لبنان يتجه لإحصاء رسمي للنازحين السوريين ضمن خطة لإعادتهم

73 % من ولادات أطفالهم غير مسجلة

TT

لبنان يتجه لإحصاء رسمي للنازحين السوريين ضمن خطة لإعادتهم

تنتظر وزارة الداخلية اللبنانية الحصول على بعض البيانات من مفوضية شؤون اللاجئين للانطلاق بأعداد آلية لإحصاء النازحين السوريين في لبنان بعدما تم توكيلها بالمهمة التي ستتم بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والأمن العام ومفوضية اللاجئين. وتأتي هذه الخطوة التي تأخرت نحو 10 سنوات في سياق الاستعدادات لتطبيق خطة إعادة النازحين التي أقرتها الحكومة اللبنانية في يوليو (تموز) الماضي.
ويقول المشرف العام على خطة لبنان للاستجابة للأزمة الدكتور عاصم أبي علي أن تعداد النازحين الذي يتم العمل عليه «لا يجب أن يخيفهم من ترحيلهم دفعة واحدة باعتبار أن ما يحصل هو مسعى لتنظيم الملف الذي كان يُدار من قبل الدولة منذ اندلاع الأزمة في سوريا وبدء توافد النازحين إلى لبنان على أساس (سياسة النعامة)، فاعتمدوا النأي بالنفس عن كل شيء حتى عن تنظيم الملف، مما أدى لشوائب وخروقات وفوضى، انعكست سلباً على النازح كما على الدولة والمواطن اللبناني». ويشير أبي علي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «ليس لدى الدولة اللبنانية منذ 10 سنوات أي إحصاء للنازحين والأماكن التي نزحوا منها وإليها، وحدها المفوضية تمتلك داتا لـ940 ألف نازح تقريباً، علماً بأن هذا ليس العدد الإجمالي للذين يعيشون في لبنان».
وبحلول نهاية عام 2020. بلغ عدد النازحين السوريين في لبنان المسجلين لدى المفوضية 865331 لاجئاً، في وقت يقدّر عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان بنحو 1.5 مليون لاجئ.
وبحسب المعلومات، سيتم بالتزامن مع إجراء المسح العام للنازحين، فتح المجال أمامهم للتسجيل مجدداً لدى المفوضية بعدما كان قد تم إيقاف عملية التسجيل عام 2015. ويفترض أن تعطي المفوضية الداتا التي بحوزتها اليوم إلى وزارة الشؤون من منطلق أن هناك اتفاقية بين المفوضية ووزارة الخارجية تنص على تبادل المعلومات التي بحوزتها مع وزارة الشؤون شرط ألا تشاركها الأخيرة مع طرف ثالث. ويشير أبي علي إلى أنه «خلال أسبوع كحد أقصى ستصبح هذه الداتا بحوزة الوزارة بعد حل بعض الأمور التقنية».
وستكون وزارة الداخلية الجهة التي ستضع آلية إجراء المسح أو الإحصاء والتي ستنفذها عبر السلطات التابعة لها من بلديات وعناصر أمنية، على أن يواكبها عمال اجتماعيون في وزارة الشؤون والأمن العام اللبناني باعتبار أن في لبنان 1611 منطقة عقارية وكلها تستضيف نازحين، مما يعني أن هناك «عمل لوجيستي ضخم جداً يحتاج لمؤازرة عدة إدارات وتكافل الجهود بين عدة وزارات»، على حد تعبير أبي علي.
وتشير مصادر «الداخلية» إلى أنها لم تنطلق بعد بأعداد الآلية بانتظار الحصول على بيانات طلبتها من مفوضية شؤون اللاجئين، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الآلية التي ستعتمد ستكون واضحة للتنفيذ لما فيه مصلحة لبنان والنازحين على حد سواء».
ويكشف أبي علي أن «كل نازح سوري على الأراضي اللبنانية سيحصل بعد ذلك على بطاقة تعريف، باعتبار أنه وبحسب إحصاءات المفوضية يمتلك فقط 20 في المائة من النازحين أوراقاً نظامية في لبنان، في وقت يمكن الحديث عن 73 في المائة من ولادات النازحين غير المسجلة، مما يحتّم الانطلاق بتنظيم ملف النزوح ككل لتأمين عودتهم، وهي عودة نؤكد أنها ستحصل وفق الخطة التي أقرها مجلس الوزراء وتتوافق مع القوانين الدولية وتراعي مبدأ عدم الإعادة القسرية»، مشدداً على أن «ملف العودة يجب أن ينسق مع الدولة السورية، ومفوضية اللاجئين والمجتمع الدولي، وإذا فُقدت إحدى هذه الحلقات تتعرقل العملية».
ومنذ عام 2016. تحقّقت مفوضية اللاجئين من عودة أكثر من 67 ألف لاجئ سوري من لبنان إلى سوريا، إلا أن أرقام العائدين أكبر من منطلق أن الكثيرين عادوا بمفردهم من دون التنسيق معها. وتؤكد المفوضية لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ عام 2017 يشير أكثر من 80 في المائة من اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان إلى عزمهم العودة إلى بلادهم. والسؤال بالنسبة إلى معظمهم ليس إذا كانوا يريدون العودة، وإنما متى سيتمكنون من العودة».
وتشدد المفوضية على أن «قرار العودة هو قرار فردي ينبغي للاجئين، وليس للمفوضية، اتخاذه»، متحدثة عن «أربعة عوامل يشير إليها اللاجئون تؤثر على قرارهم بشأن العودة إلى ديارهم وهي السلامة والأمن، المسكن وامتلاك سقف يأويهم، إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية - المستشفيات، المدارس وتأمين فرص عمل للتمكّن من إعالة وتلبية احتياجات أسرهم».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.