أصبحت محلات تجارية محدودة في الضفة الغربية تستقطب مزيدا من الزبائن الفلسطينيين المقاطعين للبضائع الإسرائيلية، وذلك بعد أن قرر أصحاب هذه المحلات مقاطعة كل ما هو منتج في إسرائيل، لكن بالمقابل تمتلئ رفوف أغلبية المحلات الأخرى بمختلف أنواع البضائع الإسرائيلية التي يرفض عدد من الفلسطينيين التخلي عنها.
ومرة أخرى تشتعل الحرب ويشتد الجدل هذه الأيام حول مقاطعة البضائع الإسرائيلية داخل الأسواق الفلسطينية، بعدما احتجزت إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية للشهر الثاني على التوالي، وتركت خزينة السلطة خاوية ومدينة للبنوك. ويفترض أن تبدأ لجان شعبية في 24 من الشهر الحالي في اعتراض السيارات التي تحمل البضائع الإسرائيلية داخل الشوارع، ومنع المحلات التجارية من بيع هذه المنتجات، في خطوة جريئة ولافتة لاقت تأييد البعض، ومعارضة آخرين، أغلبهم وكلاء وتجار ومواطنين.
وقال الناشط منذر عميرة، الذي ينسق حملة المقاطعة في مناطق جنوب الضفة الغربية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يكون مسموحا بعد 24 من الشهر الحالي بإدخال بضائع إسرائيل للأسواق في الضفة الغربية، وسنراقب مداخل المدن ونوقف السيارات التي توزع بضائع إسرائيلية بالقوة، وسنمنع المحلات من بيع أي بضائع.. وهذا هو قرار الشعب الفلسطيني».
وكانت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية قد أعلنت خلال الأسبوع الماضي قرار منع دخول منتجات 6 شركات تعد من كبريات الشركات الإسرائيلية، وهي «شتراوس»، و«تنوفا»، و«اوسم»، و«عيليت»، و«بريغات»، و«يعفورا»، إلى الأراضي الفلسطينية. وتتفوق هذه الشركات في مبيعاتها على المنتجات المحلية الفلسطينية.
وتجاوب فلسطينيون فورا مع القرار، بينما رفضه آخرون، وفي هذا الصدد قال الطبيب أنصار سعادة لـ«الشرق الأوسط» «أنا مقاطع للبضائع الإسرائيلية حتى قبل إطلاق الحملة.. وأعتقد أن ذلك هو أضعف الإيمان».
وبخصوص تأثير هذه الحملة على الاقتصاد الإسرائيلي وإيجابياتها أوضح سعادة أنه «يمكن في حال توسع المقاطعة أن تكبد إسرائيل خسائر أكبر، وبعد مرور شهور من تجربة المقاطعة يمكن الاستغناء عن البضائع الإسرائيلية لأنه يوجد لها بديل دائما».
وكانت هذه النقطة بالذات أحد المآخذ التي يأخذها مؤيدو البضائع الإسرائيلية على الداعين إلى مقاطعتها، إذ يعتقدون أنه لا يمكن تعويض كثير من البضائع الإسرائيلية، وأهمها الحليب والأجبان والألبان، ولهذا السبب رفض عدد من الفلسطينيين الحملة جملة وتفصيلا.
يقول إبراهيم مناصرة، أحد المعارضين للخطوة، لـ«الشرق الأوسط» إنه غير موافق على الحملة الأخيرة لأنه متشكك في دوافعها أصلا، ويضيف موضحا أن «هذه الحملة تعد مقاطعة جزئية وليست مدروسة.. فهم يريدون منا مقاطعة ما نضعه داخل الثلاجة. لكن من أين سيأتون بكهرباء الثلاجة»، في إشارة إلى أن السلطة الفلسطينية تشتري من إسرائيل الكهرباء والوقود والغاز، وتدفع ضرائب عن كل البضائع التي تدخل إلى الضفة الغربية. ولذلك يعتقد مناصرة أن الحملة فيها استخفاف بعقول الفلسطينيين، وقال بهذا الخصوص «ثمة تناقض كبير في الطرح.. أنا ضد الاحتلال كله، ولكن ليس مع تحليل شيء، وتحريم شيء آخر له علاقة به».
ويتفق كثيرون مع مناصرة، بحجة جودة البضائع الإسرائيلية وأسعارها المنافسة التي تدفعهم إلى الاستمرار في شرائها، بل إن عائلات فلسطينية بكاملها تسافر إلى مركز التسوق (مول رامي ليفي) الإسرائيلي الضخم من أجل التبضع، مدفوعة بعروضه المغرية. وقد عاينت «الشرق الأوسط» كيف أن هؤلاء المتسوقين العرب يشترون كل شيء تقريبا يحتاجه المنزل من داخل المركز الإسرائيلي، الذي ينتشر على أطراف المستوطنات الإسرائيلية.
لكن أمجد أبو عيطة، الذي يملك متجرا كبيرا في بيت لحم، رفض ما وصفه بتبريرات المستفيدين من الاحتلال، وقال أبو عيطة، الذي يخلو متجره من كل أنواع البضائع الإسرائيلية لـ«الشرق الأوسط» «دائما هناك بديل.. وإذا لم يوجد بديل عربي يوجد أوروبي وبجودة أفضل وأسعار منافسة».
وحسب أرقام رسمية تبلغ حجم الواردات الفلسطينية السنوية من إسرائيل ما يقارب 4 مليارات دولار، وتشكل ما نسبته 68.7٪ من واردات الفلسطينيين السنوية. ويقول خبراء ورجال أعمال إن اشتداد الحملات يمكن أن يساهم في التخفيف من حجم الواردات من إسرائيل من 20 إلى 30 في المائة، وهو ما سيساهم برفع حصة المنتج الفلسطيني من 11 إلى 18 في المائة، وسيخلق الآلاف من فرص العمل.
لكن وكلاء البضائع الإسرائيلية يعتقدون أن الحملة لن تستمر في النهاية، طالما لا توجد خطة واضحة، ولا يوجد قرار سياسي فلسطيني رسمي. إلا أن مسؤول اللجنة العليا محمود العالول شدد على أن كثيرا من الخطط لدعم المنتجات المحلية توجد على طاولة البحث، مؤكدا أن الأمر مرتبط بوعي الفلسطينيين قبل كل شيء.
بعد محاولات 25 عامًا.. هل تنجح حملة مقاطعة الفلسطينيين للبضائع الإسرائيلية؟
بعضهم يعتقد أنه لا يمكن تعويضها.. ويشكك في دوافع الحملة من أساسها
بعد محاولات 25 عامًا.. هل تنجح حملة مقاطعة الفلسطينيين للبضائع الإسرائيلية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة