مرسوم الحدود البحرية الجنوبية يصطدم برفض عون التوقيع

لبنان يدعو سوريا إلى ترسيم المياه الإقليمية في الشمال

وزير الخارجية اللبناني شربل وهبه خلال استقباله السفير السوري أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية اللبناني شربل وهبه خلال استقباله السفير السوري أمس (إ.ب.أ)
TT

مرسوم الحدود البحرية الجنوبية يصطدم برفض عون التوقيع

وزير الخارجية اللبناني شربل وهبه خلال استقباله السفير السوري أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية اللبناني شربل وهبه خلال استقباله السفير السوري أمس (إ.ب.أ)

فاجأ الرئيس اللبناني ميشال عون الجميع برفضه توقيع مرسوم يزيد من المساحة التي يطالب بها لبنان في المنطقة الاقتصادية البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل. وفي حين بررت الرئاسة اللبنانية القرار بعدم قانونيته لأنه يحتاج إلى عقد جلسة للحكومة بناءً على رأي هيئة التشريع والاستشارات، فسّر معارضون القرار بأنه «محاولة جديدة من رئيس الجمهورية ميشال عون لإعادة إحياء حكومة تصريف الأعمال وتأجيل المشكلة لتهدئة الغضب الإسرائيلي الذي هدّد بوقف المفاوضات».
وفي بيان لها، أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، أنها وجّهت كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء جاء فيه، أن مشروع المرسوم الوارد من رئاسة مجلس الوزراء لتعديل المرسوم 6433، يحتاج إلى قرار يتخذه مجلس الوزراء مجتمعاً وفقاً لرأي هيئة التشريع والاستشارات، حتى في ظل حكومة تصريف الأعمال نظراً إلى أهميته والنتائج المترتبة عليه، خصوصاً أن الوزراء الموقعين ربطوا توقيعهم بإقرار المرسوم في مجلس الوزراء.
وأكدت أنه «لرئيس الجمهورية أن يحدد ما يرتأيه الأفضل لحفظ الوطن، وهو مؤتمن على ذلك بالدستور والقسم»، مشيرة إلى أن «فخامة الرئيس يدعو اللبنانيين إلى الوثوق بقوة الموقف اللبناني، ويقول لهم: تأكدوا أن الأمور لن تجري إلا بما يؤمّن كامل حقوق لبنان براً وبحراً».
وفي حين أكدت مصادر في «التيار الوطني الحر»، مقرّبة من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»، أن عون لم يرفض التوقيع على المرسوم، وكان ردّه واضحاً أنه يحتاج إلى اجتماع للحكومة نظراً إلى أهميته والنتائج المترتبة عليه، ولا يمكن أن يمرّ عبر موافقة استثنائية، اعتبر الوزير السابق ونقيب المحامين السابق في الشمال رشيد درباس أن ردّ عون محاولة لإعادة إحياء حكومة تصريف الأعمال ورسالة استباقية لوكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الأميركية ديفيد هيل الذي وصل إلى بيروت أمس للقاء مسؤولين، ولتهدئة غضب الإسرائيليين الذين هددوا بوقف المفاوضات.
وقال درباس لـ«الشرق الأوسط»، «المخرج القانوني الذي استند إليه الرئيس عون يؤكد بشكل مباشر أو غير مباشر ما سبق لعون أن أعلنه لجهة اعتباره أن الحريري لا يمكنه ترؤس حكومة اختصاصيين، وبالتالي محاولته إعادة إحياء الحكومة المستقيلة ولو بشكل قيصري عبر محاولة فرض عقد جلسة لمجلس الوزراء، وكأنه يقول للحريري إن البديل عنك جاهز». وربط درباس بين موقف عون وزيارة ديفيد هيل إلى بيروت والموقف الإسرائيلي عبر تهديد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز بوقف المفاوضات، قائلاً إن عون «حاول بموقفه تبريد الغضب الإسرائيلي والأميركي قبيل زيارة هيل عبر تأجيل المشكلة ليس أكثر». وكانت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان قد توقّفت بعد أربع جلسات عقدت في مقر الأمم المتحدة في رأس الناقورة (جنوب لبنان) إثر مطالبة لبنان توسيع المساحة المتنازع عليها مع إسرائيل لتصل إلى 2290 كيلومتراً مربعاً عوضاً عن 860 كلم.
ويوم أول من أمس، كانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد أحالت إلى رئاسة الجمهورية اقتراح وموافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على مشروع المرسوم ‏بعدما وقّع عليه وزيرا الدفاع زينة عكر والأشغال ‏العامة والنقل ميشال نجار؛ وذلك لأخذ الموافقة الاستثنائية عليه من رئيس الجمهورية لإصداره وفقاً للأصول التي يتم ‏اتباعها في جميع الملفات التي تستدعي العرض على مجلس الوزراء، بحيث إنه يستعاض عن موافقة مجلس الوزراء ‏بموافقة استثنائية تصدر عن رئيسي الجمهورية والحكومة، وعلى أن يصار إلى عرض ‏الموضوع لاحقاً على مجلس الوزراء على سبيل التسوية.‎، بحسب بيان رئاسة الحكومة.
وكان نجار أوضح بعد توقيعه المرسوم، أنه يتعلق بترسيم الحدود البحرية ويحدد ‏المنطقة الاقتصادية وفقاً للوائح إحداثيات النقاط الجغرافية المبينة والموضحة ‏على الخريطة البحرية الدولية الصادرة عن الأدميرالية البريطانية ليصار إلى ‏عرضه على مجلس الوزراء وفقا للأصول‎.‎
ولفت إلى أن هناك رسالة واضحة وجهها رئيس الجمهورية اللبنانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي تتكلم عن تغييرات حصلت في مرسوم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة تؤكد أحقية لبنان بجزيرة «كاريش» وبعض الكيلومترات التي قضمتها إسرائيل إذ دفشت حدود لبنان إلى 1800 كيلومتر مربع، معتبراً أنّ هذه الرسالة كافية للحفاظ على حق لبنان في المياه الإقليمية وما فيها من ثروات نفطية وغازية تقدر بالمليارات.
في موازاة ذلك، سلم وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه سفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم علي مذكرة تتضمن «تأكيد الموقف اللبناني من ترسيم مياهه الإقليمية ودعوة السلطات السورية للتفاوض حول الترسيم من منطلق العلاقات الأخوية على أساس قانون البحار الدولي».
وبعد اللقاء الذي استمر أكثر من ساعة، تمنى السفير السوري أن «يجد لبنان مخارج حكومية ومواجهة كل التحديات التي يعاني منها». وقال «استمعت من الوزير وهبه إلى شرح حول ما حدث في مفاوضات الحدود البحرية مع إسرائيل وقد عبرت عن ارتياحي لما أنجز بالأمس وما يستكمل في رئاسة الحكومة وفي القصر الجمهوري مع فخامة الرئيس»، معلناً أنه سينقل «رغبة الوزير وهبه والقيادة في لبنان بما يخص التفاوض في كل الملفات ومن ضمنها الحدود البحرية».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.