عون «يبيع» واشنطن معاودة المفاوضات مع إسرائيل لفتح صفحة جديدة

TT

عون «يبيع» واشنطن معاودة المفاوضات مع إسرائيل لفتح صفحة جديدة

توقّف مصدر نيابي بارز أمام الدور الذي لعبه الثلاثي المؤلف من النائبين إلياس بو صعب وآلان عون ومستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي لدى الرئيس ميشال عون، وأدى إلى إقناعه بصرف النظر عن التعديلات المقترحة على المرسوم 6433، وبالتالي سحبه من التداول لإعطاء فرصة لمعاودة المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية حول ترسيم الحدود البحرية، وتحديداً في المنطقة المتنازع عليها في جنوب لبنان بعد أن توقفت بسبب إصرار الوفد اللبناني المفاوض على رفع سقف التفاوض لزيادة المساحات البحرية للبنان، الذي قوبل برفض من الوفد الإسرائيلي الذي أبلغ الوسيط الأميركي بأن لا جدوى من مواصلة المفاوضات.
وقال المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الثلاثي التقى وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل فور وصوله ليل الثلاثاء الماضي، إلى بيروت وقبل أن يباشر لقاءاته مع القيادات الرسمية وغير الرسمية، وأكد أن البحث تناول ثلاثة مواضيع تتعلق بتعديل المرسوم 6433 الذي سيؤدي حكماً إلى وقف المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، وبالعقوبات الأوروبية التي ستشمل من يعرقل تشكيل الحكومة وإسقاط الشروط التي ما زالت تعيق تأليفها.
ولفت إلى أن هيل استغرب إقحام المفاوضات البحرية في التجاذبات الداخلية التي يراد منها تبادل تسجيل المواقف التي تؤخر استفادة لبنان من ثروته النفطية، لأنه بات في حاجة ماسة لاستخراجها لمعالجة أزمته الاقتصادية، وقال إنه يضع المسؤولية حيال رفع سقف التفاوض بإدخال تعديلات على المرسوم على القيادة السياسية، غامزاً من قناة رئيس الجمهورية الذي يتولى الإشراف على المفاوضات وصولاً إلى إعطائه الضوء الأخضر للوفد العسكري المفاوض بطرح هذه التعديلات، ليعود لاحقاً إلى تقاذف المسؤولية على خلفية أن هناك ضرورة لإصدار المرسوم معدّلاً في جلسة يعقدها مجلس الوزراء، وهذا ما يرفضه رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب.
وأكد المصدر نفسه أن هذا الثلاثي أخذ علماً بالموقف الأميركي الرافض لرفع سقف التفاوض حول المساحات البحرية المتنازع عليها، وبادر انطلاقاً من علاقته المباشرة برئيس الجمهورية وبرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى التواصل مع عون قبل أن يلتقي بهيل، ونجح في إقناعه بتنعيم موقفه لتسهيل معاودة المفاوضات، خصوصاً أن لا مصلحة له في الدخول في اشتباك سياسي مع الإدارة الأميركية، وقال إن عون اقتنع بسحب التعديلات على المرسوم من التداول كأنها لم تكن.
واعتبر أن عون أبدى رغبة في الانفتاح على هيل لعله يتمكّن من فتح صفحة جديدة مع واشنطن تدفع باتجاه تبديد الشوائب التي سادتها من جراء احتجاجه على العقوبات الأميركية المفروضة على باسيل، مع أن يدرك سلفاً بأن لا جدوى من رفعها، وأن السبيل الوحيدة تكمن في لجوء باسيل إلى ملاحقتها حسب الأصول القانونية.
واستبعد أن يكون عون قد حصل على «ثمن سياسي»، لأن هيل لا يملك الأوراق السياسية التي يقدّمها له لئلا يُقحم نفسه في مقايضة غير قابلة للصرف سياسياً، وقال إنه أراد أن يوجّه رسالة إلى الإدارة الأميركية تبقى في حدود إبدائه حسن النية التي تمهّد له تقديم أوراق اعتماده لها، لأنه لا يحتمل الإكثار من خصومه عربياً ودولياً الذين يحاصرونه على خلفية انحيازه في خياراته السياسية لمحور «الممانعة» بقيادة إيران.
