اتهامات مصرية ـ إثيوبية متبادلة بإعاقة مفاوضات السد

القاهرة رهنت تحركاتها بحجم الضرر... وأديس أبابا انتقدت التوجه إلى مجلس الأمن

TT

اتهامات مصرية ـ إثيوبية متبادلة بإعاقة مفاوضات السد

تبادلت مصر وإثيوبيا الاتهامات، أمس، بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات «سد النهضة»، وفيما حمل وزير الخارجية المصري سامح شكري، «التعنت الإثيوبي»، مسؤولية الإخفاق الراهن، في مقابل «مرونة من الجانب المصري والسوادني»، قالت الخارجية الإثيوبية، إن «مصر والسودان تعمدا إعاقة المسار الأفريقي، منتقدة توجيه القضية مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي». وفشلت آخر جولة من المفاوضات استضافتها، الأسبوع الماضي، الكونغو الديمقراطية التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، في التوصل لاتفاق حول ملء وتشغل السد، الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف في مصر والسودان من تأثيره على إمداداتهما من المياه.
ورهن وزير الخارجية المصري أمس تحركات بلاده للتعامل مع السد، بحجم الضرر الواقع عليها جراء الملء الثاني للخزان، والمتوقع في يوليو (تموز) المقبل. وقال في كلمته أمام لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان المصري، إن «السد العالي وخزانه (في مصر) يعطياها القدرة على استيعاب كثير مما يترتب على ملء خزان السد الإثيوبي»، مضيفا أن هذا أمر يتم تقديره من قبل الفنيين. ونوه شكري إلى أن الخطوات القادمة تظل مرهونة بمدى الضرر الذي يقع على مصر، لوجود وفرة في مياه الفيضان والقدرة على إعادة ملء خزان سد أسوان. وأبدى الوزير المصري اهتمام بلاده بـ«الضرر المحتمل الكبير» الذي قد يقع على السودان في ظل قرب الملء الثاني لخزان سد النهضة بعد 3 أشهر، مشددا على أن هذا الضرر المحتمل «شيء لا ترتضيه مصر»، مؤكدا أن التقييم الفني يشير إلى أنه لن يقع ضرر على مصر حال قيام الجانب الإثيوبي بالملء الثاني، لكن يظل كل شيء مرهون بدراسات وتقييم دقيق على أرض الواقع لما يحدث بالفعل. وحذر الوزير المصري إثيوبيا من أن أي ضرر فإن كل أجهزة الدولة ستعمل لـ«مواجهة هذا الضرر والتصدي له وإزالة أي آثار له»، مؤكدا أن «كل الإمكانيات والقدرات متوفرة لدى الدولة وأجهزتها المختلفة».
ولفت الوزير المصري إلى أن بلاده ما زالت تعمل في إطار المفاوضات، مشيراً إلى أن هناك قدرا من التعنت من الجانب الإثيوبي، في مقابل المرونة من الجانب المصري والسوادني في المفاوضات. وقال شكري: «مستمرون في سعينا حتى وإن كان الوقت ضيقا، من أجل حل الأزمة، بما لا يضر مصالح مصر والسودان»، موضحا أن المشاورات لم تصل إلى نتيجة، وما زال هناك فسحة من الوقت. وبدأت إثيوبيا في تشييد السد عام 2011، فيما تعتزم بدء الملء الثاني للسد خلال موسم الأمطار، الصيف المقبل، بشكل أحادي، بصرف النظر عن التوصل إلى اتفاق، وهو ما تحذّر منه مصر والسودان. واتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية، أمس، مصر والسودان بالعمل على إحباط المحادثات الثلاثية للاتحاد الأفريقي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي في مؤتمر صحافي عقده في أديس أبابا إن دولتي مصب نهر النيل «شرعتا مباشرة بإحالة قضية سد النهضة مجددا لمجلس الأمن، وهو ما كان مبيتا مسبقا بإخراج الملف خارج الإطار الأفريقي». وأضاف مفتي أن «نقل ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي تقليل من احترام الاتحاد الأفريقي». وأشار مفتي إلى أن «دولتي المصب حالتا دون التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة في مفاوضات كينشاسا». وطالبت مصر، في خطابات رسمية وجّهتها يوم الثلاثاء الماضي، إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، بدور أممي يسهم في حل النزاع عبر التوصل إلى اتفاق قانوني. وتضمنت الرسائل المصرية تحذيرا من أن «استمرار إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية من دون التوصل لاتفاق، سيؤثر على استقرار المنطقة وأمنها».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».