارج الاتحاد الأوروبي.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.