وبكلام آخر، فإن عون ورّط الآخرين بالتعديلات على المرسوم تاركاً لنفسه المنفذ السياسي لتطبيع علاقته بالإدارة الأميركية وصولاً إلى تقديم نفسه إلى المجتمع الدولي بأنه ليس في وارد الصدام معه أو الدخول في اشتباك جديد يضاف إلى الاشتباك الذي أوقع نفسه فيه بتأخير تشكيل الحكومة.
وكشف المصدر النيابي أن عون تمكّن من أن ينقذ نفسه، فيما عمد إلى حشر الآخرين بالتعديلات المقترحة على المرسوم 6433، مع أنه يعرف جيداً أن إقراره لا يحتاج إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء، ما دام أن عشرات المراسيم الاستثنائية صدرت منذ استقالة دياب ولم يصدر عنه أي تعليق، وقال إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري نأى بنفسه عن التدخّل لتوفير الغطاء السياسي للتسهيلات التي قدّمها عون، معتبراً أنه قام بكل ما يتوجّب عليه من خلال التوصّل إلى اتفاق الإطار لبدء المفاوضات، وأن مسؤولية التفاوض تقع منذ الآن وصاعداً على عاتق السلطة التنفيذية.
كما أن بري لم يتدخّل في الخلاف حول كيفية إقرار المرسوم المعدّل قبل أن يصرف النظر عنه بموافقة عون على سحبه، مستعيضاً عنه بطلب لبنان مساعدة من خبراء دوليين في قانون البحار، وهذا ما لقي تجاوباً من هيل، وإن كان المصدر يعتبر تجاوبه ما هو إلا «جائزة ترضية» لرئيس الجمهورية لتبرير التسهيلات التي قدمها لمعاودة المفاوضات.
وفي هذا السياق، تردّد أن هناك من يطرح بصورة غير رسمية إدخال تعديل على الوفد المفاوض بتسمية شخصية مدنية تتولى رئاسته، مع أن المشكلة لم تكن في الوفد العسكري المفاوض، وإنما في الإرباك الذي تسبّب به من يدير المفاوضات وأعطى الضوء الأخضر لتعديل المرسوم 6433.
ويبقى السؤال - بحسب المصدر النيابي - هل نجح عون في أن يفتح صفحة جديدة مع واشنطن؟ وماذا بالنسبة إلى موقفه من تشكيل الحكومة في ضوء اتهام هيل إيران بالضغط لمنع تأليفها، وأن هناك من يتناغم معها من خلال استعصائه على تأليفها؟ مع أن هيل كان صريحاً في ردّه على عون بأن الحكومة «بشروط» الرئيس المكلف سعد الحريري لن تحظى بثقة البرلمان بقوله: اترك الأمر للمجلس النيابي ليتخذ القرار الذي يناسبه.
لذلك، فإن هيل أراد من خلال لقاءاته التأكيد على الحضور الأميركي في لبنان وعدم إخلاء الساحة لإيران وحليفها «حزب الله»، رغم أن لبنان ليس من أولويات الإدارة الأميركية، وهي تدعم المبادرة الفرنسية لإنقاذه، ناصحاً بعدم ربط الحكومة بالحلول الإقليمية التي قد لا تكون في متناول اليد لأن المفاوضات الأميركية - الإيرانية لن تحصل بكبسة زر.
وعليه، فإن الأفق أمام تشكيل الحكومة ما زال مسدوداً، لأن عون - كما يقول المصدر النيابي - لن يقلع عن القيام بالتعاون مع فريقه السياسي باستفزاز الحريري للاعتذار، وهو يستمر باستهدافه شخصياً وبمواقف ونعوت غير مألوفة، فيما هو باقٍ على موقفه ولن يعطيه ورقة استدراجه للدخول معه في صدام على خلفية طائفية، رغم أن «التيار الوطني» أخفق حتى الساعة في تطييف الخلاف حول تشكيلها، ظناً منه أنه يستعيد حضوره كما كان في السابق في الشارع المسيحي.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.