جنوب الصحراء الأفريقية الأقل نمواً في 2021

«النقد الدولي»: أوروبا بحاجة لمزيد من التحفيز

توقع صندوق النقد الدولي أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تتجه لتسجيل أبطأ نمو اقتصادي هذا العام (رويترز)
توقع صندوق النقد الدولي أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تتجه لتسجيل أبطأ نمو اقتصادي هذا العام (رويترز)
TT

جنوب الصحراء الأفريقية الأقل نمواً في 2021

توقع صندوق النقد الدولي أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تتجه لتسجيل أبطأ نمو اقتصادي هذا العام (رويترز)
توقع صندوق النقد الدولي أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تتجه لتسجيل أبطأ نمو اقتصادي هذا العام (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي، الخميس، إن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تتجه لتسجيل أبطأ نمو اقتصادي من أي منطقة أخرى في العالم هذا العام؛ إذ تواجه القارة صعوبة في تجاوز الاتجاه النزولي الناجم عن الجائحة.
وأضاف الصندوق أنه يتعين على الدول الثرية المساعدة في تسهيل حصول أفريقيا على اللقاحات الضرورية وإتاحة التمويل للقارة، حيث أدت الأزمة الصحية العالمية وتبعاتها الاقتصادية إلى سقوط 32 مليوناً من السكان في براثن الفقر المدقع العام الماضي.
وقال أبيبيه آمرو سيلاسي، مدير «الإدارة الأفريقية» لدى الصندوق: «الطريقة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد بها المنطقة حقاً هي تحسين قدرتها على الحصول على اللقاحات».
وكان سيلاسي يتحدث في مقابلة مع «رويترز» قبيل نشر التوقعات الاقتصادية لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء. وقال إن آليات مثل «كوفاكس» المدعومة من منظمة الصحة العالمية موجودة بالفعل لتوجيه الجرعات إلى الدول التي تحتاج إليها. وأضاف: «لكن يجب أن يصاحبها تمويل واستثمار لزيادة الإمدادات العالمية من اللقاحات زيادة كبيرة في أسرع وقت ممكن».
وكان صندوق النقد أعلن الأربعاء أن أوروبا بدورها تواجه مزيداً من المخاطر التي تتهدد تعافي اقتصادها بسبب متحوّرات فيروس «كورونا» وتأخر حملات التلقيح، مما قد يطيل أمد الأزمة الصحية.
وحذر الصندوق بأن هذا الوضع قد يؤدي إلى «اضطرابات اجتماعية وإلى تداعيات اقتصادية على المدى المتوسط في حال استمرت الأزمة»، داعياً إلى تعزيز المساعدات الحكومية حتى انتهاء الأزمة.
وقال مدير «منطقة أوروبا» في المنظمة، ألفرد كامر، في مدوّنة حول الآفاق: «هذه ليست دعوة لحزمة تزيد الإنفاق العشوائي والدائم، بل لتدخل موضعي مباشر هادف ومؤقت على صعيدي الطلب والإمداد».
وبحسب صندوق النقد، ستسجل أوروبا هذا العام نمواً بنسبة 4.5 في المائة، أي أقل بـ0.2 في المائة مقارنة مع توقعات أكتوبر (تشرين الأول)، يليه توسع بنسبة 3.9 في العام التالي، وفقاً آخر التوقعات الاقتصادية الإقليمية.
ومن شأن هذا الأمر، بحسب كامر، أن يعيد الاقتصاد إلى «مستويات ما قبل الجائحة، لكن ليس إلى المسار الذي كان متوقعاً قبل الجائحة». وكتب كامر أن «التعافي الاقتصادي في أوروبا لا يزال بطيئاً وغير متكافئ، مما شكل انعكاساً لموجات العدوى الدورية ووتيرة حملات التلقيح».
وعدّ أن زيادة الإنفاق بنسبة 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام المقبل يمكن أن ترفع إجمالي الناتج المحلي بنحو اثنين في المائة بحلول نهاية عام 2022، كما يمكن أن تخفف التداعيات بأكثر من النصف.
ويفترض صندوق النقد أن اللقاحات ستكون «متاحة على نطاق واسع» بحلول منتصف العام، وعدّ كامر أن «الأولوية المطلقة هي تعزيز إنتاج اللقاحات»، إلا إنه شدد على أنه يتعين على صناع القرار أن «يواصلوا تقديم المساعدات الطارئة إلى الأسر والشركات».
وحيّا الصندوق المساعدات التي قدمت إلى عشرات ملايين العمال، لكنه شدد على أن تلك الأموال يجب أن تعدّل وجهتها لبرامج إعادة التدريب لمساعدة العمال في إيجاد وظائف في قطاعات ناشئة. وعدّ الصندوق أنه «كلما كان التعافي أسرع؛ تضاءلت معاناة الأفراد والشركات». وفي توقعات أكثر إيجابية، أشار الصندوق إلى آثار ذات فوائد كبيرة محتملة لخطة الاتحاد الأوروبي «الجيل المقبل».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.