أكثر من 150 قتيلاً في المعارك المحتدمة في حلب ومقتل مخرج في قناة «المنار»

الناطق باسم الجبهة الشامية لـ («الشرق الأوسط»): استعدنا السيطرة على محورين بالكامل والنظام دخل محرقته

مقاتلون من المعارضة السورية قرب بلدة رتيان على جبهة حلب حيث تدور معارك  مع القوات النظامية مدعومة بعناصر إيرانية ومن «حزب الله» (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية قرب بلدة رتيان على جبهة حلب حيث تدور معارك مع القوات النظامية مدعومة بعناصر إيرانية ومن «حزب الله» (رويترز)
TT

أكثر من 150 قتيلاً في المعارك المحتدمة في حلب ومقتل مخرج في قناة «المنار»

مقاتلون من المعارضة السورية قرب بلدة رتيان على جبهة حلب حيث تدور معارك  مع القوات النظامية مدعومة بعناصر إيرانية ومن «حزب الله» (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية قرب بلدة رتيان على جبهة حلب حيث تدور معارك مع القوات النظامية مدعومة بعناصر إيرانية ومن «حزب الله» (رويترز)

تخطى عدد القتلى الذين سقطوا جراء معارك حلب المحتدمة منذ يوم الثلاثاء الـ156 قتيلا، بينهم 70 لقوات النظام والمسلحين الموالين لها، مقابل 86 لمسلحي المعارضة، في حين أفاد ناشطون باتساع نطاق الاشتباك واحتدام المعارك ما جعل محيط المدينة وريفها جبهات مفتوحة.
ورجّح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن يكون عدد القتلى من جانب النظام السوري أكثر من 70 «لأن مصير 25 من مقاتليه لا يزال مجهولا». وأضاف أن 66 من مقاتلي المعارضة التابعين لجماعات مختلفة قتلوا في المعارك إلى جانب 20 على الأقل من «جبهة النصرة».
وأكد ورد فراتي، مدير المكتب الإعلامي لـ«الجبهة الشامية»، استعادة قوات المعارضة السيطرة بالكامل على محورين من أصل 3 نجح النظام والمسلحون الموالون له بالتقدم فيها، نتيجة هجوم مباغت شنّوه الثلاثاء الماضي مستفيدين من الأحوال الجوية والضباب. وقال فراتي لـ«الشرق الأوسط»: «استعدنا السيطرة على كامل محور الملاح وكبّدنا النظام خسائر فادحة بحيث سقط له وللمرتزقة والميليشيات الطائفية التي تقاتل بصفوفه أكثر من 150 قتيلا، أما في محور الراشدين فلم نكتف باستعادة السيطرة على المناطق التي كانت معنا قبل هجوم النظام، بل سيطرنا على نقطة جديدة، وقد سقط للطرف المقابل 40 قتيلا في هذه الجبهة».
وأوضح فراتي أن المعارك لا تزال مستمرة عند المحور الثالث، محور رتيان وحردتين وباشكوي، مؤكدا أن «أغلبية المناطق تحت سيطرة المعارضة التي نجحت باستعادة السيطرة أيضا على دوير الزيتون الذي يعتبر نقطة استراتيجية كونها خطا أساسيا لإمداد النظام».
وأضاف فراتي: «النظام بدخوله إلى مناطقنا في الريف دخل محرقته، فقد أحصينا مقتل ما بين 250 و300 من عناصره والمسلحين الموالين له وهم بمعظمهم من النخبة، أما الحديث عن حصار حلب فمشروع فاشل منذ بدايته باعتبار أننا نتخذ ومنذ أكثر من 4 أشهر كل الاحتياطات لمنع إحكام الحصار على المدينة».
في هذا الوقت، قال المرصد السوري إن نحو 60 جنديا سوريا وصلوا إلى بلدتي الزهراء ونبل شمالي حلب بعدما انسحبوا من معارك في بلدة رتيان.
وأفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله»، بأن مجموعة من الجيش السوري تمكنت من خرق دفاعات المسلحين والوصول إلى بلدة الزهراء بريف حلب الشمالي، والمحاصرة منذ أكثر من عامين. وأشارت «المنار» إلى أنّه حتى الساعة لم يتم فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي، لافتة إلى أن ما حصل هو أن مجموعة من الجيش السوري استطاعت خرق دفاعات المسلحين ودخلت إلى الزهراء وهذا لا يعني فك الحصار.
وقال ناشطون إن نطاق الاشتباك اتسع يوم أمس حتى شمل جبهات الملاح وحندرات وسيفات، وقد تحرك مقاتلو المعارضة من غرب حلب في اتجاه جنوبها، ليصبح محيط المدينة وريفها جبهات مفتوحة. وأكدت مصادر في المعارضة السورية لقناة «بي بي سي» البريطانية، أن مسلحي المعارضة سيطروا على منطقة الملاح بريف حلب بعد اشتباكات مع القوات الحكومية سقط فيها أربعون قتيلا من قوات النظام.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن مصدر ميداني، أن فصائل المعارضة استعادت القرى الأربع التي تقدمت فيها القوات النظامية «متسللة» أول من أمس، وقتلت ما يقارب 150 عنصرًا، شوهدت جثثهم من قبل ناشطين من المنطقة عند نقاط الاشتباك بين الطرفين، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة أسرت أيضا العشرات من المقاتلين الذي ينتمي أغلبهم لميليشيات أجنبية.
وقال مصدر عسكري في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات المعارضة تحتجز ما يقارب الـ110 جثث من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم 9 جثث لعناصر «حزب الله». وشدّد المصدر على أن وضع النظام حاليا في حلب «لا يُحسد عليه».
وتحدث «مكتب أخبار سوريا» عن جرح سبعة أطفال جراء غارة جوية نفذها الطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي على مدرسة ابتدائية في مدينة الأتارب الخاضعة لسيطرة الجبهة الشامية المعارضة بريف حلب الغربي. ونقل المكتب عن ناشط ميداني أن المقاتلات الحربية استهدف مدينة الأتارب بصاروخين فراغيين سقط أحدهما على منزل خال من السكان على أطراف المدينة، فيما سقط الآخر قرب مدرسة ابتدائية يوجد داخلها نحو 100 تلميذ، خلال الدوام الرسمي، ما أدى إلى إصابة سبعة منهم بجروح طفيفة. وقال المرصد السوري، إن كتائب المعارضة قصفت تمركزات لقوات النظام في كتيبة الدفاع الجوي بحندرات بالقذائف الصاروخية، فيما قصف الطيران الحربي مناطق في بلدة الأتارب ومحيطها، بريف حلب الغربي.
بالمقابل، عرضت قناة «المنار» مشاهد قالت إنّها تظهر «تقدم الجيش السوري في ريف حلب، حيث يشن الجيش عملية واسعة لطرد المسلحين من المنطقة»، لافتة إلى أن الجيش نجح باستعادة السيطرة على بلدات رتيان وحردتين وباشكوي في ريف حلب الشمالي».
وقتل خلال الاشتباكات، بحسب النظام، عشرات المسلحين، بينهم القائد العسكري في «حركة نور الدين الزنكي» حسن معيكة في رتيان، و«رئيس الهيئة الشرعية في مدينة إعزاز» المدعو وليد العريض، كما أصيب القيادي في «جيش المجاهدين» المدعو عبد العزيز، وتم نقله إلى تركيا للعلاج. وأفادت مواقع مقربة من «حزب الله» بمقتل المخرج في قناة «المنار» حسن عبد الله خلال عمله مع جهاز الإعلام الحربي التابع للحزب في ريف حلب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم