لجنة الإدارة والعدل النيابية تدعو حكومة دياب إلى تعديل مرسوم الحدود

الجيش اللبناني ينفي اقتراح خط جديد

من اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية أمس (الوطنية)
من اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية أمس (الوطنية)
TT

لجنة الإدارة والعدل النيابية تدعو حكومة دياب إلى تعديل مرسوم الحدود

من اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية أمس (الوطنية)
من اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية أمس (الوطنية)

دعت لجنة الإدارة والعدل النيابية الحكومة المستقيلة إلى تحمل مسؤوليتها واتخاذ قرار بتعديل المرسوم 6433 المتعلق بالحدود البحرية، تحت طائلة المساءلة الدستورية بالإخلال بالواجب الوطني، بحسب ما أعلن رئيس اللجنة النائب جورج عدوان بعد انتهاء الاجتماع الذي خصص أمس للبحث في هذه القضية.
وقال عدوان: «خصصت الجلسة للمقاربة التي يجب أن تعتمد لتعديل المرسوم 6433 المتعلق بترسيم الحدود. وأقول: «إننا قرأنا وشاهدنا وسمعنا في وسائل الإعلام أن هناك تبديلا في موقف الوفد اللبناني المفاوض حول اعتماد خط آخر غير الخط 29»، معلنا أنه اتصل لاستيضاح هذا الأمر مع وزيرة الدفاع الوطني وكان التأكيد أن الموقف لم يتغير وهو مبني على أسس علمية وقانونية، والأمر نفسه عبّر عنه قائد الجيش «الذي قال لي إن الجيش، ومنذ فترة، وعبر التقنيين لديه، يدرس الموضوع وإن ذلك أفضى إلى الخط 29 سواء أكان تقنيا أم قانونيا. وأكد أن التفاوض يجري وسيجري وهم لا يزالون ثابتين في موقفهم».
من جهتها، نفت قيادة الجيش في بيان لها ما أوردته إحدى الصحف المحلية «عن خبر مفاده أن الجيش أدخل تعديلا جديدا على مقترحه المتعلق بالمفاوضات التقنية غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية، من خلال إضافة خط حدودي جديد سمي (خط قانا)، وأكدت أن الوفد المفاوض مستمر في أداء مهمته في المفاوضات التقنية غير المباشرة بالتنسيق الكامل مع السلطات الرسمية ذات الصلة على أساس الدراسة المعدة في قيادة الجيش والتي طرحت خلال جلسات التفاوض وفقا للقانون الدولي، والقائمة على أسس علمية وقانونية ومثبتة وفقا للأدلة والدراسات المعدة لدى مصلحة الهيدروغرافيا في قيادة الجيش».
وقال عدوان، إنه نتيجة البحث في الجلسة في هذا الموضوع في حضور وزيرة العدل ورئيسة هيئة التشريع والاستشارات، كان إجماع وموقف وطني خلف الوفد المفاوض ومطلبه المحق القانوني والتقني المبني على القانون وعلى معطيات علمية موثقة، وأوضح أن « لجنة الإدارة والعدل تحمل الحكومة المستقيلة المسؤولية الكاملة لكي تجتمع فورا وتتخذ قرارا بتعديل المرسوم 6433 تحت طائلة المساءلة الدستورية بالإخلال بالواجب الوطني»، مؤكدا «نطلب منها بإلحاح أن تقوم بذلك قبل فوات الأوان وضمن المهل المطلوبة، وأن تتخذ كل التدابير لإبلاغ الأمم المتحدة بموقف لبنان والتعديلات عليه، وهي موثقة ومثبتة وفقا للعلم والقانون».
وفي رد على سؤال عما إذا لم تقم حكومة تصريف الأعمال بإقرار المرسوم، وهل ترى اللجنة أن المجلس النيابي يمكنه إقرار قانون في هذا الشأن، قال عدوان: «سنرفع توصية إلى الهيئة العامة لكي تطلب من الحكومة أن تجتمع، وهنا تصبح توصية صادرة عن مجلس النواب للاجتماع في أسرع وقت. إنما الحس الوطني والمسؤولية الوطنية تتطلب من الحكومة ألا تنتظر الهيئة العامة في المجلس وتبادر لأن هذا عمل تتوقف عليه حقوق كل اللبنانيين اليوم ومستقبلا. واليوم رأينا في اللجنة حجم الإجماع الوطني على هذا الموضوع».
وكانت وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الأشغال ميشال نجار ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وقعوا على المرسوم، وأحالته رئاسة الحكومة إلى رئاسة الجمهورية لكن لم يوقعه الرئيس ميشال عون معلنا أنه بناء على رأي هيئة التشريع والاستشارات يحتاج إلى عقد جلسة للحكومة.
وتوقّفت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان بعد أربع جلسات عقدت في مقر الأمم المتحدة في رأس الناقورة (جنوب لبنان) إثر مطالبة لبنان توسيع المساحة المتنازع عليها مع إسرائيل لتصل إلى 2290 كيلومتراً مربعاً عوضاً عن 860 كلم.
وأوضح الوزير نجار بعد توقيعه المرسوم الأسبوع الماضي، أنه يتعلق بترسيم الحدود البحرية ويحدد ‏المنطقة الاقتصادية وفقاً للوائح إحداثيات النقاط الجغرافية المبينة والموضحة ‏على الخريطة البحرية الدولية الصادرة عن الأدميرالية البريطانية»، لافتا إلى أن هناك رسالة واضحة وجهها رئيس الجمهورية اللبنانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي تتكلم عن تغييرات حصلت في مرسوم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة تؤكد أحقية لبنان بجزيرة «كاريش» وبعض الكيلومترات التي قضمتها إسرائيل إذ دفشت حدود لبنان إلى 1800 كيلومتر مربع، معتبرا أنّ هذه الرسالة كافية للتأكيد والحفاظ على حق لبنان في المياه الإقليمية وما فيها من ثروات نفطية وغازية تقدر بالمليارات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.