فوجئ مدنيون في دمشق بقرار حكومي حدد الحد الأدنى لمقدار «صدقة الفطر» لهذا العام بـ3500 ليرة سورية عن كل شخص، و«فدية الصوم» و«كفارة اليمين» بـ3500 ليرة سورية عن كل يوم، وعدّ بعضهم أن مضمون القرار يدل على معرفة الحكومة أن أغلبية من يعيشون في مناطق سيطرتها جائعون ويستحقون الزكاة، حيث تعج أسواق دمشق بالمتسولين. (الدولار الأميركي يساوي 3 آلاف ليرة).
ورغم أن ظاهرة التسول موجودة في سوريا منذ القديم، فإنها ازدادت منذ اندلاع الحرب فيها قبل أكثر من 10 أعوام وما خلفته من مآس ودمار ونزوح وغلاء وفقر، وتكاثرت جداً مؤخراً وبنسبة أكبر حالياً مع حلول شهر رمضان المبارك.
وتعج أي سوق من أسواق دمشق بعشرات من المتسولين (أطفال، ونساء، ورجال)، الذين يستجدون الناس بإلحاح «زكاة صيامهم» و«فدية إفطارهم» و«كفارات أيمانهم»، فيما يفترش كثير من المتسولين من رجال ونساء أرصفة شوارع رئيسية وبجانبهم أطفال، ويسألون المارة إعطاءهم «زكاتهم».
وحدد مفتي مدينة دمشق، عبد الفتاح البزم، في بيان نشرته وزارة الأوقاف عبر صفحتها في «فيسبوك»، الحد الأدنى من مقدار «صدقة الفطر» لعام 2021 بـ3500 ليرة سورية عن كل شخص، ومقدار «فدية الصوم» و«كفارة اليمين» أيضاً 3500 ليرة سورية عن كل يوم.
ومنذ ذلك الحين يتبادل كثير من سكان العاصمة السورية خلال جلساتهم العائلية وفي أماكن العمل الحديث حول قرار الحكومة. ومع ابتسامة صغيرة تدل على تهكمه، يقول أحدهم أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الشعب كلو ميت بالحياة. الشعب بدو من يعطيه زكاة»، ويتابع: «البعض تأتيه حوالات من أولاد أو أقارب له لاجئين في الخارج، ولكن في ظل الغلاء الموجود لم تعد تلك الحوالات تؤثر في حياته المعيشية».
ومع اشتداد الحرب في البلاد؛ لوحظ تراجع العمل الخيري عاماً بعد عام خلال سنواتها العشر، بخلاف ما كان معهوداً في سوريا في القديم خصوصاً في شهر رمضان من أعمال خير وتبرعات يقدمها ميسورون لمحتاجين؛ لا بل إن أغلبية المواطنين يشكون من جشع التجار.
بلغت «صدقة الفطر» في العام الماضي 1250 ليرة سورية، وقبله 600 للحد الأدنى عن الشخص الواحد، وشهدت ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة مع عام 2011؛ إذ كانت من 60 إلى 75 ليرة.
ويرجع ذلك إلى التدهور الكبير لسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، الذي سجل أمس نحو 3000 ليرة للدولار الواحد، بعدما تدهور قبل شهر لأكثر من 4800، علماً بأن سعر صرف الليرة أمام الدولار كان قبل سنوات الحرب نحو 50 ليرة. ولم يؤد تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي مؤخراً إلى تخفيض أغلبية الأسعار.
ويعيش أكثر من 90 في المائة من المقيمين داخل مناطق سيطرة الحكومة تحت خط الفقر، وتزداد مشكلة الجوع يوماً بعد آخر، مع تواصل فقدان مداخيل العائلات الشهرية جزءاً كبيراً من قيمتها، بسبب الانهيار القياسي لسعر صرف الليرة أمام الدولار.
وباتت أغلبية المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة تعيش أوضاعاً معيشية مزرية للغاية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، حيث ارتفعت 33 مرة، بينما لا يتعدى متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام 20 دولاراً، ولموظفي القطاع الخاص 50 دولاراً، بعدما كان راتب الموظف الحكومي قبل سنوات الحرب نحو 600 دولار.
أسواق دمشق تزدحم بالمتسولين بعد ازدياد عدد الفقراء
قرارات بالعاصمة السورية للتشجيع على الزكاة في شهر رمضان
أسواق دمشق تزدحم بالمتسولين بعد ازدياد عدد الفقراء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة