أزمات لبنان المتلاحقة تعرقل مواجهته الجائحة

انفجار مرفأ بيروت أضر بـ292 منشأة صحية

مسن يتلقى اللقاح في أحد مراكز التطعيم ببيروت (رويترز)
مسن يتلقى اللقاح في أحد مراكز التطعيم ببيروت (رويترز)
TT

أزمات لبنان المتلاحقة تعرقل مواجهته الجائحة

مسن يتلقى اللقاح في أحد مراكز التطعيم ببيروت (رويترز)
مسن يتلقى اللقاح في أحد مراكز التطعيم ببيروت (رويترز)

يواجه لبنان أزمات متلاحقة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي بدوره إلى تعقيد جهود البلاد لإدارة جائحة «كوفيد - 19». وسلط تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي الضوء على هذا الأمر، حيث أشار إلى أنه يتم تأكيد ما يقرب من 2500 حالة إصابة جديدة بـ«كوفيد - 19» في لبنان كل يوم، معتبرا أن هذا الرقم لا يطاق في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية متزامنة ولا يزال يتعافى من انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) الماضي، كما ألحق الانفجار أضرارا بـ292 منشأة صحية.
وأوضح التقرير الذي أعدته الباحثة آنا ماكفري، وهي زميلة في مركز السياسات الصحية العالمية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، والباحث ويل تودمان وهو زميل برنامج الشرق الأوسط بالمركز، أنه بعد أسابيع فقط من الخروج من واحدة من أكثر عمليات الإغلاق صرامة في العالم، أمرت الحكومة اللبنانية بإغلاق آخر في 3 أبريل (نيسان) الحالي، واعتبر العديد من اللبنانيين، هذا الإغلاق الأخير، الأكثر صعوبة حتى الآن.
وبحسب الباحثان تودمان وماكفري فإن التحديات الاقتصادية العديدة تجعل لبنان أحد أصعب الأماكن في العالم لإدارة مواجهة جائحة كوفيد - 19 وجهود التطعيم، ويحتاج هذا البلد بشكل ملح إلى دعم إضافي. ومع ذلك فإنه نظرا لأنه يتم تصنيف لبنان كدولة متوسطة الدخل، وهو تصنيف لا يأخذ في الاعتبار الانهيار الاقتصادي الأخير، فهو غير مؤهل للعديد من أشكال المساعدات الصحية والإنسانية الدولية.
ويرى الباحثان أنه مما يزيد الأمور تعقيدا أن وزارة الصحة العامة تخضع فعليا لسيطرة حركة «حزب الله»، لذلك فإن الولايات المتحدة غير قادرة على تقديم دعم مباشر لجهود مواجهة جائحة كوفيد 19 التي تقودها الحكومة في لبنان. ولدى الكثير من اللبنانيين شعور عميق بعدم الثقة في السلطات والجهات الفاعلة الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة، مما يشكل عقبات إضافية.
ويؤكد التقرير، الذي نقلته وكالة الأنباء الألمانية، أن المخاطر كبيرة؛ حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية، وتتزايد المخاطر الأمنية. ودعا الولايات المتحدة إلى توسيع دعمها التقني والمالي للوكالات الدولية التي تسد الثغرات الحرجة في مواجهة «كوفيد 19» في لبنان. وأشار إلى أنه يجب أن تعمل واشنطن مع حلفائها الأوروبيين لدعم وزارة الصحة العامة خلال إشرافها على إطلاق حملة التطعيم ضد ذلك المرض. واعتبر التقرير أن نجاح جهود التطعيم سينقذ الأرواح ويخفف المعاناة ويساعد على منع المزيد من التدهور في بلد على وشك الانهيار.
وأشار الباحثان إلى أن النظام الصحي اللبناني الذي كان قويا، انهار تحت وطأة الانهيار الاقتصادي وكوفيد - 19، وفر مئات العاملين في مجال الرعاية الصحية من البلاد في «نزوح جماعي»، غير قادرين على تحمل النقص المزمن في العاملين والإمدادات الطبية الأساسية، والأجور.
ومع تدهور الاقتصاد وتزايد الفقر، أصبحت الرعاية الصحية من جانب القطاع الخاص غير ميسورة التكلفة بالنسبة للكثيرين، مما زاد من الضغط على قطاع الصحة العامة المنهك بالفعل. والنتيجة هي نظام صحي يعاني من نقص الموارد ونقص العاملين والإرهاق، مما يشكل خطرا ليس فقط على مواجهة كوفيد - 19، ولكن أيضا بالنسبة لتوفير الرعاية الصحية الجيدة على نطاق أوسع.
لكن الصورة ليست قاتمة بشكل كامل؛ حيث يقول الباحثان إنه في بلد تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية ويضعف فيه نظام الرعاية الصحية، يمكن أن تساعد لقاحات كوفيد - 19 في تجنب وقوع المزيد من الكوارث. وقالا إنه رغم القيود الاقتصادية الشديدة، وقع لبنان اتفاقات لتأمين 3ر6 مليون جرعة من اللقاحات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدعم غير المسبوق من المجتمع الدولي. ومع ذلك، لن تكون صفقات المشتريات المؤكدة في لبنان كافية لتطعيم 80 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 8ر6 مليون نسمة في عام 2021، وهو الهدف المحدد في خطة التطعيم الوطنية، وفقاً لما خلص إليه التقرير.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.