تعليق لقاح «جونسون آند جونسون» يربك خطط التطعيم الأوروبية

الدنمارك تتخلى نهائياً عن «أسترازينيكا»... وفرنسا تعده «أداة أساسية» لمكافحة الوباء

فون دير لاين تقدم إحاطة حول استراتيجية التطعيم الأوروبية في بروكسل أمس (رويترز)
فون دير لاين تقدم إحاطة حول استراتيجية التطعيم الأوروبية في بروكسل أمس (رويترز)
TT

تعليق لقاح «جونسون آند جونسون» يربك خطط التطعيم الأوروبية

فون دير لاين تقدم إحاطة حول استراتيجية التطعيم الأوروبية في بروكسل أمس (رويترز)
فون دير لاين تقدم إحاطة حول استراتيجية التطعيم الأوروبية في بروكسل أمس (رويترز)

لم تتمكن بلدان الاتحاد الأوروبي من الاحتفاء بقدوم لقاح «جونسون آند جونسون» (المعروف كذلك بلقاح «جانسين») الذي كانت تعقد عليه الآمال لتعويض التأخيرات المتكررة في تسلم جرعات لقاح «أسترازينيكا»، وتسريع وتيرة حملات التلقيح التي ما زالت متعثرة بعد 4 أشهر على انطلاقها.
وفي حين كانت الدفعات الأولى من لقاح «جانسين» تصل إلى العواصم الأوروبية، كانت وسائل الإعلام تتناقل قرار السلطات الأميركية تعليق استخدام هذا اللقاح احترازياً، في انتظار نتائج مراجعة 6 حالات تخثر دموي ظهرت إثر تناوله، وأدت إحداها إلى الوفاة، ما دفع بشركة «جونسون آند جونسون» هي أيضاً إلى تعليق تسليم الشحنات إلى الدول الأوروبية حتى جلاء ملابسات هذه التخثرات.
وليس واضحاً بعد لدى خبراء منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للأدوية، من خلال المراجعات والتحاليل التي أجريت حتى الآن على حالات التخثر الدموي التي ظهرت إثر تناول لقاحي «جانسين» و«أسترازينيكا»، ما الأسباب التي أدت إلى ظهورها، ولماذا تصيب في حالات نادرة جداً فئة جنسية وعمرية معينة. لكن الانطباع السائد حالياً بين الاختصاصيين أن مسبب هذه الإصابات قد يكون الناقل الفيروسي الذي يقوم عليه هذا اللقاحان، وهو من أصل بشري في حال لقاح «جانسين» وحيواني في حال لقاح «أسترازينيكا»، علماً بأن لقاح «سبوتنيك» الروسي يستخدم التقنية نفسها.
وأمام الارتباك الذي أثاره هذا التطور الأخير، وأضاف عقبة أخرى أمام حملات التلقيح في الاتحاد الأوروبي، ورفع منسوب الشكوك في أوساط الرأي العام، سارعت الحكومات إلى التطمين بأن إجراء تعليق استخدام هذا اللقاح مؤقت، وأن فاعليته تتجاوز بكثير المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن عدم تناوله.
لكن في موازاة ذلك، نقلت صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية الصادرة في ميلانو، عن مصدر مسؤول في وزارة الصحة الإيطالية، أن اتصالات تجري بين المفوضية الأوروبية وعدد من حكومات الدول الأعضاء لبلورة موقف موحد، وعدم تجديد العقود التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع شركات الأدوية التي تنتج اللقاح بتقنية الحمض النووي؛ أي «أسترازينيكا» و«جونسون آند جونسون»، وحصر مشتريات اللقاحات بدءاً من العام المقبل بتلك الشركات التي تنتجها بتقنية «RNA» المرسال؛ أي «فايزر» و«مودرنا».
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية تقوم على نقل التعليمات لإنتاج بروتين «Spike» الذي يستخدمه الفيروس، وتمكين الجسم من توليد مضادات معينة لتحصينه.
وبعد أن انضمت ألمانيا، أمس، إلى فرنسا، وقررت إعطاء لقاح بديل لمن تناول الجرعة الأولى من لقاح «أسترازينيكا» وكان دون الستين من العمر، أعلنت الدنمارك أنها قررت وقف استخدام هذا اللقاح بصورة نهائية بدءاً من اليوم (الخميس)، في حين تتجه إيطاليا وإسبانيا إلى استبدال «فايزر» أو «مودرنا» به لمن ينتظرون تناول الجرعة الثانية.
وفي المقابل، أكد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال، أمس، أن لقاح «أسترازينيكا» يمثل «أداة أساسية» في مكافحة «كوفيد - 19». كما أوضح أتال أن فرنسا ملتزمة بخطتها لحصر استخدام لقاح «جونسون آند جونسون» بالبالغين 55 عاماً أو أكثر، وذلك بعد تعليق استعماله في الولايات المتحدة.
وفي تطور مفاجئ، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، بعد ظهر أمس، أن الاتحاد الأوروبي سيوقع عقوداً جديدة لشراء 1.8 مليار جرعة لقاح مضاد للطفرات الجديدة العام المقبل، من غير أن تكشف عن الشركات التي تم التفاوض معها، الأمر الذي يمكن تفسيره بأنه تأكيد للمعلومات التي نشرتها صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية، من أن الاتحاد الأوروبي يتجه إلى حصر مشترياته من اللقاحات بشركتي «فايزر» و«مودرنا». وقالت فون در لاين إن الاتحاد سيتسلم 50 مليون جرعة إضافية من هاتين الشركتين قبل نهاية يونيو (حزيران) المقبل.
ومن المفاجآت الأخرى التي حملها المجلس الأوروبي، أمس (الأربعاء)، على الصعيد الصحي، الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الأعضاء لتقييد استخدام «الجواز الأخضر» وفترة صلاحيته، بما يتيح للسلطات الوطنية فرض التدابير الاحترازية التي تراها مناسبة، مثل الحجر الصحي أو الفحص الإلزامي، على من يحملون هذا الجواز الذي يثبت تلقيهم اللقاح ضد «كوفيد - 19».
وجاء في بيان صدر عن المجلس الأوروبي أن «الشهادة الخضراء الإلكترونية ليست جواز مرور لعبور الحدود الداخلية للاتحاد، والاعتراف بها يبقى مشروطاً بالتدابير المرعية في كل بلد لاحتواء الوباء، ويقع ضمن مسؤولية وصلاحيات الحكومات الوطنية». وأعرب الرئيس البرتغالي، أنطونيو كوستا، الذي كانت بلاده التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد قد تقدمت بهذا الاقتراح، عن ارتياحه لهذه الخطوة الأولى لتسهيل التنقل بحرية وأمان داخل الاتحاد، لكن من غير أن تكون شهادة التلقيح بمثابة وثيقة سفر، ومن أجل تعزيز مبدأ عدم التمييز ضد الذين لم يتلقوا اللقاح.
ويتزامن هذا التحول في الموقف الأوروبي من شهادة التلقيح مع ازدياد نسبة المواطنين الرافضين لاستخدامه بصفته وثيقة سفر تعفي حاملها من تدابير الوقاية والحظر، خاصة أنها لن تكون متاحة سوى لعدد قليل من سكان الاتحاد، في الأقل حتى نهاية السنة الحالية.
يذكر أن الإدارة الأميركية كانت قد قررت، الأسبوع الماضي، صرف النظر عن إصدار وثيقة تلقيح فيدرالية، وذلك لأسباب تتعلق بالسرية الشخصية والحقوق الأساسية. وفي المملكة المتحدة، وقعت مجموعة من النواب الذين ينتمون إلى أحزاب مختلفة عريضة ضد إصدار مثل هذه الوثيقة التي قالوا إنها يمكن أن تحد من التواصل الاجتماعي في الأمد الطويل.
وكانت الهيئة الأوروبية لحماية البيانات قد حذرت من مخاطر وثيقة التلقيح، وتحويلها إلى شرط لا غنى عنه للدخول إلى بعض الأماكن العامة أو مزاولة بعض الأنشطة، منبهة بأنها قد تحمل تداعيات غير محسوبة على الحريات الأساسية للمواطنين.
ورفض المجلس الأوروبي اقتراح المفوضية أن تمتد صلاحية هذه الشهادة إلى أن تعلن منظمة الصحة العالمية النهاية الرسمية للجائحة، وأن تستخدم أيضاً لتوسيع عطائها كي تشمل أمراضاً سارية أخرى، وقرر حصر صلاحيتها بسنة واحدة تنتهي في يونيو (حزيران) من العام المقبل. كما قرر المجلس حصر إصدار الشهادة باللقاحات التي وافقت على استخدامها الوكالة الأوروبية للأدوية، مع إمكانية إضافة اللقاحات الأخرى التي توافق عليها في المستقبل.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار في لبنان فرصة ضرورية للتهدئة لكنه لا يزال «هشاً»

تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)
تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار في لبنان فرصة ضرورية للتهدئة لكنه لا يزال «هشاً»

تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)
تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)

قال عمران ريزا، نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية، اليوم الأربعاء، إن وقف إطلاق النار فرصة ضرورية للتهدئة في لبنان إلا أنه لا يزال «هشاً».

وقال ريزا، في بيان، نشرته الأمم المتحدة في أعقاب زيارة ميدانية إلى النبطية: «لدينا مخاوف جدية بشأن الانتهاكات في مناطق معينة والتوترات المستمرة على طول الحدود في لبنان».

وعدّ المسؤول الأممي أن المشاركة الدولية المستمرة والمراقبة الصارمة ستلعبان دوراً ضرورياً في إرساء الاستقرار خلال فترة وقف إطلاق النار التي تمتد إلى 60 يوماً.

وأضاف أن التقديرات الحالية تشير إلى بدء عودة النازحين البالغ عددهم نحو 600 ألف إلى ديارهم، مشيراً إلى أنّ وجهة نحو الثلثين منهم هي محافظات الجنوب والنبطية، غير أنه قال: «لا شك أنّ رحلة عودتهم إلى ديارهم ستشوبها تحديات ملحوظة».

وأوضح قائلاً: «لقد دُمّرت العديد من المنازل، وتضرّرت البنية التحتية بشدة، خاصة أن مستوى التدمير في مناطق الجنوب والنبطية كان مهولاً، حيث تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي».

وذكر ريزا أن الاستجابة الإنسانية تتطوّر بشكل مستمر لتواكب الاحتياجات المتغيرة على الأرض، غير أنه أكد ضرورة توفير القدرة على وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وضمان التمويل المستدام ودعم المانحين.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي، لينهي أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.