على عكس الشائع... العديد من النرجسيين «يكرهون أنفسهم»

امرأة تلتقط صورة ذاتية أو سيلفي باستخدام هاتفها الجوال (أرشيفية- رويترز)
امرأة تلتقط صورة ذاتية أو سيلفي باستخدام هاتفها الجوال (أرشيفية- رويترز)
TT

على عكس الشائع... العديد من النرجسيين «يكرهون أنفسهم»

امرأة تلتقط صورة ذاتية أو سيلفي باستخدام هاتفها الجوال (أرشيفية- رويترز)
امرأة تلتقط صورة ذاتية أو سيلفي باستخدام هاتفها الجوال (أرشيفية- رويترز)

في عالم يُقدّر فيه التواضع، فإن بعض الأشخاص الأكثر إزعاجاً هم أولئك الذين يتفاخرون باستمرار، ويدعون معرفة معظم الأمور، ويتباهون في تألقهم. هذه الصفات تدق ناقوس الخطر بصوت عالٍ وتظهر شخصية نرجسية، وفقاً لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.
ومن الصعب الشعور بالتعاطف مع هؤلاء الأشخاص، وتشير الأبحاث إلى أن العديد من النرجسيين في الواقع لا يحبون أنفسهم كما هو شائع، بل العكس هو الصحيح.
في كثير من الأحيان، لا يكون سلوك النرجسي مدفوعاً بحب الذات - بل كراهية الذات. وتعزز النتائج الجديدة هذه الفكرة، مشيرة إلى أن السلوك النرجسي، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يأتي من تدني احترام الذات والحاجة المستمرة للشعور بالرضا عن النفس. وحقيقة أن بعض النرجسيين قد يكرهون أنفسهم في الواقع لا يفضح فقط زيف المدرسة الفكرية الشائعة حول المتفاخرين، ولكنه يشير أيضاً إلى أننا قد نرغب في إعادة التفكير بالطريقة التي نتفاعل بها معهم.
* «لا يشعرون بالرضا»
يقول روبن إدلشتاين، أستاذ علم النفس في جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة: «يميل النرجسيون إلى أن يكونوا جذابين للغاية ومنفتحين، ويمكنهم تكوين انطباعات أولى جيدة جداً، لكنهم يميلون أيضاً إلى أن يكونوا بغيضين إلى حد ما، ويفتقرون إلى التعاطف ومتلاعبين».
وفي بيئة العمل، يمكن أن يعني ذلك الحصول على الثناء لمهام لم يقوموا بها، أو إلقاء اللوم على الزملاء فيما يرتبط بالأخطاء، أو الاستفادة من الآخرين للمضي قدماً أو الرد على الملاحظات بعدائية، كما يوضح إيدلشتاين. اجتماعياً، قد يظهر هذا السلوك عبر عرض ما على وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال جذب الانتباه على حساب شخص آخر.
ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة أن هذا السلوك ينبع من حب الذات الشديد والهوس بالنفس والتركيز على الذات، لكن السبب قد يكون عكس ذلك تماماً.
يقول راماني دورفاسولا، اختصاصي علم النفس السريري وأستاذ في جامعة ولاية كاليفورنيا بلوس أنجليس: «الأفراد النرجسيون يعانون بالفعل من عدم الأمان والعار، وحياتهم كلها تدور حول محاولة لتنظيم صورتهم... النرجسية لم تكن أبداً تتعلق بحب الذات. إنها تدور تقريباً حول كراهية الذات».
ولقد ثبت منذ فترة طويلة أن هناك نوعين من النرجسيين: «الضعفاء»، الذين لديهم تقدير متدنٍ للذات، والأشخاص «المتكبرون»، الذين لديهم شعور حقيقي بالذات مبالغ فيه.
وأظهرت دراسة جديدة من جامعة نيويورك أن «المتكبرين» قد لا يعتبرون نرجسيين على الإطلاق، ويقترح فريق البحث أن الضعفاء هم النرجسيون الحقيقيون، لأنهم لا يسعون إلى القوة أو الهيمنة، بل يحاولون جذب الاهتمام الذي يرفع من مكانتهم وصورتهم في أذهان الآخرين.
ويقول باسكال واليش، الأستاذ المساعد في جامعة نيويورك وكبير مؤلفي الدراسة: «إنهم لا يشعرون بالرضا عن أنفسهم على الإطلاق... هذا البحث لا يهدف لتشويه صورة النرجسيين - بل على العكس من ذلك، نحن بحاجة إلى المزيد من التعاطف معهم».
وتضمنت الدراسة ما يقرب من 300 طالب جامعي أجابوا عن استبيانات تقيس سمات الشخصية، مثل الشعور بعدم الأمان أو عدم التعاطف، بعبارات مثل «أنا أميل إلى الندم» أو «من المهم أن أشاهد في الأحداث المهمة». ووجد الباحثون أنه على عكس النرجسيين العظماء، كان النرجسيون الضعفاء هم المجموعة التي أظهرت انعدام الأمان والسمات الأخرى ذات الصلة.
لذلك، عندما ترى شخصاً بحاجة إلى اهتمام في العمل، أو ينشر صوراً ذاتية (أو سيلفي) على «إنستغرام» أو يكون حساساً تجاه التعليقات التي تجعله يبدو سيئاً، فقد يكون نرجسياً ضعيفاً (أو «حقيقياً»). وتأتي حاجة هؤلاء المستمرة إلى الاهتمام والهوس الواضح بالذات من عدم الأمان العميق الذي يحاولون إخفاءه.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».