إيران وروسيا {جبهة واحدة} في مواجهة الغرب

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أمس (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أمس (رويترز)
TT

إيران وروسيا {جبهة واحدة} في مواجهة الغرب

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أمس (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أمس (رويترز)

شكّلت موسكو وطهران، أمس، جبهة موحدة في مواجهة واشنطن والأوروبيين عشية الجولة الثانية لمحادثات فيينا الهادفة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في طهران: «نعوّل على إمكان إنقاذ الاتفاق وعلى أن تعود واشنطن إلى التطبيق الكامل والشامل لقرار الأمم المتحدة ذي الصلة»، داعياً واشنطن مجدداً إلى رفع العقوبات عن طهران. وقال إن «كل العقوبات الأحادية الجانب التي اتخذتها واشنطن في انتهاك مباشر للاتفاق يجب أن تُلغى».
وفي وقت تشهد العلاقات بين بلده والدول الغربية مرحلة توتر جديدة، لا سيما بشأن أوكرانيا، حمل وزير الخارجية الروسي بقوة على الاتحاد الأوروبي الذي يهدد، برأيه، الجهود الجارية راهناً بعدما أعلن أول من أمس (الاثنين)، فرض عقوبات على مسؤولين أمنيين إيرانيين لدورهم في القمع العنيف لمظاهرات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وأضاف: «في الاتحاد الأوروبي لا تنسيق بتاتاً، فاليد اليمنى لا تعرف ما تفعله اليد اليسرى، هذا أمر مؤسف». وتابع: «إذا اتُّخذ القرار عمداً في خضم محادثات فيينا الهادفة إلى إنقاذ الاتفاق النووي، فهذا ليس مؤسفاً بل هو خطأ أفظع من جريمة»، داعياً الأوروبيين إلى اتخاذ «إجراءات للحؤول دون فشل المفاوضات».
ورداً على قرار الاتحاد الأوروبي الذي ينسّق مباحثات فيينا، أعلنت طهران مساء الاثنين تعليق «كل حوار حول حقوق الإنسان» مع الدول السبع والعشرين، فضلاً عن تعاونها مع أوروبا بشأن «الإرهاب و(مكافحة تجارة) المخدرات واللاجئين».
وقال ظريف من جهته إن أوروبا «بعجزها عن الإيفاء بتعهداتها (في إطار اتفاق فيينا) وبإذعانها للضغط الأميركي أثبتت أن فائدتها على الساحة الدولية تتلاشى تدريجياً»، مضيفاً أن دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين لا تتمتع بأي «تفوق أخلاقي»، وذهب أبعد من ذلك، عندما اقتبس بيت شعر من حافظ الشيرازي، وشبّه الأوروبيين بـ«الذبابة» التي تريد أن تستعرض في ملعب طائر «العنقاء»، وهو الذي يردده أصحاب النزعة القومية الإيرانية عادةً.
وقال ظريف: «لا مشكلة لدينا في العودة إلى التزاماتنا... لكن لِيعلم الأميركيون أنه لا العقوبات ولا أعمال التخريب ستزوّدهم بأدوات للتفاوض، وأن هذه الأعمال ليس من شأنها سوى أن تجعل الوضع أكثر تعقيداً بالنسبة إليهم».
ووجه الوزير الإيراني رسالة إلى إسرائيل، بقوله: «إذا ظنّت أن الهجوم سيُضعف يد إيران في المحادثات النووية فإنها تكون بذلك قد لعبت مقامرة بالغة السوء... على العكس سيعزّز موقفنا». وتابع: «على الولايات المتحدة أن تعلم أنه ليس بإمكانها استخدام الحظر والأعمال التخريبية كأدوات للتفاوض، بل إن هذه الإجراءات ستجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لهم». وقال البيت الأبيض أول من أمس، إن الولايات المتحدة ليست ضالعة في هجوم يوم الأحد ولا تعليق لديها على التكهن بسبب الحادث.
وتشارك في محادثات فيينا الدول التي لا تزال طرفاً في الاتفاق النووي، أي ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وإيران وروسيا، برعاية الاتحاد الأوروبي. وواشنطن معنية أيضاً بهذه المحادثات لكن من دون أي لقاء مباشر مع الإيرانيين.
وقال ظريف: «ما حدث في نطنز يجعل من الممكن أن تفعل إيران كل ما يلزم قانوناً... للتعويض عن هذه الحماقة الإرهابية». وأضاف: «أطمئنكم بأن أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً ستوضع في منشأة نطنز في القريب العاجل» حسب «رويترز».
وقالت الحكومة الإيرانية إن أهداف زيارة لافروف هي «تعزيز العلاقات الثنائية وتمديد مذكرة التعاون التي يجددها الطرفان كل خمس سنوات»، كما يوقّع الوزيران على وثيقة لإقامة مراكز ثقافية، فضلاً عن مشاورات حول مباحثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، ورفع العقوبات.
وشدد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية على «وحدة الموقف» بين موسكو وطهران لرفع العقوبات الأميركية.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».