مجلس القضاء اللبناني يطلب من غادة عون التزام قراره ويحيلها على التفتيش

تقدّمت بدعاوى ضدّ رئيسه ووزيرة العدل ورفضت تسليم الملفّ المالي

TT

مجلس القضاء اللبناني يطلب من غادة عون التزام قراره ويحيلها على التفتيش

تبنّى مجلس القضاء الأعلى في لبنان وبإجماع أعضائه، قرار النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، الذي أفضى إلى عزل المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن التحقيق في الملفّات الحساسة، لا سيما القضايا المالية، ودعاها إلى الالتزام بمضمون هذا القرار وكلّف هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى بشأنها. لكنّ مصادر مواكبة لمداولات جلسة مجلس القضاء التي استغرقت ست ساعات، اعتبرت أن بيان مجلس القضاء جاء رماديا، ولم يضع حدّاً لتمرّد القاضية عون، التي لم تمتثل لأوامر رؤسائها، وما زالت ترفض تسليم بعض الملفات.
واعتبر مجلس القضاء في بيان أصدره عصر أمس، أن ما يحصل «ليس صراعاً بين النائب العام التمييزي (غسان عويدات) والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان (غادة عون)، وهو بالتأكيد ليس صراعاً سياسياً بين تيارين كما يصوّره البعض، وليس وليد اللحظة»، لافتاً إلى أن مجلس القضاء الأعلى «اتخذ قراراً انطلاقاً من الدور المناط به بموجب القوانين بالسهر على حسن سير القضاء، تضمّن الطلب من النائب العام التمييزي، ومن رئيس هيئة التفتيش القضائي اتخاذ الإجراءات المناسبة الكل ضمن نطاق اختصاصه بخصوص أداء القاضية غادة عون، والاستماع إليها من قبل المجلس، بسبب خرقها موجب التحفظ، وعدم التزامها بتنفيذ تعهداتها المتكررة أمام المجلس وتمنّعها عن الحضور إلى النيابة العامة التمييزية».
وشدد المجلس على أنه في ضوء مضمون أقوال القاضية غادة عون في جلسة استماعها اليوم (أمس) أمامه، وبمعزل عمّا أثير حول مضمون قرار النائب العام لدى محكمة التمييز المذكور أعلاه، «قرّر الطلب من هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى، والطلب من القاضية غادة عون الالتزام بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز»، منبهاً إلى أن «مسار أي تحقيق في أي ملف قضائي سيُتابع حتى خواتيمه، أياً يكن القاضي الذي يتابعه، بصرف النظر عن أي اعتبارات خارجة عن الإطار القضائي»، داعياً القضاة إلى «الالتزام الدائم بقسَمهم، والاحتكام إلى حكم القانون للنهوض بالوطن، وعلى أن يكون لرئيس مجلس القضاء الأعلى كلمة عبر الإعلام يتناول فيها الأوضاع القضائية عامة، في موعد يحدّد لاحقاً».
وأكد مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط» أن موقف مجلس القضاء «لم يكن على قدر الآمال، فهو لم يكسر القاضية عون، ولم يحقق انتصاراً للقاضي عويدات، بل ساوى بينهما رغم اعترافه بأن الأخير كفّ يدها بناء على المجلس وليس بقرار ذاتي». ورأى المرجع أن مثل هذا البيان «يعطي القاضية عون مبرراً للمضي في تمرّدها على قرارات رؤسائها، وتكريس ظاهرة بقاء الموظّف المدعوم سياسياً فوق المحاسبة والمساءلة».
وفي المعلومات المستقاة من فحوى المداولات، فإن للموقف الرمادي ما يبرره، إذ جاء بعد رغبة رئيس مجلس القضاء بصدور موقف بإجماع أعضاء المجلس وليس بالأكثرية، كي لا يظهر المجلس منقسماً على نفسه، ولذلك فإن الاجتماع انتهى عملياً بعد ساعتين على انعقاده، لكن الساعات الأربع المتبقية تخللتها نقاشات وآراء متضاربة حول رغبة البعض بمعاقبة القاضية عون، ورفض آخرين لهذا التوجّه. وكشفت مصادر مواكبة للاجتماع لـ«الشرق الأوسط»، أن «التأخر في خروج مجلس القضاء بموقف صريح وواضح، مردّه إلى اعتراض قاضية على صدور قرار بالإجماع يدين تصرفات القاضية غادة عون ويعاقبها». واعتبرت أن «خيار القاضية مثّل وجهة نظر فريق سياسي (في إشارة إلى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر)، الذي يرفض بالمطلق تقليم أظافر «قاضية العهد» أو تقليص دورها».
وانطوى مثول القاضية عون أمام مجلس القضاء الأعلى أمس على مفارقات، إذ اعتبرت المصادر أنه بدا «أقرب إلى الهجوم منه إلى الدفاع، إذ ردّت على أسئلة أعضاء المجلس وأصرّت على رفض قرار معاقبتها، وسارعت إلى تقديم ثلاث شكاوى متزامنة الأولى ضدّ وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، والثانية ضدّ النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، والثالثة ضدّ هيئة التفتيش القضائي، واتهمت المرجعيات الثلاث بمخالفة القانون في قرارات كفّ يدها وإحالتها على التفتيش»، إلا أن المصادر قللت من قيمة هذه الدعاوى، مشيرة إلى أن «مجلس القضاء الأعلى ليس المرجع الصالح لتلقّي الدعاوى، بل النيابة العامة التمييزية، وسيكون مصيرها الإهمال». وقالت إن القاضية عون «وافقت على تسليم الملفات التي لديها إلى القضاة المعيّنين بدلاً عنها باستثناء الملفّ المالي، وخصوصاً قضيّة الادعاء على شركة «مكتّف للصيرفة» ومصرف SGBL بشخص رئيس مجلس إدارته أنطون صحناوي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهذا يعني أنها تضرب بعرض الحائط كلّ الإجراءات المتخذة ضدّها».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).