انزعاج إسرائيلي من دعوات «جي ستريت» لتقليص المساعدات الأميركية

TT

انزعاج إسرائيلي من دعوات «جي ستريت» لتقليص المساعدات الأميركية

أعربت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الثلاثاء، عن انزعاجها الشديد من الدعوات التي أسمعت خلال المؤتمر الوطني لحركة اليسار الأميركي «جي ستريت»، التي طالبت إدارة الرئيس جو بايدن باستخدام أوراق ضغط ضد الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك تقليص المساعدات العسكرية والمالية.
وقالت هذه المصادر إنه ورغم أن «جي ستريت»، هي «حركة يسارية يهودية محدودة القوة والنفوذ، إلا أن خطابها السياسي يتجه لمزيد من العداء لإسرائيل ويؤدي إلى استسهال استخدام تعابير غير مألوفة كانت في الماضي من المحرمات».
كان السيناتور الأميركي الديمقراطي، بيرني ساندرز، قال أمام المؤتمر، الذي عقد افتراضياً، بمشاركة قادة الأحزاب الإسرائيلية وكبار الديمقراطيين الأميركيين، مساء الأول من أمس، الاثنين، إن «على الولايات المتحدة تنظيم المساعدة العسكرية لإسرائيل». وقال: «أنا أعتقد بقوة أنه يجب علينا أيضاً أن نكون مستعدين لممارسة ضغوط حقيقية، بما في ذلك تقييد المساعدات الأميركية، رداً على تحركات من أي من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني قد تقوض فرص السلام. فالولايات المتحدة تقدم قدراً هائلاً من المساعدات العسكرية لإسرائيل.
كما أنها تقدم بعض المساعدات الإنسانية والاقتصادية للفلسطينيين. ومن المناسب تماماً للولايات المتحدة أن تقول ما يمكن استخدامه من هذه المساعدة وما لا يجوز استخدامها فيه». واعتبر أن «الشعب الأميركي لا يريد أن يرى أن الأموال تستخدم لدعم السياسات التي تنتهك حقوق الإنسان، وتعامل الشعب الفلسطيني كبشر من الدرجة الثانية». وأوضح ساندرز أن الاستراتيجية لا تتعلق بالتمييز ضد دولة معينة، بل «التصرف بطريقة منصفة لتعزيز القيم الأميركية في المنطقة».
وتكلمت بالروح نفسها السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن، ودعت إلى تقييد المساعدات العسكرية لإسرائيل، بقولها «إذا كنا جادين في وقف التوسع الاستيطاني، ومساعدة الأطراف على إيجاد الطرق السليمة لتحقيق حل الدولتين، فسيكون من غير المسؤول ألا نأخذ في الحسبان جميع الأدوات المتاحة لنا، بينها منع استخدام المساعدات العسكرية في الأراضي المحتلة. فنحن نقدم هذه المساعدات اليوم بصورة خالية من القيود، وبهذا لا ندفع إسرائيل لتعديل مسارها».
وتطرقت وارن إلى الوضع السياسي فهاجمت نتنياهو، وكذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقيادة «حماس»، واعتبرتهم جميعاً فاسدين ودعت إلى تغييرهم.
وتابعت أنه إذا فشل رئيس الوزراء نتنياهو لفترة طويلة في مهمة تشكيل الحكومة، فيجب على الأغلبية البرلمانية في الكنيست التي تعارضه أن تقرر ما يجب فعله بعد ذلك. «هل سيستمرون في القتال فيما بينهم، وفي غضون ذلك، يدعمون زعيماً فاسداً يضع مصالحه قبل مصالح بلاده؟ أم أنهم سيضافرون جهودهم لبدء المهمة الصعبة المتمثلة في اجتثاث الفساد وإعادة سيادة القانون؟».
وأما بالنسبة للقيادة الفلسطينية، فقد قالت وارن: «الضفة الغربية تحكمها قيادة فاسدة ومستبدة بشكل متزايد تحت قيادة الرئيس عباس، بينما تحكم في غزة حركة (حماس)، وهي منظمة فاسدة وإرهابية لم تنبذ العنف بعد».
في هذه الأثناء، انتقد الائتلاف اليهودي الجمهوري، تصريحات وارن واعتبرها «مثيرة للاشمئزاز». وقال مات بروكس، المدير التنفيذي للائتلاف، إن «الدعوة، كما تفعل سيناتور وارن، إلى قيام الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين، بينما تهدد السلطة الفلسطينية وجود إسرائيل، وتحرض على العنف ضد اليهود في كل مكان، وتستمر في دفع رواتب للإرهابيين وأعوانهم، هو أمر مثير للاشمئزاز».
وقال المسؤول الإسرائيلي إن مجريات الأحداث والخطابات في مؤتمر «جي ستريت»، تشير إلى تحول من جانب المزيد من الديمقراطيين اليساريين، بعيداً عن الحديث عن اشتراط المساعدات لإسرائيل إلى تقييدها.
وقال إن استخدام المصطلحات المعادية لإسرائيل أسمعت في السابق من طرف العديد من المرشحين خلال الحملة الرئاسية الأميركية الأخيرة، بما في ذلك ساندرز ووارن، مما يعني ضمناً أن بعض أو كل المساعدات البالغة 3.8 مليار دولار سنوياً، التي وافقت الولايات المتحدة على منحها لإسرائيل على مدى 10 سنوات، باتت مهددة بسبب إجراءات الحكومة الإسرائيلية وقراراتها. وهناك قلق بأن يؤثر هذا الخطاب بالتالي على الرئيس بايدن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».