وفاة مادوف... صاحب أكبر فضيحة مالية في التاريخ

قدّم عوائد مالية فلكية للمستثمرين وانتهى الأمر به سجيناً

برنارد مادوف كان يعاني من مرض في الكلى (أ.ف.ب)
برنارد مادوف كان يعاني من مرض في الكلى (أ.ف.ب)
TT

وفاة مادوف... صاحب أكبر فضيحة مالية في التاريخ

برنارد مادوف كان يعاني من مرض في الكلى (أ.ف.ب)
برنارد مادوف كان يعاني من مرض في الكلى (أ.ف.ب)

توفي برنارد مادوف، الرجل الذي ذاع صيته بعد أضخم فضيحة احتيال مالية شهدتها أسواق وول ستريت في تاريخها عام 2008، أمس (الأربعاء)، عن 82 عاماً في مركز باتنر الطبي الفيدرالي التابع لدائرة السجون بولاية نورث كارولاينا.
وكان مادوف يمضي عقوبة بالسجن مدتها 150 عاماً. لكن وكلاء الدفاع عنه طلبوا في فبراير (شباط) 2020 أن يطلق مبكراً لأن أمامه أقل من 18 شهراً فقط للعيش بعد دخوله المراحل الأخيرة من مرض في الكلى. وقال آنذاك، في مقابلة أجريت معه عبر الهاتف: «أنا مصاب بمرض عضال (...) لا يوجد علاج لنوع مرضي»، مشيراً إلى أنه أمضى 11 عاماً في السجن، «وعانيت من ذلك». وإذ عبر عن ندمه على أفعاله السيئة، أقرّ مجدداً بأنه «ارتكب خطأ فادحاً».
لكن مكتب المدعي العام الأميركي في نيويورك رفض طلب مالوف، قائلاً إن جريمته «غير مسبوقة من حيث النطاق والحجم»، وهي «سبب كافٍ» لرفض طلب مادوف، الذي كان مسؤولاً عن عملية احتيال بقيمة 20 مليار دولار، وتعد أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ.
بدأ احتيال مادوف بين الأصدقاء والأقارب ومعارف في أحد نوادي مانهاتن ولونغ آيلاند، مستغلاً العمل الخيري اليهودي، لكنه نما في النهاية ليشمل المؤسسات الخيرية الكبرى والجامعات والمستثمرين والأسر الثرية في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا. قاد مادوف مخططه الاحتيالي بأمان خلال الركود الحاد الذي أصاب الاقتصاد العالمي في أوائل التسعينات من القرن الماضي، ثم الأزمة المالية العالمية لعام 1998، والقلق الذي أعقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. لكن الانهيار المالي الذي بدأ في سوق الرهن العقاري في منتصف عام 2007، ووصل ذروته مع فشل مصرف ليمان براذرز في سبتمبر 2008، كان مادوف سببه.
وبدأ مسؤولو صناديق التحوط، والمستثمرون الآخرون، تحت ضغط عملائهم، بسحب مئات الملايين من الدولارات من حساباتهم لدى مادوف. وبحلول ديسمبر (كانون الأول) 2008، جرى سحب أكثر من 12 مليار دولار، ولم يكن هناك سوى القليل من الأموال الجديدة التي تدخل لتغطية عمليات الاسترداد.
وفي مواجهة الخراب، اعترف مادوف لابنيه بأن عملية إدارة الأموال التي يفترض أنها مربحة كانت في الواقع «كذبة كبيرة». فأبلغا اعترافه هذا إلى سلطات إنفاذ القانون، وفي اليوم التالي، أي 11 ديسمبر (كانون الأول) 2008، قبض عليه في منزله في مانهاتن.
اشتهر مادوف بتقديم عوائد فلكية لمستثمريه، بما في ذلك المخرج ستيفن سبيلبرغ والممثلين كيفن بيكون وكيرا سيدجويك وأحد مالكي متحف المتروبوليتان فريد ويلبون.


مقالات ذات صلة

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».