الإعلام المصري يخسر مكرم محمد أحمد

شغل مناصب قيادية... وشارك في الحياة السياسية بكتاباته

الراحل مكرم محمد أحمد (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام)
الراحل مكرم محمد أحمد (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام)
TT

الإعلام المصري يخسر مكرم محمد أحمد

الراحل مكرم محمد أحمد (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام)
الراحل مكرم محمد أحمد (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام)

غيّب الموت أمس الكاتب الصحافي المصري، مكرم محمد أحمد، الرئيس السابق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، أحد أهم الكتّاب والصحافيين بمصر والعالم العربي، بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز 86 عاماً. وكان الراحل قد تعرض لوعكة صحية دخل إثرها المستشفى منذ أيام. شغل مكرم مناصب قيادية، من بينها نقيب الصحافيين المصريين، والأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب.
عمل الراحل خلال مشواره الصحافي مراسلاً عسكرياً في اليمن وفي فلسطين. وشارك في الحياة السياسية المصرية بمقالاته وكتاباته؛ حيث كان أول من يدخل سيناء بتصريح من الأمم المتحدة قبل جلاء القوات الإسرائيلية بشهرين، وساهــم في أول مراجعــة لأفـكار «الجمـاعة الإسـلامية» عنـدما التقى بقادتهم لأكـثر من 4 أسابيع في سجــن العقرب بمصر. تعرض الراحل لمحاولة استهداف على يد «المتطرفين» عام 1987. وكان عضواً في مجلس «الشورى سابقاً» لأكثر من 4 دورات.
مكرم المولود في ثلاثينات القرن الماضي بمحافظة المنوفية في دلتا مصر، حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة عام 1957. وبدأ عمله الصحافي محرراً بصحيفة «الأخبار» الرسمية، ثم مديراً لمكتب صحيفة «الأهرام» الرسمية في دمشق بسوريا. وتدرج الراحل حتى وصل لمنصب مساعد رئيس التحرير في «الأهرام» ثم مديراً للتحرير. وفي عام 1980 شغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة «دار الهلال» الصحافية الرسمية، ورئيس تحرير مجلة «المصور» لمدة 24 عاماً. كما شغل منصب نقيب الصحافيين منذ عام 1989 حتى 1991. ومن عام 1991 حتى عام 1993. وفي عام 2007 خاض المعركة الانتخابية على منصب النقيب وحصل على أغلبية الأصوات، كما شغل منصب رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من عام 2017 حتى يونيو (حزيران) 2020.
للراحل تاريخ طويل من الإسهامات الإعلامية، ليس فقط على مستوى العمل المهني والإدارات التي تولى رئاستها؛ لكن أيضاً على مستوى المكانة التي شغلها بين صحافيّي جيله. وظل يكتب في «الأهرام» عبر عموده اليومي «نقطة نور». ونال عدداً من الجوائز والتكريمات خلال مشواره. وقد تبلورت أفكاره في مجموعة من المؤلفات، من بينها: «الثورة في جنوب الجزيرة»، و«أحاديث مع الإسرائيليين»، و«حوار مع الرئيس»، و«حوار أم مواجهة» عن مراجعات «الجماعات الإسلامية»، و«القدرة النووية المصرية - التحديات وأسباب الإخفاق».
ونعى صحافيون وإعلاميون ومسؤولون الراحل أمس، وقال وزير الدولة للإعلام، أسامة هيكل: «أثرى الراحل الصحافة بكتاباته المتميزة، وكان ممن التزموا أمانة الكلمة، وله تاريخ صحافي حافل، وشارك في أحداث محلية ودولية مهمة، ولاقى احترام جميع مصادره على المستويين المحلى والإقليمي».
وذكر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في بيان أمس: «فقدت مصر كاتباً وطنياً وقيمة كبيرة، شارك في معارك الوطن خلال فترات عصيبة، وكان في صدارة الذين وقفوا مساندين للدولة المصرية». وقالت الهيئة الوطنية للصحافة إن «الراحل أفنى حياته في خدمة الصحافة المصرية». كما نعى الاتحاد العام للصحافيين العرب، الراحل. وقال الاتحاد: «فقدت الصحافة المصرية والعربية كاتباً صحافياً كبيراً». وذكرت نقابة الصحافيين المصرية في نعيها: «قدّم الراحل لمهنته ووطنه وشعبه وأمته العربية، كل ما يملكه من موهبة وجهد من أجل تحقيق مستقبل أفضل لهم». كما نعى رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان)، حنفي جبالي، الراحل. وقال: «هو أحد رواد الصحافة والإعلام الذي ‏امتدت مسيرة عطائه لعدة عقود، عاصر فيها كثيراً من التحولات السياسية والاقتصادية».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».