ليبيون يرون في «توطين العلاج» فرصة لمحاربة «فساد» قطاع الصحة

مواطن ليبي يتلقى جرعة ضد فيروس كورونا بأحد مستشفيات طرابلس (رويترز)
مواطن ليبي يتلقى جرعة ضد فيروس كورونا بأحد مستشفيات طرابلس (رويترز)
TT

ليبيون يرون في «توطين العلاج» فرصة لمحاربة «فساد» قطاع الصحة

مواطن ليبي يتلقى جرعة ضد فيروس كورونا بأحد مستشفيات طرابلس (رويترز)
مواطن ليبي يتلقى جرعة ضد فيروس كورونا بأحد مستشفيات طرابلس (رويترز)

استبشر الليبيون خيراً بعد أن تعهد وزير الصحة، الدكتور علي الزناتي، بـ«توطين العلاج» بالداخل، ورأوا في هذا القرار خطوة لإيقاف مسلسل تدهور الأوضاع الصحية في البلاد، فيما طالب سياسيون وخبراء «بوضع مقاييس دقيقة في تطبيق هذه الخطوة، لتجنب تكرار تبديد المال العام».
وعلى الرغم من تثمينه لهذه الفكرة، فإن عضو مجلس النواب، الدكتور أيمن سيف النصر، طالب بضرورة وضع رقابة قوية على الخدمة الطبية التي ستقدم للمواطن الليبي بالداخل، ومستوى جودتها، وتحديد أسعار الخدمات التي ستشتريها الدولة من المستشفيات الخاصة والعامة، والتي سيتمتع المواطن بها بموجب تأمينه الصحي.
وأشار سيف النصر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى فوائد برنامج «الطبيب الزائر» إذا تم التعاقد مع أطباء دول مشهود لها بالتميز في مجال الجراحات الدقيقة، التي يزداد عليها الطلب بالداخل الليبي، بجانب أطباء بعض دول الجوار التي تمت الاستفادة منهم سابقاً في إطار هذا البرنامج، الذي يطبق الآن بشكل جزئي في بعض مستشفيات المدن الليبية الكبرى، ويلقى إقبالاً متزايداً.
وشدد سيف النصر على أن نجاح تجربة توطين العلاج «يرتبط بشكل بمباشر بتحسين مهارات الأطقم الطبية المساعدة، وهو ما يتطلب منحهم حوافز تشجيعية للتفرغ»، داعياً إلى «تحقيق مبدأ العدالة في تقديم الخدمة الطبية من خلال تعميمها، وعدم الاكتفاء بتوفرها في المدن الكبرى فقط، مع اعتماد برنامج (طبيب الأسرة)، لما يمثله من أهمية بالمرحلة الوبائية الراهنة». كما لفت إلى ضرورة دعم البحث العلمي لتطوير قدرات المؤسسات الصحية والتعليمية في ليبيا، بشأن صناعة العلاجات الدوائية لتوفير احتياجات السوق تدريجياً، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد والتعرض للمضاربات وسياسات الاحتكار».
وبحث الوزير الزناتي مؤخراً مع السفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو، التعاون بين البلدين في مجال «توطين العلاج»، من خلال توأمة بين عدة مستشفيات كبرى في ليبيا ومستشفيات إيطالية.
في السياق ذاته، توقعت عضو مجلس النواب، انتصار شنيب، أن تشهد الفترة المقبلة «تسارعاً في العمل على مراجعة أوضاع المستشفيات بعموم ليبيا». ورأت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «وزير الصحة سيأخذ في الاعتبار كل أسباب النجاح، بما فيها مراجعة الحالة العامة للمستشفيات والمرافق الطبية كافة، والحرص على تزويدها بالأجهزة والمعدات والآلات الحديثة، التي سيحتاجها الأطباء، الذين سيتم استقدامهم من الخارج».
وتعرض قطاع كبير من المستشفيات والمرافق الطبية في ليبيا للقصف والتدمير خلال الحرب، التي شهدتها طرابلس، بالإضافة إلى تأثير صراع مسلح دام عشر سنوات، ما تسبب في مغادرة كثير من الأطقم الطبية الأجنبية البلاد.
أما الناشط المدني طاهر النغنوغي، فطالب بالتركيز على العامل الأمني، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «نسب الانفلات التي اعتادها الليبيون قد تكون مقلقة لبعض الدول المتقدمة، التي لا تزال تقرأ في صحفها عن فوضى انتشار السلاح، ووجود (المرتزقة) على أراضينا، وبالتالي قد يعدّون إرسال أطبائهم إلى بلادنا مخاطرة كبرى».
ودعا النغنوغي إلى «الحرص على وجود استيراد منظم للأدوية، التي تحتاجها السوق الليبية لتجنب تكرار ما يحدث الآن في البلاد»، مشدداً على ضرورة توخي الحذر من أن يشوب «فساد مالي عمليات الاستيراد الضخمة والعاجلة، المطلوبة للتوطين، سواء استيراد الأدوية أو الأجهزة الطبية، وبالتالي تضيع أموال الليبيين مجدداً»، لافتاً إلى حجم المصالح التي تستفيد منها «أطراف وقوى نافذة بالداخل الليبي، كقيادات الميليشيات المسلحة، وجهات ودول تستفيد من سفر وإقامة الليبيين ومرافقيهم إلى أراضيها خلال فترة علاجهم بمستشفياتها الخاصة، مع ازدياد أعداد المرضى والجرحى في السنوات الأخيرة».
وطبقاً لتقرير ديوان المحاسبة الليبي، فقد بلغ حجم الإنفاق على العلاج بالخارج سنة 2019 ما يقرب من 239 مليون دينار ليبي.
في المقابل، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد فضيل، أن الموارد المالية الكبيرة التي تتطلبها خطة توطين العلاج، لا تقارن بحجم الفوائد الاقتصادية التي تتحقق من ذلك على المدى المتوسط والبعيد، مبرزاً أن استقدام عناصر طبية متميزة خطوة «ستسهم في نقل الخبرات للعناصر الوطنية من الأطباء والأطقم المساعدة؛ «تدريجياً قد يتولى الأطباء الليبيون المسؤولية بأكملها، ونتخلص من نفقات العلاج بالخارج وكذلك نفقات استيراد الخبراء».
ودعا فضيل إلى وضع شروط دقيقة للحالات المرضية، التي يستلزم علاجها بالخارج، وذلك «لتقليل حجم الإنفاق، في ظل شبهات الفساد التي تحيط بهذا الملف، حيث لا يستفيد منه فعلياً الآن سوى من يملكون علاقات الوساطة والمحسوبية، وليس المرضى من أصحاب الحالات الحرجة وأصحاب الدخول المحدودة».



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».